توالت على أرضنا في الأسابيع الماضية غيمات المطر تهدي أرضنا الخير والنعيم، وكان أول هذه الغيمات السخية إطلالة قائد مسيرة هذه البلاد وربان سفينتها خادم الحرمين الشريفين على هذه الأرض بعد عودته الميمونة من رحلته العلاجية مكللاً بالشفاء والعافية، وقد سبق هذه الإطلالة المباركة أوامر خير أسعدت كل قلب في هذا الوطن وألبسته وشاح الفرح والابتهاج، وجعلت الألسن تلهج بالدعاء،والعيون تفيض بدموع السرور فكان الفرح مقترناً بهذا الملك المبارك، ثم أطلت علينا سحابة ثانية نقعت نفوسنا رضى وسروراً حين كبت الله شر الأشرار ممن كانوا يتواعدون على هذه البلاد فاليوم الذي كان يريده أعداء الوطن يوم الشتات والفرقة، كان يوم الفرحة والمحبة والوفاء والتلاحم. ثم هاهي سحائب الخير الكريمة تهطل من جديد من ملك كريم ابتدأت بكلمة مفعمة بالحب والامتنان والتقدير وامتلأت عفوية وحميمية تفضل بها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود ، حفلت بالكثير من المعاني والمضامين، التي لا تستغرب على ولي الأمر وقائد مسيرة هذه البلاد المباركة، وتبعها أوامر كريمة توخت تحقيق رفاهية المواطن، ودعم مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية. إننا عندما نقرأ هذه القرارات الملكية الكريمة أو بالأحرى هذه السحائب الكريمة السخية نقرؤها من عدة جوانب مضيئة وكل واحد منها يفيض خيرًا وينبض عطاء؛ فالوطن غني ليس فقط بموارده المالية، وإنما بإنسانه الذي أعطى وما يزال يقدم الكثير ويخرج من كل امتحان بشهادة عليا في التضامن والتعاون والإخلاص، وهي سمات تراكمت من عصور قديمة في زمن شح المكان، أو ثرائه، والملك عبدالله الذي نعجز أن نضع له صفة محددة، أثبت للتاريخ وكل الأزمنة أنه قيادة نادرة في زمن شحت فيه هذه النماذج في عصرنا الراهن.. هذه القرارات الملكية بشمولها وسخائها تمثل عطاء تاريخياً، يضاف بمزيد من التقدير والتثمين لسجل خادم الحرمين الشريفين لخدمة الوطن والمواطن، وتترجم الحس القيادي له حفظه الله وما يشغله المواطن من مساحة في وجدانه الكبير، وهو الذي يؤكد في كل مناسبة أن المُواطن هو الركيزة والمحور الأساس في البناء والتنمية، وأنه يجب إمداده بما يُعينه ويُحَفز قدراته، ويفتح كافة المجالات والفرص له. إن أبرز المعاني العظيمة للأوامر الملكية هي تأكيده - أيده الله- على أصول هذه البلاد وثوابتها التي لا تقبل المزايدة عليها، وحرصه الكبير على تكريس هذا المنهج الذي يُعد صمام الأمان لوحدتنا جيلاً بعد جيل، وهذه القرارات الملكية أظهرت حقيقة الوفاء المتبادل بين الشعب السعودي الكريم والقيادة الصادقة المخلصة، وما نعيشه في بلادنا المباركة في الوقت الذي نشاهد فيه ما يحدث في العالم من حولنا هو أكبر شاهد على عظيم فضل الله علينا، وما تستلزمه هذه النعمة من الشكر والعرفان لله سبحانه وتعالى، والمحافظة عليها بحفظ هذا الكيان الكبير بمبادئه ولحمته وقيادته المخلصة. ولعل أبرز ما يلفت النظر في هذه القرارات شموليتها؛ فهي لم تخص فئة دون أخرى، بل شملت كل أفراد المجتمع فبقدر ما سعد بها الموظفون ابتهج بها الباحثون عن عمل، وبقدر ما سرت طالبي السكن طرب لها الطلاب، وبقدر ما فاضت سروراً على رجال الأمن فقد أسعدت العلماء وقادة الرأي وبقدر ما حفل بها المرضى والمحتاجون للعلاج سعد بها المنتمون للجمعيات الخيرية والمؤسسات الشرعية والدعوية ذلك أن الوطن يمر بمرحلة بناء متوازن بين مختلف الأجهزة والدوائر وتعميم التنمية لتشمل كل أوجه الحياة دون مفاضلة بين جهة وأخرى. كما أنها اعتنت بما يهم كل مواطن ووضعت همومه على رأس أولويات الدولة؛ بتأمين الوظيفة والسكن والصحة، وهي المطالب الملحة والأساسية لأي إنسان في أي مجتمع، مع العناية بالتعجيل بتفعيل القرارات سواء ما كان منها تنفيذياً لا يقبل التباطؤ، أو إعادة تنظيم، ودراسة العديد من الأنظمة سواء ما يتعلق بالرقابة على الأسواق، أو الاعتمادات المالية وغيرها، فلا تساهل في عدم إنهائها سريعاً، وهذا الاهتمام بهذا الشكل هو بحول الله أحد أسباب استقرار هذا الوطن. كما أن هذه القرارات وهذه الأوامر الكريمة ترسخ متابعة الملك عبد الله لكل شأن يهم أية فئة في بلاده، وتؤكد