الإسراف ظاهرة تنتشر في كثير من المجتمعات ولعل المجتمعات العربية عامة والمجتمعات الخليجية خاصة من المجتمعات التي تسود فيها هذه الظاهرة، وخاصة في الأفراح والمناسبات الاجتماعية المختلفة. فنحن نسرف في إنفاق الأموال ونسرف في الولائم ونسرف حتى في المجاملات... ولاشك ان الاعتدال في الانفاق في المال وحتى في المجاملات من المظاهر الحضارية. وقد ورد الحث على عدم الإسراف في القرآن الكريم في قوله تعالى:- (وكلوا واشربوا ولا تسرفوا) بالاضافة إلى الأحاديث النبوية الشريفة في الحث على عدم الإسراف. وتسهم الإعلانات التجارية في عالمنا المعاصر على الإسراف في الشراء.. ويبدو أن حب الشراء أو التملك غريزة طبيعية عند الإنسان، ولهذا فمن السهل أن تغري هذه الإعلانات المتناثرة كثيراً من الناس على الشراء بشكل مكثف أو بصورة عشوائية. والإعلانات في عالمنا المعاصر أكثر من أن تحصى، وهي في كل مكان، في المطبوعات، في القنوات الفضائية، في الاذاعات، بل انها على أرصفة الشوارع، وفي الطرقات ولهذا لا يمكن للإنسان أن يتجاهلها أو يتناساها. ولاشك أن الإسراف في الشراء من خلال الإعلانات التجارية سيجعل كثيراً من السلع الكمالية تزاحم الإنسان في بيته وربما في مكتبه وسيارته وتجعله يضيق بها، وربما يحاول أن يتخلص منها بعد أن صرف كثيراً من ماله على شرائها. إن الإنسان المعاصر في حاجة إلى القناعة أكثر من أي وقت مضى. والقناعة لا توجد إلا عندما يكون الإنسان على درجة عالية من الإدراك والوعي، وأن يمتلك إرادة قوية مع تفكير ومعرفة بما ينفعه، وبما لا يؤثر على حياته أو بيته أو ماله. ومع ذلك فإنني أرى بأن لجمعية حماية المستهلك دور في تثقيف المواطن والمقيم وتوعيته بضرر بعض الإعلانات التجارية على صحته وماله. إن التوازن بين احتياجات الإنسان وامكاناته المادية والصحية يمكن أن يقود الإنسان إلى حياة متوازنة وسعيدة بإذن الله تعالى.