سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
التعذيب وانتزاع الاعترافات بالقوة وإهانة كرامة السجين كذبة روجها المتربصون بأمن المملكة التلفزيون يعرض اعترافات الموقوفين في سجن «الحاير» ويكشف الوجه الحقيقي للتعامل الإنساني في السجون:
تتواصل اعترافات الموقوفين في قضايا الارهاب، والمتعاطفين معه، والمنظرين لتوجيهاته، في حلقة جديدة من فيلم «سجن الحائر.. الجزء الثاني». وقد تناول الفيلم الذي عرض مساء أمس في القناة الأولى للتلفزيون السعودي «المعاملة الانسانية للسجناء» وحياتهم الاجتماعية، والخدمات المقدمة لهم من التثقيف والترفيه والإعاشة والعلاج». وتعبر اعترافات الموقوفين في الفيلم عن حقيقة مهمة وهي أن «سجن الحاير» والسجون الأخرى في المملكة ليست مكانا للتعذيب، وانتزاع الاعترافات بالقوة والاساءة لكرامة الانسان، وانتهاك حقوقه.. هي مكان لقضاء العقوبة التي أقرها حكم الشرع، وطبقته الدولة لاستتباب الأمن، وتحقيق الاستقرار، ومراجعة المسيء نفسه ليعود للمجتمع من جديد، وقد تحقق له البصيرة في المنهج، والاستقامة في السلوك، والنقاء في الفكر.. لقد عبر هذا الفيلم عن حقيقة «السجون من الداخل» الحقيقة التي لا تزال غائبة عن الكثيرين لا سيما المطلوبين امنيا الذين يعتقدون انهم في تسليم انفسهم للجهات الأمنية سيجدون المعاملة السيئة، والاهانة والتعذيب.. والواقع يكذب هذا الاعتقاد الذي ترسخ للأسف في عقول الكثيرين منهم وغذاه الداعمون لهم لتحقيق أهدافهم المشبوهة.. ان الحقيقة اليوم التي يعترف بها من هم داخل السجن الآن، ويقضون فيه مدة من الزمن، تجرد كل الأكاذيب والشائعات عن محتواها الفاسد، والحاقد.. وتقدم للمجتمع والعالم الحقيقة التي غابت عنهم. وهي ان هذه السجون وان كانت مكانا لقضاء العقوبة الشرعية فهي مكان ايضا للاصلاح والتهذيب ومحاسبة النفس، وتوعيتها وانقاذها من شرور الأعداء المتربصين بالمجتمع وأمنه واستقراره، وفي هذا الجانب دعا خالد الحربي في مقدمة الفيلم الشباب الى استشعار معنى الطاعة لله عز وجل ثم ولي الأمر، بترك الافكار السيئة والتوبة، إلى الله والرجوع الى جماعة المسلمين، وقال: «ولاة الأمر في هذه البلاد ما يأخذون احد بدون ذنب أو جريمة أحد». التعامل الانساني وتأكيدا على منهج الدولة في التعامل الانساني مع السجناء ايا كانت قضيتهم وخطورتها على المجتمع فقد اكد الموقوفون أن سجن الحاير هو افضل سجن من حيث المعاملة والمبنى والنظام، وذلك مقارنة بالسجون الأخرى خارج المملكة، فما له علاقة بالتحقيق يشير عبدالله السلمي انه لم يخطئ عليه أحد بخطأ اثناء التحقيق كل ما في الامر سؤال وجواب بكل أدب، وقال إن المحقق الذي كان معي من خيرة المحققين، فكان يتبع تحقيق السؤال والجواب بدون ضرب، وبدون اساءة، ويؤكد حفيظ راشد المري على هذا الجانب المهم في التعامل الايجابي مع السجين أثناء التحقيق، وقال: «وجدنا معاملة اوادم» بعدما كنا نسمع عن معاملة شرسة، وجدنا معاملة طيبة، معاملة اخوة لنا»، وهو ما اكد عليه ايضاً فوزان الفوزان اثناء حديثه، قائلاً: «تعاملهم معي جداً راق». وفي الجانب الآخر من هذه العلاقة المتميزة التي تأخذ في أهدافها وعي الإنسان، واحترام حقوقه وواجباته، وتسعى في ذلك إلى اعادة تأهيله إلى المجتمع، وقد استقام سلوكه، وتوجه فكره نحو طاعة الله ورسوله واولي