أعتقد جازماً ومن خلال تجربة عملية أمضيتها مساعداً لأمين عام الغرفة التجارية الصناعية بالرياض لفترة تقارب الخمسة أعوام أنّ عمل الغرف التجارية الصناعية بالمملكة وخاصة في المناطق الرئيسية منها يمثل دوراً وطنياً يضاف إلى دوره في تنظيم وتسهيل ومتابعة شئون القطاع الخاص في مجالاته المختلفة التجارية منها والصناعية.. وعندما تقوم تلك الغرف بدور وطني يتعامل مع الآخر (الدول الأخرى) ممثلة للوطن سواء عن طريق الوفود التجارية السعودية المغادرة أو عمليات الاستقبال والتواصل والمحاورة مع الوفود الأجنبية القادمة للوطن أو من خلال مجالس الأعمال التي يحتضنها مجلس الغرف السعودية والتي تعمل جاهدة على تطوير آليات التعاون والتنسيق بين القطاعات الاقتصادية المحلية والأجنبية أيضاً، فإنّ دورها يُعد مهماً للغاية ويجب أن يكون القائمين عليها في مستوى يتناسب مع ذلك الدور الوطني الكبير.. وحيث اعتاد مجلس الغرف منذ تأسيسه على أن يتم التناوب على رئاسته بين الغرف الثلاث الرئيسة لما لها من خبرة واسعة وعلاقات محلية مع صناع القرار الاقتصادي وكافة مكونات الحراك الاقتصادي الوطني ومع القطاعات والغرف التجارية والصناعية في دول العالم الأخرى فإنني أتساءل بشيء من الاستغراب ما الذي يدفع بمجلس الغرف السعودية حالياً للترتيب لانتخاب رئيس مجلس إدارته لدورته القادمة فقد تابعت باستغراب شديد ما يدور من حوارات حول موضوع رئاسة ذلك المجلس، وأتابع باستمرار هذه القضية وما يدور حولها من طروحات كشأن وطني مهم في نظري وما يطرح (باستغراب شديد) من توجهات لإتاحة الفرصة للغرف الصغيرة (حجماً ودوراً وقدرات) للتناوب على رئاسة هذا المجلس الوطني أو العمل على التجديد لغرفة جدة لمواصلة رئاستها للمجلس!! وهو شأن غير منطقي مطلقا ومخالف لما كان يتم باستمرار من مسألة تناوبية على رئاسة المجلس وهو ما كان يحقق كثيرا من الرضا والاستقرار والأداء الجماعي التكاملي الهادف أولا وأخيرا لخدمة الوطن العزيز وقطاعاته الاقتصادية المختلفة.. ويتشكل استغرابي الذي أشعر به (من رؤية وطنية) بسبب ما حققته الغرف الرئيسية بمناطق المملكة المختلفة من نمو ومن دور وطني رائد وما حققه مجلس الغرف الذي اعتاد أن يتناوب على رئاسته رؤساء مجالس إدارات الغرف الرئيسية الثلاث (الرياض، جدة، الشرقية) من نقلات اقتصادية وتنظيمية متميزة، وما يتمتع به مجلس إدارته من تعاون وتكامل دون أي مكدرات لصفو أدائه ودون أي مشاحنات أو ضغناء قد تفسد جودة ذلك الأداء!! ولما يعيشه الوطن في الفترة الحالية من نمو اقتصادي وحراك في مجالات مختلفة ومن نمو كبير في علاقات الوطن الاقتصادية، وهو ما يحتم على الجميع التعاضد من أجل مساندة هذه الجهود الوطنية الخيّرة والعمل على استمراريتها.. بل نمائها وتطورها، ومن هنا فإنني أتساءل بشيء من الأسف عن مبرر طروحات تتجه إلى أنّ استمرارية رئاسة المجلس لدورة أخرى من قبل الغرفة الحالية (غرفة جدة) أو الدعوة إلى أن تتناوب جميع الغرف (الصغيرة منها والكبيرة) على رئاسة هذا المجلس الاقتصادي الوطني، ولتساؤلي ما يبرره من حيث طبيعة الأداء الممارس حاليا وطبيعة انسيابية رئاسة المجلس منذ تأسيسه وبالنظر أيضا إلى حجم تلك الغرف التي يزيد عدد منتسبي الرئيسية منها كماً على الخمسين ألف مشترك ونوعاً عن المئات من الأنشطة والبرامج الاقتصادية المتميزة، وما تحظى به لجانها من عضويات لأشخاص يديرون منشآت اقتصادية ضخمة جداً تساهم في الأداء الاقتصادي الوطني، وبين غرف صغيرة لا تزيد مقارها (عن فلة سكنية متواضعة) وأعضاء ربما لا يمارس أكثرهم تجارة عن تجارة المواد الغذائية أو المكاتب العقارية المتواضعة أو المزارع الصغيرة.. وبقدر إيماني بأهمية إتاحة الفرصة للمشاركة للجميع فإنني أقترح التالي: أولاً: حصر رئاسة مجلس الغرف على الغرف الرئيسية الثلاث بالتناوب، دون أي عمليات انتخابية على أن يتم ذلك بالتناوب لفترة واحدة فقط لكل منها. ثانياً: أن تتم إتاحة الفرصة للغرف الأخرى للتنافس من خلال الانتخاب لموقع نائب رئيس مجلس الغرف، وكذلك اللجان المختلفة ومجالس الأعمال. ففي نظري أنّ من سيقوم بقيادة مجلس الغرف ومن سيقوم برئاسة الوفود المغادرة ورئاسة الجانب السعودي للاجتماع مع الوفود القادمة يحتاج إلى كثير من التأهيل والخبرة والممارسة ومزيداً من الحضور الاجتماعي والسياسي والاقتصادي والوطني، وهو ما لا أعتقد بتوفره لدى رؤساء الغرف الصغيرة التي كان كثير منها عبارة عن فروع لتلك الغرف الرئيسة مع تقديري للجميع وأمنياتي لأن تقوم وزارة التجارة والصناعة بدور مهم وطني فاعل في هذا المجال.. فهل تفعلها أم تغمض العين.. ولكم كل التحية.