قد يكون الاقتراض مبرراً في حالات كثيرة ملحة تمس مباشرة حياة الفرد وتؤثر فيها، فمثلاً لو اقترض أب ليعالج ابنه في الخارج، يصبح الأمر مقبولاً وانسانياً، أو اذا اقترض آخر لكي يكمل تعليم ولده في جامعة خاصة بعد أن أغلقت في وجهه الجامعات الحكومية، أو أن يقترض الفرد مبلغاً صغيراً يكمل به الشهر يسدده من راتبه القادم، هذه قروض منطقية وقد تكون مقبولة، ولكن أن يقترض شخصاً من أجل رحلة الى أوروبا، أو يقترض من أجل تغيير أثاث منزله، أو استبدال سيارته بأخرى فارهة، فإنه بالتأكيد سوف يندرج تلقائياً في فئة مقترضون من أجل «البهرجة»، وهؤلاء هم أسوأ أنواع المقترضين. ووفقاً لآخر الإحصاءات الرسمية، فقد بلغ عدد المقترضين من البنوك نحو (6.2) ملايين عميل، وارتفعت قيمة القروض الاستهلاكية الشخصية المتعثر سدادها من الأفراد في عام 2009 إلى (5%)، أي نحو (10) مليار ريال من أصل (202) مليار. يقول «إبراهيم بندر» -موظف في أحدى البنوك-: أستطيع بكل بساطة تحديد نوعية تلك القروض والفئات العمرية المستفيدة منها، فمثلاً «قروض السفر»، تبلغ ذروتها خلال موسم الإجازات، حيث نجد إقبالاً كبيراً في تلك الفترة من قبل شرائح المجتمع، خاصةً من ذوي الدخل المحدود، حيث يصل قيمة المبلغ إلى (200) ألف ريال، مضيفاً: «هناك قرض المواصلات، ويختص هذا النوع من القروض بفئة الشباب، والذين يرغبون في اقتناء سيارات فارهة بأقساط طويلة الأجل»، مشيراً إلى أن القرض الثالث متنوع ما بين الزواج وتجديد أثاث المنزل، وتتعدى قيمته أكثر من (100) ألف ريال، على حسب طلب العميل، ويشمل أغلب الفئات العمرية. أثاث منزل كبّد صاحبه المال الكثير من خلال طلب قرض من البنك ويحكي «محمد الغامدي» تجربته مع القروض قائلاً: أصرت زوجتي وأبنائي الثلاثة على قضاء جزء من الإجازة الصيفية العام الماضي في إحدى الدول الأوروبية، لذلك لم أجد وسيلة لتغطية تكاليف تذاكر السفر والإقامة الفندقية ومصاريف الشراء سوى الاقتراض من البنك، مضيفاً أنه بلغت قيمة القرض (200) ألف ريال، ليكون المبلغ المطالب بسداده للبنك مع الفوائد (300) ألف ريال، مشيراً إلى أنه يشعر أحياناً بعجز في توفير متطلبات أبنائه؛ بسبب ذلك الدّين، ولكن هذا ما جنيته على نفسي. أما «سعيد العسيري» فيقول: بدأت معاناتي مع القروض منذ ثلاث سنوات، عندما قررت شراء سيارة بقيمة (180) ألف ريال، ليكون قيمة الدّين أضعاف المبلغ، مضيفاً أنه لا يستطيع الزواج حتى انتهاء القرض بعد ثلاث سنوات؛ لأن راتبه لا يؤهله لبناء أسرة مسؤول عن توفير جميع احتياجاتهم، ناصحاً كل من يفكر بالاستدانة من البنوك بعدم اتخاذ تلك الخطوة دون تعقل ودراسة من جميع الجوانب. من جهته أكد «بندر نايف» على أن القروض ليست الحل الأمثل للمشكلات التي نتعرض لها، بل هي بداية لسلسلة من المشاكل، مضيفاً أنه أخذ مبلغاً من البنك بهدف زواجه، حيث قدم لعروسة مهر قيمته (60) ألف ريال، وتكلفة حفلة الزواج (60) ألف ريال كذلك، مبيناً أن إيجار الشقة مع الأثاث (70) ألف ريال، بالاضافة إلى مبلغ (10) آلاف ريال لشهر العسل، مشيراً إلى أنه بسبب كل هذه النفقات أصبح غارقاً في الديون لسنوات مديدة قادمة!. أما «أحمد السيف» -المعلم بالمرحلة الثانوية- فيقول: لدي زوجة تفضل تغيير الأثاث باستمرار، وقد حاولت جاهداً أن أشرح لها بأن ظروفي المادية لا تسمح بتغيير كل الاثاث دفعة واحدة، ويمكن أن نستعيض عن ذلك بتغيير جزء منه كل عام، إلا أنها أصرت بشدة، وأمام إصرارها حصلت على قرض بقيمة (190) ألف ريال، من أجل تجديد الأثاث القديم، مبيناً أنه لا ينام الليل بسبب هذا الحمل الثقيل الذي جلبه إلى نفسه.