الأمر، نجد في اعترافات الموقوفين في الفيلم تأكيدهم على توافر الخدمات المقدمة لهم بشكل ممتاز، وايجابي، دون قصور، حيث يشير عبيد عبدالله القحطاني إلى أن أفراد المجتمع عليهم أن يتصوروا أننا نعيش في مكان نجد فيه كل ما نريد، وقال: «أنا ماعندي - خلاف - مبسوط، أكل واشرب وأتعبد ربي» كما اكد زميله عثمان مقبول العمري على هذه الحقيقة بكلمات قليلة معبرة عن المعنى المقصود، قائلاً: «لو قلت ضيف أقصر، أنا أصبحت راعي محل واضيّف».. الخلوة الشرعية والزيارات ومن أبرز العوامل التي اسهمت في نمو هذه العلاقة وتطورها نحو الأفضل بين الموقوفين وإدارة السجن، وبما يترتب عليها من الاحساس برغبات السجين واحتياجاته الاجتماعية، فقد سارعت إدارة سجن الحاير إلى تنظيم الزيارة الخاصة لاسر الموقوفين، حيث يشير عبد القحطاني إلى ان ترتيب الزيارات كان طيباً، وبصراحة لم أجد أي مشكلة في زيارة أهلي لي أكثر من مرة حيث زارني الوالد والاخوان، واخبرتهما انني مرتاح هنا»، ويؤكد الموقوف خالد الحربي في هذا الخصوص على استجابة الجهات الأمنية في المملكة إلى احضار أسر الموقوفين من خارج مدينة الرياض على حساب الدولة، وذلك لتحقيق رغبتهم في رؤية أهاليهم، وتمكينهم من ذلك في أسرع وقت، حيث يقول: «قطعت لوالدي ولاخواني تذاكرسفر مجانية، وتم اسكانهم في احد الفنادق، ثم مكنوهم من رؤيتي والالتقاء بهم. واضاف: «هذا ليس بغريب على أناس فيهم من السخاء ما الله به عليم»، وفي الجانب الخاص بعلاقة الموقوف بزوجته، تحرص إدارة سجن الحاير ووفق توجيهات المسؤولين في وزارة الداخلية على تحقيق هذه الرغبة الإنسانية، حيث يشير حفيظ راشد المري إلى تمكين الموقوف من الخلوة الشرعية بزوجته كل اسبوعين، وفق جدولة زمنية محددة بين جميع الموقوفين. الإعاشة والمصروف الشهري اما ما له علاقة بالاعاشة من تنوع الاكل والشرب، والنظافة والمصاريف المالية، فقد تحقق للموقوفين في سجن الحاير كل ما يرغبون فيه، ولم يتم التقصير عليهم في شيء، مما كان لهذا الجانب الاثر الكبير في نفوسهم وعودتهم إلى الحق، والشكر لله على نعمه، حيث يشير عبيد القحطاني حول موضوع الاكل والشرب ان وجبات الفطور والغداء والعشاء متنوعة، وتقدم لنا كل يوم مختلف عن اليوم الذي سبقه، وهو ما يجعلنا في هذا المكان كأننا بين أهالينا، ونشعر أننا لم نفقد شيء.. بل أن الأمر يتعدى ذلك بكثير حيث يرتبط طعام الموقوف ببرنامج صحي بأمر الطبيب، وذلك بسبب بعض الأمراض التي يعاني منها بعض الموقوفين سابقاً، كالكبد مثلاً، وفي هذا الخصوص يقول الموقوف حفيظ المري: «انني مصاب بفيروس بالكبد، وطلب الطبيب أن اتناول نوعاً خاصاً من الأكل، وبعد كتابة التقرير جاء هذا الطعام لي على حسب الطلب ودون تأخير»، ويضيف: «الطعام في هذا السجن نظيف مقارنة بالسجون اخرى سبق وان دخلت فيها، مثل سجون ايران ودبي». الملابس والنظافة اما الملابس ونظافة الغرف فقد اكد الموقوفين في السجن انهم يجدون في هذا الجانب كل العناية والاهتمام، فالملابس جديدة، وغسيلها كل ثلاثة ايام في الاسبوع وفرش الغرف أيضاً جديد، بل أحياناً بحسب حديث عبيد القحطاني: «إذا فقد شيء من الملابس، أو وجد أنها غير مناسبة، تسارع إدارة سجن لتأمين ملابس جديدة للموقوفين، والأهم من ذلك حسب حديث الموقوفين أيضاً أن إدارة السجن تستقبل اقتراحاتهم وتنفذها في أسرع