من يعاني من مرارة ألم أمر ما لن يستطيع أن يتعايش مع واقع هذا الأمر المرير ويحاكي ما به من سلبيات وايجابيات تخفى على غالبية الذين حوله. التوحد ذلك العالم الغريب الجميل البعيد عن النفاق والمجاملة. التوحد ذلك العالم الذي يخيل لي أن من ينتسب له يشعر بسعادة غامرة لأنه لا يتعايش مع مجتمع يكذب ويظلم وينافق ومع كل ما سبق نحاول جاهدين أن نجر ذوي التوحد إلى عالمنا بحجة أنهم غرباء بوضعهم هذا ولا بد لنا من ذلك لأننا نحن الأكثرية وهم القلة. كم هو قاسٍ على النفس أن ترى مثل هؤلاء الأطفال الذين لا ذنب لهم سوى أنهم فقدوا تواصلهم مع الآخرين الذين يطلق عليهم الأسوياء من بني جلدتهم وما عادوا قادرين على العطاء معهم. التوحد الذي تخلى عنه الكثير رغم أنه اضطراب وليس إعاقة ولله اضطراب وليس إعاقة أرجوكم تفهموا ماهية التوحد حتى تنطلقوا بفضاء واسع رحب للتعامل مع ذويه والتعايش معهم إن رغبتم. خذوا بأيديهم بدلاً من مراقبة سلوكياتهم. آزروا أسرهم بدلاً من أن تترحموا عليهم. صادقوا ذوي التوحد وثقوا أنهم يحبونكم عندما تستطيعون فك شفرة الدخول لهم. هم ليسوا بعدوانيين. فقط يرغبون بالوصول إلى شيء ما ولكنهم غير قادرين على ذلك. لا يعرفون لغة الوصول لهذا الشيء فقد يخطئون الطريق ولكنهم لا يقصدون الإساءة أو العدوانية. يفهمونكم ولكن لا يعبرون لغتكم لغة الأرقام والمصالح والحب والكراهية وووووو ماذا عساي أن أقول. هم أنقياء طاهرون لا يحملون بقلوبهم لكم سوى النقاء والبياض - فلا تكرهوهم فهم يقولون لكم: (مدوا أيديكم لنا - أقبلونا في الأسواق، المدارس، الشوارع فقد نكون يوماً ما ضيوفاً في بيوتكم ومن يدري ماذا يخبئ له القدر، لنتعايش معهم ونقبلهم لغيرنا حتى لا سمح الله لو كانوا يوماً لنا لقبلهم غيرنا. مجتمع واحد وأمة واحدة وشعارات زائفة نطلقها جزافاً عن الأمة الواحدة والقلب الواحد ولكننا نعاني ونعاني ونعاني نحن من يتعامل مع ذوي التوحد من رفض المجتمع لهم بكل فئاته رغم أنهم أسوياء جداً، طبيعيون جداً، ولكنهم يفتقدون لمهارات محددة في التعامل معكم ومن يدري لعل بدمجهم ووجودهم واخراجهم من عالمهم خيراً لكم أنت وأجر تكسبونه. دعوة صادقة مدوا لهم أيديكم أشعروهم بحبكم الصادق فهم والله يعرفون من نظرات عيونكم تقبلكم ورفضكم لهم وأحنوا عليهم لعل الله عز وجل يجعلها من أسباب دخولكم جنته ولستم أغنياء عن ذلك.