عبّر باحثون في شؤون التاريخ والآثار عن ارتياحهم وتقديرهم لجهود الفريق الأثري المختص التابع لهيئة السياحة والآثار، والذي يُنقب حالياً في منطقة الدفي الأثرية (إسكان كلية الجبيل الصناعية) التي يعتقد أنها تعود لنحو 200 عام قبل الميلاد، مؤكدين وصول الفريق الأثري لنتائج مبشرة في تلك المنطقة التي تعتبر منطقة حضارة. وأشار الباحثون إلى أن الاكتشاف الأثري في تلك المنطقة سيسهم في تعزيز أهميتها من الناحية الأثرية والتاريخية، خاصة أن كثيراً من الأواني الفخارية تم اكتشافها، ما يعني مقدرة الفريق الأثري على تحليل مدة زمنها. وقال الباحث في شؤون الآثار «عبدالخالق الجنبي»: «إن منطقة الدفي تعتبر من الدرجة الأولى أثرياً في المنطقة الشرقية، وهي بالغة الأهمية، كما كانت الميدان القديم لما عرف تاريخياً بالعينين وهي منطقة الجبيل الحالية»، مضيفاً «أن المنطقة التي يجري التنقيب فيها كانت سابقاً الميناء وقبل ذلك كانت مدينة ثاج العظيمة التي تبعد عن الموقع نحو 110 كيلو»، مشيراً إلى أن اكتشاف فخاريات كثيرة له دلالاته العلمية والأثرية، وتابع: «يدل اكتشاف الفخاريات على قيام حضارة في المنطقة»، مستدركا «لا نستطيع بعد تحديد عمر المنطقة بالدقة إلا بعد قيام الفريق الأثري بكل المسح المعتمد في مثل هذه الحالات»، مشيراً إلى أن الصخور التي تتشكل منها الجدران تعتبر مبنية بشكل حرفي عال، وتابع «إن تركيب الصخور يشبه تركيب صخور مدينة ثاج، وهذا مؤشر أنها من نفس العمر»، مستدركاً «لا نريد الاستعجال في الحكم على عمرها الزمني». علي الدرورة وعن المنجزات التي حققتها الهيئة العامة للسياحة والآثار، ممثلة في فريقها العلمي الأثري قال الجنبي: «إننا كباحثين ننظر بعين الرضا للمنجزات التي تحققت، وبخاصة أن الهيئة تمكنت من تحقيق نتائج ملموسة للناس، مثل المكتشفات الأخيرة والسريعة، ونقترح على الهيئة بوضع مقتنيات المنطقة الشرقية ضمن المتحف الخاص بالشرقية، وذلك تشجيعا للوضع السياحي في المنطقة، كما ننصح بعمل متاحف للمناطق التي اكتشفت فيها الآثار من طريق تسويرها ونزع ملكيتها». أما الباحث في مجال التاريخ «علي الدرورة»، فقال عن اكتشاف الدفي: «تعد حفريات الدفي أهم مدينة هيلينستية كاملة العمارة على الساحل الشرقي»، مؤكداً على أن كشف اللثام عن أحد أهم المدن الهيلينستية في منطقة الدفي بمدينة الجبيل يعد حدثا أثريا هاما للبلاد. وعن تسميتها قال: «استمدت تسميتها من كلمة هيلين، وهي الاسم الإغريقي الذي يطلقه اليونانيون على أنفسهم، هي فترة متأخرة من الحضارة الإغريقية، وتمتد منذ أوائل القرن الرابع قبل الميلاد وحتى القرن الخامس الميلادي». عبدالخالق الجنبي وشدد «الدرورة» على أن الفريق الأثري العامل في الحفرية يعتبر من أكفء العاملين في هذا المجال، و»أن الباحثين التاريخيين والأثريين يشكرون جهود الفريق الذي أسهم في اكتشاف كنوز البلاد التي تحوي تاريخه الموغل في الزمن». وعن أهمية الموقع التاريخي المكتشف قال: «إن العمارة الهيلينية المكتشفة تعطينا دلالات معمارية مهمة للإنسان الذي عاش في الجبيل قبل 2100 عام، منها استخدام العقود والأقبية الاسطوانية المسندة على جدران ضخمة، واستخدام العقود والأقبية العرضية لحماية المباني، واستخدام القبب، وهي من ميزات العمارة الهيلينستية، واستخدام الأكتاف والدعائم لمماشاة خطوط الشد في القوام، وكذلك الجدران العريضة والواضحة بشكل لافت، واستخدام الأعمدة الدقيقة في منظور المداخل والواجهات، واستخدام الأبراج والنوافذ الصغيرة فيها للحماية، واستخدام التجويفات داخل الجدران العريضة، ويبدو كما أعتقد شخصيا بأنها مخازن للجرار»، مضيفاً «إن من أهم مميزات هذه العمارة، استعمال المواد بحسب طبيعتها، فلم تستنسخ الأشكال التي كانت تستعمل في الخشب عندما استعمل الحجر بدلا منه، كما كان عليه الحال في أبنية أغلب البلدان، فاستعمل الحجر والخشب وفق ظروف وخصائص معمارية معينة».