وقت.. ولا يتوقف التعامل الإنساني داخل السجن على هذا الحد، بل يتعداه إلى ما هو أهم، ومؤثر في حياة سجين، وهو تقديم مصروف شهري يستفيد منه الموقوفون مستقبلاً، أو تقديمه لأهاليهم وزوجاتهم وأبنائهم، لأنه داخل السجن لا يحتاج هذا المبلغ كثيراً، ويقول في هذا الخصوص الموقوف القحطاني «لقد أخبرت أهلي حين أرادوا أن يقدموا لي مصروفاً أنني لا أحتاجه، فالمصروف أحصل عليه من إدارة السجن، وحصلت عليه مضاعفاً خلال شهر رمضان الماضي، والحمد لله». البناء الفكري وفي جانب آخر لا يقل أهمية عن البناء الجسدي للموقوفين من الأكل والشرب فقد اهتم القائمون على سجن الحاير بالبناء الفكري للموقوفين حيث تقدم لهم المحاضرات النافعة، والكتب القيّمة التي تساعدهم على تغيير كثير من أفكارهم السابقة، والعودة بهم إلى الحق المبين، وسلوكه عن قناعه، حيث يقول الموقوف حفيظ المري: «حضرت عدة محاضرات للشيخ عائض القرني، والشيخ سعد البريك، والشيخ عبدالعزيز المقحم، والشيخ الفيفي، وغيرهم كثير، وقد استفدت منها ولله الحمد»، كما يؤكد الموقوف عبدالرحمن الأحمري ان لديه في غرفته مكتبة تحوي ستمائة كتاب، يستطيع أن يقرأ فيها، ويبحث عن المسائل والأحكام الشرعية. الاهتمام الصحي أما ما له علاقة بصحة الموقوفين، فقد ضربت إدارة سجن الحاير أروع الأمثلة على حسن التعامل الإنساني الرفيع ومراعاة ظروف الموقوفين النفسية والصحية، وعدم تركهم يتألمون لوحدهم دون مد يد العون لهم، وهو ما أكده الموقوفون بأنفسهم، حيث يقول خالد الحربي: «أول ما حضرت إلى السجن حضر إلي استشاري عظام، وهو طبيب سوداني مشهور، ولو كنت خارج السجن لما استطعت الوصول إليه»، كما بيّن الموقوف عبدالرحمن الأحمري انه يعاني من ضعف السمع، لما دخل السجن طلب من الإدارة تحويله إلى المستشفى للكشف عليه، حيث أوضح التقرير انه يحتاج إلى سماعة لأذنه اليسرى، وقامت إدارة السجن بصرف سماعة. البرامج الترفيهية وفي جانب آخر مهم لا يقل أهمية عما مضى تواصل إدارة سجن الحاير تقديم برامج ترفيهية للموقوفين تنسجم مع احتياجاتهم، ومتطلباتهم في هذه المرحلة، حيث يشير حفيظ المري: «لدينا ملاعب كرة قدم وطائرة، ونمارس هذه الألعاب يوماً، ونتشمس يوم»، كما يبين الموقوف الأحمري ان البرامج الترفيهية داخل الصالات قد ساعدت على ظهور حماس الشباب، والترفيه عنهم، كما يؤكد الموقوف عبدالله السلمي ان «برامج في التلفاز مثل برنامج مع الأحداث وغيرها قد استفدنا منها كثيراً، كما استفدنا أيضاً من أحاديث العلماء والمشائخ في التلفاز نحو تصحيح بعض الأمور التي كنا نجهلها من قبل». وأمام هذه الخدمات والامكانات المتوافرة في سجن الحاير، وتقدميها للموقوفين بما يعبّر عن التعامل الإنساني الرفيع داخل السجن، وبما يميز العلاقة الإيجابية بين الموقوفين وإدارة السجن التي يحيطها الإسلام بكل تعاليمه، والمجتمع بكل قيمه، نجد ان الأمر بات ضرورياً لتصحيح الأفكار الخاطئة عن سجون بالمملكة، والتأكيد ان هذه السجون بما فيها سجن الحاير، هي سجون إصلاح للنفس، وتهذيب للسلوك، وهو ما أكد عليه الموقوف عبيد عبدالله القحطاني في نهاية الفيلم «يجب علينا ألا نتعجل في الحكم على الأشياء بظاهرها، أو الاستسلام للإشاعات والكذب والافتراء، اننا في هذا السجن نعيش والحمد لله في نعمة يجب علينا شكرها، فكل شيء متوفر لنا من أكل وشرب».