في الحادي عشر من نيسان/ إبريل 2011، أصدر معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SIPRI) تقريراً حول الإنفاق العسكري العالمي عام 2010. وقد أفاد التقرير بأن هذا الإنفاق قد بلغ 1630 مليار دولار، مسجلاً زيادة قدرها 1.3% على العام 2009. وتعتبر هذه النسبة الأقل من نوعها، خلال الفترة بين عاميْ 2001 – 2009. ويحدد حجم الإنفاق العسكري ما تخصصه الدول من ناتجها القومي الإجمالي لمجال الدفاع والأمن، سواء لاستيراد الأسلحة من الخارج، أو تصنيعها محلياً، وللتطوير والبحث العلمي من أجل الارتقاء بالتكنولوجيا العسكرية ، كما أنه يحدد مدى إدراكها لوجود تهديد خارجي لأمنها القومي، وما تتكبده من تكلفة مالية على نشاطها العسكري، وهذه التكلفة هي بمثابة مدخلات للقطاع العسكري، ولذا فإنها لا تعتمد بمفردها لتقدير القوة الأمنية أو العسكرية، التي هي مخرجات لذلك القطاع. فتلك القوة بشقيها، تتوقف على التوازن بين فئات الإنفاق المختلفة ضمن ميزانية الدفاع، التكلفة، مستوى التكنولوجيا والتدريب، وعلى الرؤية الاستراتيجية السائدة. وما يمكن قوله ختاماً، على صعيد الإنفاق العسكري العالمي، بصفة عامة، هو أنه ليس هناك من طرق ووسائل مجمع عليها لحساب حجم الإنفاق العسكري للدول، وما هي طبيعة البنود التي يجب أن يشملها. وغالباً ما يكون هناك خلط بين الإنفاق الدفاعي العسكري، والإنفاق الأمني العام، ووفقاً لتقرير سيبري الجديد، جاء ترتيب أول خمس دول من حيث الإنفاق العسكري عام 2010 على النحو التالي: الولاياتالمتحدة (698 مليار دولار)، الصين (119 مليار دولار)، بريطانيا (59.6 مليار دولار)، فرنسا (59.3 مليار دولار)، روسيا (58.7 مليار دولار). وقد بلغت نسبة الإنفاق العسكري إلى الناتج القومي الإجمالي 4.8% في الولاياتالمتحدة، في حين بلغت في الصين 2.1%، بريطانيا 2.7%، فرنسا 2.3% وروسيا 4%. على صعيد عالمي، بلغت الزيادة في الإنفاق العسكري خلال الفترة بين 2001 – 2010 ما نسبته 50%. وجاءت هذه النسبة في المناطق الجغرافية المختلفة على النحو التالي: أفريقيا 64% (69% في شمال أفريقيا، و 61% في أفريقيا جنوب الصحراء)، الأميركتان 76%، موزعة على 28% في أميركا الوسطى والكاريبي، 80% في أميركا الشمالية و 42% في أميركا الجنوبية. وجاءت نسبة الزيادة في الإنفاق العسكري في الفترة ذاتها في آسيا والأوقيانوس 64%، في وسط وجنوب آسيا 50%، شرق آسيا 70%، جنوب شرق آسيا 60%، أوروبا 12% والشرق الأوسط 35%. وفي العام 2010، ساهم الشرق الأوسط بما نسبته 7% من إجمالي الإنفاق العسكري العالمي، مقابل 2% لأفريقيا، 4% أميركا اللاتينية، 23% أوروبا، 19 % آسيا والأوقيانوس، و45% أميركا الشمالية. وبالأرقام المطلقة، ارتفع الإنفاق العسكري في منطقة الشرق الأوسط من 78.2 مليار دولار في العام 2001 إلى 111 مليار دولار في العام 2010. وكان هذا الإنفاق قد بلغ 95.9 مليار دولار في العام 2006. واستناداً إلى تقرير صادر عن سيبري، في آذار/ مارس 2010، فقد تلقى الشرق الأوسط ما نسبته 17% من إجمالي صادرات الأسلحة التقليدية على المستوى الدولي. ويشير التقرير، الذي يغطي الفترة بين 2005 – 2009، إلى أن الانتقالات الدولية للأسلحة التقليدية