يودّع "رائد ابراهيم الراشد" طفليه يومياً وحالة من القلق والخوف تتلبسه لحين وصولهما إلى مدرستهما الابتدائية سالمين؛ ذلك أنّ عملية عبورهما "شارع التمر" -الكائن بحي الحمراء بالرياض- حتى يصلا، هي مغامرة محفوفة بالمخاطر كما يقول. ويرجع "الراشد" مصدر الخطورة إلى خلو هذا الطريق من أي حاجز أو مطب صناعي يجبر عابريه تخفيض سرعة سياراتهم ويكبح جنونهم في المرور؛ فالطريق - كما يشير- يعتبر شرياناً رئيساً يشق وسط الحي لأي قادم من شارع خالد بن الوليد الأمر الذي يجعله مقصد أفواج من السيارات المختلفة في أنواعها وأحجامها؛ خصوصاً الشاحنات ذات الوزن الثقيل التي لا يتورع قائدوها في ترك العنان لمركباتهم العبور بشكل جنوني؛ معرضين حياة السكان لمخاطر الدهس لا سمح الله. ما تم شرحه من معاناة قد يمكن تجاوزه؛ لكن نظرة سريعة لما آل إليه الطريق مؤخراً يستدعي التوقف عنده ومساءلة المتسبب، فالطريق تعرض للتلف والتكسر وتسببت هشاشته في سقوط شاحنة، حيث هوت محدثة بذلك تجويفاً سحيقاً أصبح يشكل خطراً على عابري الطريق من داخل الحي وخارجه. ويرجع المواطن "مطلق البيبي" هذا التكسر والتلف للطريق إلى رداءة الرصف والخلطة الاسفلتية التي لم يراع فيها المقاول جودة العمل -حسب قوله-. ورغم تعدد الصيانة على الطريق لشهور عديدة، إلاّ أن الرداءة في التنفيذ أبقت على المعاناة، وفاقمت في استمرارها، فمن تعاقب على صيانته لم يتحقق من قدرة هذا الاسفلت المصبوب على الطريق على مقاومة ضغط المركبات التي تعبره، ولم يتحقق أيضاً من قدرته على مقاومة الحرارة وظروف الجو التي تتسبب في تفتته وتهشمه. عمق الحفرة أعاق عملية الانتشال "محمد اليحيى" -ساكن آخر بالحي- وبلهجة لا تخلو من ألم وخيبة يندفع منه الحديث متسائلاً: هل شاهدت الطريق وقت تسرب المياه لأمطار أو خلافه؟، مجيباً: لن تصدق الوضع إذ إن السكان يعيشون حالة من الفوضى والربكة في الحركة المرورية ما يجعلك تضيق بمنفذ الطريق وبالمتسبب في استمرار هذه المعاناة، مضيفاً أن الترقيع في الصيانة والإنشاء من الأساس كان هشاً ولم يراع فيه المواصفات المطلوبة للطريق، وما يتطلبه من سلامة؛ لذلك تجدنا في معاناة دائمة ولا نعرف نلجأ لمن؛ فأي جهة نراجعها لا نجد التجاوب المأمول؛ فمن وعود ومن "ترقيع" وسلسة من العمل غير المجدي مما يهدر الوقت والجهد ويضاعف معاناة الأهالي. ويلتقط الحديث المواطن "رائد الراشد" مواصلاً شرح معاناة السكان، قائلاً: هذا الانهيار الأخير للطريق كان نتيجة طبيعية لرداءة التنفيذ والإنشاء من أساسه، وقد تقصينا الأسباب؛ فأخبرنا البعض أن الماسورة الخاصة بالمياه تتعرضت للكسر والتهشم؛ بسسب وضعها من الأساس قرب غرفة التفتيش، وأي اهتزاز أو حرارة يسبب احتكاكاً يحدث هذا الكسر، ورغم أنها أمور فنية لا نستطيع التأكد منها أو نفيها إلاّ أنها تشير إلى أن خللاً في التعامل مع هذه المشكلة لا زال قائماً. وطالب الأهالي في ختام حديثهم من بيده الأمر سواء وزارة المياه أو الطرق أو الأمانة أن تتدخل بشكل سريع لإنهاء مسلسل المعاناة الذي قالوا إنه لا يليق بأن يحدث في مدينة حضرية كالرياض، مؤملين أن يجدوا سرعة في التجاوب في معالجة الطريق بطبقة اسفلتية تخضع للمواصفات وشروط السلامة، كما ناشدوا أن يقام على الطريق "مطبات صناعية" تكبح جنون عجلات لا تعقل ولا تفرق بين طفل يشق مع بواكير صباحه هذا الطريق للولوج إلى فصله الدراسي، أو حتى مسن لا يستطيع تفادي شاحنة يقودها مقيم أقل ما يوصف بأنه متهور. يذكر أن مجلس الشورى سبق وأن انتقد تدني مستوى جودة الطرق حديثة الإنشاء، وكشف عن ظهور عيوب إنشائية سواء في خشونة سطح الطريق واهتزاز المركبات عليها، أو تحفّر طبقة الأسفلت، أو تخدد مسارات الشاحنات، ورأى أن من الواجب عدم حدوث هذه العيوب؛ بسبب الخبرة المتراكمة لدى وزارة النقل والتي تكلف الدولة الكثير من المال والوقت لإصلاحها، فضلاً عما تسببه من حوادث أليمة وإزعاج للمسافرين خلال فترة الإصلاح، مورداً جملة من الأسباب في هذا التردي، منها: تنوع طبيعة أراضي المملكة مثل وجود السبخات والتربة الجيرية الضعيفة، وارتفاع منسوب المياه مما يتطلب أن تكون مواصفات الطرق مناسبة لمعالجة ضعف ترتبها وتكويناتها؛ لذلك تأتي أهمية تقييم مواصفات الطرق لتكون ملائمة لكل منطقة جغرافية.