لم يكد مواطنو المملكة العربية السعودية ينتهون من إبراز فرحتهم بمقدم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - ، والذي أعاد إليهم مشاعر الأمن والأمان، فقد كان كل فرد من أفراد الشعب قلقاً على خادم الحرمين، وزاد من هذا القلق بعده عن أرض الوطن، وبعد عودته سالماً معافى هدأت القلوب، وارتفعت الأكف شاكرة الله على أن أعاد للوطن ملكه، وللشعب والدهم، إلا أن مشاعر محبتهم الفياضة لوالدهم وملكهم وقائدهم خادم الحرمين الشريفين لم يروها عودته فقط، وذلك رغم أنهم شاهدوه على شاشات التلفاز، فهم كانوا بحاجة إلى عودة الأب الحاني إليهم، الذي يحدثهم في الأزمات، ويهدئ قلوبهم في الخطوب، إلى ذلك القائد الذي يعالج كل ما يهم مواطنيه بكل قوة وحزم، ويحث معاونيه ووزراءه إلى بذل المزيد من أجل رخاء ذلك المواطن، ونمو ذلك الوطن. أقول لم ينتهوا من هذه الاحتفالات إلا ووجه إليهم كلمة أبوية حانية كانت مقدمة لعدد من الأوامر الملكية التي نالت كل مفصل من مفاصل الدولة، وكل فئة من شعبه، لم ينس أحداً، ولم يتجاوز مكوناً، وأنا هنا لن أتحدث عن هذه الأوامر التي أمنت لنا بإذن الله مستقبلاً آمناً، وعالجت كل ما يمكن أن يلحقه قصور في خدمة أبناء هذا الشعب من ملك فكر في شعبه قبل نفسه، فهذه الأوامر إنما هي دلالات لمن كان له قلب أو ألقى السمع على مقدار حب هذا القائد لهذا الشعب. ولكنني سأتحدث عن كلمته التي لم يبدأ فيها بتفخيم نفسه وهو الذي يستحق ، أو ذكر إنجازاته ومنجزاته، أو بيان ما تبذله الدولة من أجل رخاء المواطن وتطور الوطن، ولكنه بدأ بالفخر بشعبه، ولم يجد الكلمات التي تصف مشاعره، لوصف هذا الشعب العظيم الذي لم تهتز أركانه من هول ما يحيط به من اضطرابات، ولم يقع فريسة لخطط الحاقدين عليه وعلى وطنه، والذي وقف مع وطنه ومليكه، وشد أزرهم، ورفع من مقامهم، شعب وفي لقائد معطاء، شعب كريم خرج من بين ضلوعه وأنفاسه ملك عظيم، أراد القائد العظيم شكر شعبه العظيم الذي لم يتأثر بدعوات الخونة والمجرمين، ممن يعيشون على أموال الخيانة، ويسكنون شقق الغدر، ويتنفسون هواء الباطل، شعب اكتشف ما يحيكه به الأعداء، فوقف مع حكومته ففشلت كل خططهم ودعواتهم، وأثبت للعالم أجمع أننا وحكومتنا روح وجسد، وأنهم لن ينجحوا في أخذ روحنا وقتل جسدنا، وطالب حفظه الله أن يشهد التاريخ على هذه الملحمة العظيمة، وهذه الحادثة الفريدة، التي صفع فيها أبناء الوطن أعدائه، صفعوا الباطل بالحق، وصفعوا الخونة بالولاء. وبعد ذلك بدأ بمخاطبة علماء الأمة ومفكريها فشكرهم وبين مقامهم لدى الدولة، نعم شكر الذين صدعوا بقول الصدق، وبيان الحق، ووقفوا مع حكومة لم تتوانى في يوم من الأيام في دعم الإسلام وأهله، وفي الدفاع عن الدين الصحيح، وتطبيق شرائعه على أرض الواقع، وفي نشر العلم الرباني الذي نقله إلينا سلفنا الصالح، فدعموا المسلمين في كل مكان، ووقفوا إلى جانب كل مظلوم، وأوقفوا كل ظالم، فاستحقوا بذلك الدعم والمساندة، وبينوا أوامر الله التي توجه بالولاء والطاعة لقيادة تطبق ما قال الله عز وجل ورسوله الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، وشكر مفكريها الذين انبرت وأقلامهم وتعالت أصواتهم في الدفاع عن وحدة الوطن، والذود عن مقدراته ومكتسباته، وفي بيان حجم المخطط الشرس الذي استهدف الوطن والمواطنين، وتوضيح أبعاد هذا المخطط القذر الذي لا يستهدف الوطن ملكاً وشعباً، وإنما يستهدف الأمة العربية والإسلامية بأكملها، فلقيت كلماتهم آذاناً صاغية وقلوباً متحابة وعيوناً مطلعة، فسقط المخطط وفشل من خطط. ثم شكر رجال الأمن البواسل، حصن الأمة الحصين، وجدارها المنيع، الذين يفدون بأرواحهم كل شبر من تراب هذا الوطن، ويقدمون أرواحهم أمام أرواحنا، فاستحقوا بذلك الشكر والتقدير، ونالوا وسام الشرف، فقد كانت لعقولهم المتقدة، وعيونهم المفتوحة، الدور الكبير في وأد الفتنة، ومحاربة أهلها، فنعمنا بالأمن والأمان بفضل الله ثم بفضلهم. واختتم كلمته ببيان ما نعلمه، وتوضيح ما لا نجهله، ولكنه في الحقيقة لم يقصدنا بهذه الخاتمة، ولكنه قصد أعدائنا الذي مكروا بنا فجعل الله كيدهم في نحرهم، أراد أن يوصل إليهم حقيقة جهلوها، وعلم لم يعلموه، وهو أن هذا الشعب وهذه الأمة في قلبي، منها استمد العزم والعون والقوة التي تجعلني قادراً على الوقوف في وجوهكم، وتمكنني من محاربتكم وهزيمتكم. وفي آخر كلماته ... طلب منا الدعاء له ، الدعاء بأن يمده بالعون والسداد، ونحن نقول: اللهم يا مالك الملك ، ياعزيز ياجبار، نسألك بكل اسم هو لك، سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحداً من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تحفظ خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وتحيطه بعنايتك، وتكلأه برعايتك، وتمتعه بالصحة والعافية، وتمده بعونك وتوفيقك، وأن ترزقه البطانة الصالحة التي تعينه على كل ما فيه خير وطننا ومواطنينا، اللهم خذ بيده في المضائق، وأكشف له وجوه الحقائق، اللهم أحفظه لنا وأطل بعمره وتوج ساعاته بالطاعة وحياته بالرضا. * مدير جامعة المجمعة