جاءت الأوامر الملكية التي أصدرها الملك عبدالله الأسبوع الماضي والخطاب الذي سبقها بما يحمله من إشادة بالمواطن السعودي على ما أثبته من ولاء وما أظهره من التحام بقيادته رغم دعاة الفتن ومن يحاولون الاصطياد في الماء العكر لتؤسس لمرحلة جديدة من العلاقة الضاربة في عمق التاريخ بين القيادة السمحة ومواطنيها، تتمثل أبرز ملامحها في التعامل المباشر مع حاجاتهم وتطلعاتهم بأسلوب جديد يتجاوز البيروقراطية الإدارية المألوفة، ويضع البلسم الشافي على الجرح مباشرة. فخطاب الملك حفظه الله والأوامر الملكية الكريمة التي أعقبته كانت بمثابة إشارة الانطلاق لعهد رخاء جديد لمواطني المملكة العربية السعودية لم يفاجئ الكثيرين ممن عرفوا نهج القيادة السعودية وأسلوبها في التعاطي مع حاجات مواطنيها، وسرعة استجابتها لتوقعاتهم منها. فمن عرف قرب القيادة السعودية من نبض شعبها، ومتابعتها لهموم مواطنيها كان على يقين من أن الاستجابة ستكون بالحجم الذي جاءت به. فالأوامر الملكية كانت من الشمول وتنوع المحتوى بحيث ترقى إلى تكون خطة تنموية شاملة تصب ثمارها في حراك الاقتصاد المحلي، وتستجيب لكل هموم المواطن، وتلبي حاجاته المستقبلية. فبعد أن اكتملت خطط بناء الإنسان السعودي من خلال التركيز على تطوير التعليم ومؤسساته الذي جعلته القيادة في أول سلم الأولويات خلال العقد الماضي لإرساء أسس متينة لتنمية مستدامة ومستقبل واعد، حان وقت قطف الثمار. فمن المعلوم أن انتشار التعليم وتوسع مؤسساته، فضلاً على فتح باب الابتعاث الداخلي والخارجي سيزيد من عدد طالبي العمل، ما يقتضي إستراتيجية استيعاب للخريجين تتيح لهم الفرصة ليوظفوا ما اكتسبوه من علم وخبرة لصالح التنمية في وطنهم، فجاءت الأوامر الملكية الكريمة بالحلول الشاملة على هذا الصعيد من خلال تضمنها لبرامج مستمرة لتوظيف الشباب والشابات، وخلق فرص العمل لهم في القطاعين العام والخاص. كما أنه وضع حدا أدنى لأجور موظفي القطاع الحكومي، وإضافة بدل غلاء المعيشة إلى الراتب الأساسي كلها حلول تمثل إستراتيجية للتعامل مع مشكلة الغلاء الذي يجتاح العالم بالتوازي مع ارتفاع مستويات المعيشة وتنوع متطلباتها. كما أن إعانة طالبي العمل، وصرف راتب شهرين لموظفي القطاع العام جاءت حلاً فوريًا للمشكلات المعيشية الآنية التي لا تحتمل التأخير، مثل الأقساط المتأخرة والديون المتراكمة. وإذا نظرنا إلى أن مستوى جودة الخدمات العامة يشكل هاجسًا للجميع، ويستحوذ على اهتمام كافة المواطنين لانعكاساته المباشرة على حياتهم؛ جاءت المخصصات الضخمة للقطاع الصحي بهدف الرفع من كفاءة خدماته وتوسيع نطاقها، إضافة إلى إنشاء هيئة مكافحة الفساد التي ستشكل بإذن الله ضمانة لجودة العائد المباشر من مشاريع الدولة على المواطن. كما أنه ونتيجة لنفس الأسباب السابقة ونظرًا لتحول مجتمعنا إلى مجتمع مديني مما زاد من الضغط على النطاق العمراني للمدن وزاد من صعوبة تملك الأراضي، بالإضافة إلى زيادة الطلب على مواد البناء مما رفع أسعارها، ورفع من تكلفة البناء ضمن عوامل أخرى ديموغرافية واجتماعية كزيادة عدد السكان وميل الناس إلى الاستقلال الأسري؛ كل ذلك جعل امتلاك سكن خاص حلم الكثير من المواطنين وخاصة الشباب منهم، فجاءت الأوامر الملكية الكريمة بحلول جذرية لهذه المشكلة بإرسائها إستراتيجية متكاملة للإسكان مصحوبة باعتمادات ضخمة تضمن توفير السكن، سواء من خلال تولى الحكومة إنشاءه بالكامل أو من خلال دعم المواطنين لإنشائه بأنفسهم عن طريق دعم صندوق التنمية العقاري وزيادة حجم قروضه لتواكب الصعود المستمر في تكاليف السكن.. والكلام في هذا المجال يطول. وقد أجمع الاقتصاديون والمحللون بأن هذه الأوامر الملكية التي ترقي إلى أن تكون خطة تنمية متكاملة ستنتج طفرة اجتماعية واقتصادية يجني المواطن السعودي ثمارها لسنوات طويلة قادمة، كما ستكون لها آثارها الكبرى على اقتصاد المملكة ومستوى عيش مواطنيها، كونها نابعة من رصد دقيق لحاجات المواطن الفعلية والتعامل معها بحلول مباشرة تحمل معها آلية تنفيذها، كونها صدرت بأوامر مباشرة من الملك ولم تترك لاجتهادات القطاعات الحكومية المختلفة، بالإضافة إلى أن تشديد الملك على رفع تقارير دورية عن تقدم تنفيذها إليه مباشرة يعكس اهتمامه الشخصي بها، ويضمن بعون الله جدية تنفيذها. فهنيئًا للمواطن السعودي بقيادته، وهنيئًا للقيادة بمواطنيها. *مدير جامعة الأمير سلطان !!Article.footers.caption!!