على ما يبدو ان عجلة الانتاج الدرامي السوري لم تتوقف طويلاً عن الدوران فبعد استراحة قصيرة بدأت بعض شركات الانتاج التلفزيوني الكبيرة استعداداتها للبدء في تصوير أعمال درامية جديدة «ملوك الطوائف» ليس عنوان لمسرحية الرحابنة الأخيرة وإنما عنوان لمسلسل تاريخي ضخم تستعد لانتاجه شركة سورية الدولية للانتاج الفني التي قدمت في رمضان الماضي الرائعة التلفزيونية «التغريبة الفلسطينية» ويأتي هذا العمل استكمالاً لمشروع درامي شامل للشركة لمعالجة أهم مفاصل التاريخ الأندلسي معالجة درامية: بدءاً من مرحلة التأسيس في (صقر قريش) ومرحلة الأوج وبداية التحول في (ربيع قرطبة) الذين عرض في عوامل سابقة. ويتوقع ان يمثل هذا المسلسل الجديد قفزة في المستوى الانتاجي والفني العربي. ويسلط العمل الضوء على مرحلة «ملوك الطوائف» في الأندلس، التي شهدت تمزق الأندلس إلى دويلات كثيرة متناحرة، الأمر الذي يتيح لمملكة قشتالة في الشمال أن تستغل الأوضاع المتردية لتوسيع حدودها ولكبح القوة الأولى المتحكمة في شبه الجزيرة الايبرية لأول مرة منذ الفتح، وتفرض شروطها المذلة على ملوك الطوائف الذين يستقوي كل منهم بقشتالة على الآخر. حيث تبرز في ذاك العصر مملكة «اشبيلية» لتصبح أهم ممالك الطوائف الأندلسية، إلا ان ملكها الشاعر الفارس العاشق: المعتمد ابن عباد يخضع كغيره لاملاءات قشتالة، وتبلغ المأساة ذروتها بسقوط مملكة طليطلة إلى الأبد. ويبدو في تلك اللحظة ان الأندلس كلها توشك على السقوط لولا تدخل المرابطين، وأيدهم المجاهد الكبير يوسف بن تاشفين الذي تمكن من تأسيس مملكة قوية عظيمة في المغرب الكبير. وينتصر ابن تاشفين على جيوش قشتالة في إحدى أهم المعارك التاريخية معركة الزلاقة، وبذلك يمنح الأندلس دفعة جديدة تمتد أربعة قرون أخرى. ويضطر أخيراً إلى خلع ملوك الطوائف الذين أثبتوا عجزهم، ويوحد الأندلس وينتهي كبير ملوك الطوائف (المعتمد بن عباد) نهاية تراجيدية أسيراً بائساً فقيراً في قرية نائية في المغرب. يتابع المسلسل تطور الأحداث في الأندلس من جهة، وتطور بناء دولة المرابطين في المغرب بالتوازي إلى ان يلتقي الخطان باستجابة المرابطين لصريخ الأندلس وعلى الرغم من تردي الأوضاع السياسية فإن هذا العهد يعد من أزهى عصور الأندلس من النواحي الثقافية والأدبية والفنية والعمرانية. وفضلاً عن الوقائع التاريخية الكبرى، فإن قصة الطوائف متخمة بالأحداث الدرامية الإنسانية المؤثرة التي تتجاوز بها المعالجة الدرامية خصوصية الزمان والمكان لتخاطب المشاهد المعاصر وقضاياها الراهنة. الجدير بالذكر ان المسلسل من تأليف الدكتور وليد سيف وإخراج حاتم علي اللذين قدما مع سورية الدولية للانتاج الفني (صلاح الدين الأيوبي) و(صقر قريش) و(ربيع قرطبة) و(التغريبة الفلسطينية) وحصلت أعمالهم على الجوائز الذهبية للانتاج والنص والاخراج للسنوات المتتالية في مهرجان القاهرة السنوي للاذاعة والتلفزيون. وعلمت «الرياض» ان المخرج حاتم علي استكمل تقريباً اكتشاف مواقع التصوير للمسلسل والتي تشمل المغرب وتونس والجزائر وسوريا ولبنان.