الرئيسية قد ارتفعت بنسبة 22% قياساً بالفترة الممتدة بين 2000 -2004، التي غطيت في تقرير سابق. على صعيد وسط وجنوب آسيا، سجلت المنطقة إنفاقاً بالأرقام المطلقة قدره 52.1 مليار دولار في العام 2010، صعوداً من 29.8 مليار دولار عام 2001. وكان هذا الإنفاق قد بلغ 37.3 مليار دولار عام 2006. وقد بلغ إجمالي الإنفاق العسكري لباكستان خلال الفترة بين 1990 – 2009 حوالي 52 مليار دولار. وبلغت نسبة هذا الإنفاق إلى الناتج القومي الإجمالي 2.6% في العام 2008. وكانت هذه النسبة قد بلغت 3.7% عام 2000. واستوردت باكستان أسلحة ومعدات عسكرية في الفترة بين عاميْ 1999 – 2009 بقيمة 6.5 مليارات دولار، كان نصيب الصين منها 2.4 مليار دولار، فرنسا 1.2 مليار دولار والولاياتالمتحدة 1.1 مليار دولار. وقد بلغت قيمة الطائرات الحربية من الواردات العسكرية الباكستانية في الفترة ذاتها 2.4 مليار دولار، السفن الحربية 1.3 مليار دولار، والآليات المدرعة مليار دولار. إلى ذلك، استمر الإنفاق العسكري الصيني في تسجيل معدلات عالية، وارتفع من 17.2 مليار دولار في العام 1990 إلى أكثر من 114 مليار دولار عام 2010. وكان هذا الإنفاق قد بلغ 39.5 مليار دولار في العام 2001 ، ليرتفع إلى 72.9 عام 2006، ويواصل بعد ذلك ارتفاعه السريع. وارتفعت نسبة الإنفاق العسكري إلى الناتج القومي الإجمالي للصين من 1.9 عام 2000 إلى 2.2 عام 2009. وبلغت القيمة الإجمالية لمشتريات الصين العسكرية خلال الفترة بين 1998 – 2009 ما مجموعه 26.52 مليار دولار. والأرجح أن الرقم الفعلي أكبر من ذلك. وتلقت الصين، خلال الفترة المذكورة وارداتها العسكرية من كلّ من روسيا (2.36 مليار دولار)، فرنسا (881 مليون دولار)، سويسرا (748 مليون دولار)، ألمانيا، بريطانيا، أوكرانيا، إسرائيل، إيطاليا والولاياتالمتحدة. وكانت الصين تحتل تقليدياً المرتبة الأولى بين مستوردي السلاح الروسي، إلا أن حصتها تراجعت بالأرقام المطلقة لعدة أسباب، منها الخلافات الروسية - الصينية على قضايا الملكية الفكرية. وفي آذار/ مارس من العام 2010، رفضت روسيا بيع الصين مقاتلات من طراز (SU-33)، المحمولة بحراً. وقد خشيت موسكو أن تشرع بكين في تقليد هذه الطائرات. وسبق للصين أن استنسخت مقاتلة (SU – 27SK)، في صورة طائرة حربية عُرفت باسم (J11 ). وما يمكن قوله ختاماً، على صعيد الإنفاق العسكري العالمي، بصفة عامة، هو أنه ليس هناك من طرق ووسائل مجمع عليها لحساب حجم الإنفاق العسكري للدول، وما هي طبيعة البنود التي يجب أن يشملها. وغالباً ما يكون هناك خلط بين الإنفاق الدفاعي العسكري، والإنفاق الأمني العام، الذي يشمل كذلك الإنفاق على قضايا الأمن الداخلي. وهناك بعض الدراسات التي تأخذ بالأمرين معاً، في حين تنأى بعض المعاهد والمؤسسات البحثية الدولية عن فكرة الجمع هذه. وحتى في حالة الاتفاق على طبيعة البنود والقطاعات التي يشملها تعريف الإنفاق العسكري، فإن مسألة المصادر الواجب اعتمادها لهذا الغرض، وكيفية التأكد من معلوماتها، تبقى موضع إشكال آخر يعترض المؤسسات البحثية. وغالباً ما يقود التفاوت في المصادر إلى تفاوت في تحديد الأرقام، وبالتالي تفاوت في الاستنتاجات، التقنية والنظرية، على حد سواء.