أن كل ما يهم أبناء وطنه لم يغب عن وجدانه سواء أكان حاضرًا أم غائبًا، وملامح هذا الاهتمام والمتابعة الملكية من خلال هذه الأوامر واضحة جلية فهاهم العاطلون يمنحهم الأمر الملكي إعانة شهرية محددة، وقد ظلت إعانات العاطلين شأناً معلقاً سواء عبر مطالبات الصحف أو طرح مجلس الشورى ثم حسمها خادم الحرمين بقراره الحاسم . كما لامست هذه الأوامر واحدة من أهم القضايا التي تؤرق عدداً كبيراً من المواطنين وهي مسألة توفير السكن اللائق بكل مواطن، فإضافة إلى ما سبق أن أوجده وهيأ له الملك عبد الله لتوفير المساكن خلال الأعوام الماضية سواء من خلال دعم الصندوق العقاري أو إنشاء هيئة الإسكان أو إقامة ودعم مشروعات الإسكان أو رفع رأس مال صندوق التنمية العقارية إلى (40) مليار ريال وإسقاط بعض الأقساط عن المقترضين ، هاهي سحائب الخير تمطر بالقرار التاريخي برصد ( 250 ) مليار ريال لبناء خمسمائة ألف وحدة سكنية، ورفع الحد للقرض السكني إلى خمسمائة ألف ريال. كما اعتنت قرارات الخير أيضاً بواحدة من أهم القضايا التي تشغل بال الأسر والشباب وهي قضية البطالة وتوظيف الشباب السعودي من خلال التأكيد على القطاع الخاص بالتوسع في السعودة،وفي ذلك بلا شك تأكيد وإضافة للتوجيه السابق بتشكيل لجنة عليا برئاسة سمو النائب الثاني لدراسة توظيف الخريجين السعوديين المعدين للتدريس خلال أربعة أشهر. كما اعتنت القرارات الملكية بتعزيز دور العلماء من خلال التأكيد على كافة وسائل الإعلام بالالتزام التام بعدم الإساءة إليهم أو التعرض لهم بالنقد وعلى رأسهم سماحة مُفتي عام المملكة، وأصحاب الفضيلة أعضاء هيئة كبار العُلماء مع إعادة دراسة نظام المطبوعات والنشر ولائحته التنفيذية لتتناسب عقوبات من يخالف شيئاً من ذلك مع مستوى المخالفة من خلال تكليف رئيس الديوان الملكي، ووزير العدل، ووزير الثقافة والإعلام، ورئيس هيئة الخبراء بمجلس الوزراء، بالقيام بذلك في مدة محددة تدل على حرصه حفظه الله على هذا الأمر وعنايته الكبيرة به، ولا خير في أمة تسيء إلى علمائها وقادة الفكر فيها. ويتصل بذلك أيضًا دعم جهاز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ودعم جمعيات تحفيظ القرآن الكريم، ومكاتب الدعوة والإرشاد، وتحسين دور العبادة ونشر العلم الشرعي. كما أنه من أجل تفعيل القرارات التي توفر الرخاء، وتراقب الأسعار وتمنع المخالفات صدر الأمر الملكي بإحداث (500) وظيفة رقابة لوزارة التجارة لدعم البرامج الرقابية وسيكون لدعم الشأن الرقابي مردود وإيجابيات على مسيرة الإصلاح وعلى أعمال الوزارات والأسواق وتطبيق الأنظمة. إننا لا نستطيع تحليل الأوامر الملكية الصادرة، أو اختزالها بعدة سطور، لأنها جاءت متطابقة مع منهج قادة هذه البلاد وفقهم الله لكل خير في إدارة دولة عصرية، وتبقى المسؤولية على الأجهزة التنفيذية التي ليس لها أي عذر أمام ما قدمته القيادة الرشيدة من أهداف استراتيجية لا تقبل التباطؤ والتأجيل أو الاستمرار بالبيروقراطية المعيقة. والمواطن الذي استهدفته الأوامر يدرك ما تعنيه، وأنها تصب في مصلحته. إن تلك الأوامر والإجراءات والتدابير في حالة تنفيذها في الوقت المناسب وبالشكل الذي أراده الملك ووجه به، فإنها ستحقق نقلة نوعية هائلة في مستوى المعيشة بالبلاد، وفي ضمان المزيد من الاستقرار لها، ويبقى بعد ذلك تعاون كافة فئات المجتمع مع هذه التوجيهات الكريمة، ولعل الأجمل في كل هذا أن الملك قد ألزم الجميع بتحقيق هذه النقلة خلال فترة زمنية لا تتجاوز نهاية العام المالي الحالي.. وسوف نرى كيف تكون أجهزة الدولة وهيئاتها ومؤسساتها في مستوى هذا التكليف..؟! وكيف يسهم الكل في إنجاز هذه الحزمة من الإنجازات والخطوات الهامة؛ فأكثر المتفائلين لم يكن يتوقع أن تجيء هذه الأوامر الملكية بهذا الشمول، وبهذا السخاء، لقد كانت هذه العطاءات فوق سقف تطلعات كل مواطن ولكنه الحب بين القائد وأبنائه يجود بالأكثر، أدام الله هذا الوطن واحة أمن ودوحة أمان بقيادة الملك عبد الله ومعه سمو ولي عهده الأمير سلطان وسمو النائب الثاني الأمير نايف، وحفظ الله هذا الوطن عقيدة وقيادة وإنساناً وتراباً. *مدير عام الحقوق العامة في إمارة منطقة الرياض