احتشد عشرات المقاتلين الليبيين أمس في بوابة العقيلة آخر نقطة تفتيش قبل راس لانوف، على بعد 300 كلم جنوب غرب بنغازي، مدججين بأسلحة خفيفة وسط فوضى عارمة واطلاق نار عشوائي بعد ان انسحبوا من الموقع الذي كانوا يسيطرون عليه الجمعة قرب مصفاة راس لانوف. وكان الدخان لا يزال يتصاعد صباحاً من احد خزانات المصفاة التي تعرضت للقصف الجمعة، في المدينة التي تبعد نحو 660 كلم عن طرابلس شرقاً. وبعد هدوء مخيف صباح امس على طول الطريق التي خلت من المقاتلين حتى نحو 15 كلم قبل راس لانوف اغارت طائرة ظهراً على المنطقة، وشاهد مراسلو فرانس برس دخانا يرتفع من على بعد. وبعد ساعة تقريبا اغارت طائرة اخرى على نقطة تفتيش العقيلة التي تبعد 55 كلم شرق مدينة راس لانوف النفطية ما سبب حالة ارباك بين الثوار الذين فروا في عشرات من السيارات وتجمعوا في البريقة التي تبعد عن العقيلة 30 كلم. واكد سائق سيارة اتى من راس لانوف وزجاجها الامامي يحمل فجوة سببتها شظايا قنبلة بعد ذلك بقليل ان الثوار انسحبوا اثر وقوع الغارة. وتعرض الموقع الذي كان الثوار يسيطرون عليه قرب مصفاة السدرة قرب راس لانوف الجمعة لقصف كثيف قالت مصادر من الثوار انه كان جويا وبحرياً وبرياً. وتحدث حسن ابراهيم (39 سنة) الضابط السابق في الجيش الليبي الذي انضم الى الثوار في مستشفى البريقة الميداني حيث رافق احد الجرحى بتوتر عن "انتشار الفوضى وانعدام الانضباط في الجبهة بين المقاتلين الثوار الذين رغم حماسهم الشديد يفتقرون الى التدريب والتجربة". وقال ان "قوات القذافي بعد قصف شديد استمر حتى فجر أمس نشرت قناصة التفوا حول الموقع الذي كان يسيطر عليه الثوار واوقعوا خسائر جسيمة". واضاف الضابط العضو في الامن العام ان قوات القذافي "تدك مواقع الثوار براجمات صواريخ من طراز غراد اقامتها على ناقلات بحرية مدنية اضافة الى القصف الجوي". وقال انه "من المحتمل تماما ان تدخل قوات القذافي قريباً جداً الى البريقة التي ليس فيها دفاعات تحصنها". وتابع "كان كرا وفرا واصبح الامر فرا". وتجول مراسلو فرانس برس في مدينة البريقة الجديدة التي تعد نحو 18 الف ساكن وتقع على بعد بضعة كيلومترات عن نقطة التفتيش المقامة على الطريق الرئيسية. وبدت المدينة كانها مهجورة وشوارعها خالية تقريبا، وقال احد العاملين في المستشفى ان "اكثر من نصف السكان قد فروا منها". وبعد العصر افاد احد مراسلي فرانس برس وصل حتى نحو عشرين كلم بعد العقيلة ان ما بين خمسين الى ستين من الثوار كانوا ما زالوا منتشرين الى الغرب من هذه القرية الصغيرة. وانتشر فيها مقاتلون بعضهم راجل والاخر على سيارات مجهزة بمدافع مضادة للطيران من عيار 23 ملم بينما حمل البعض صواريخ ارض-جو من طراز سام6 روسية الصنع. واعرب الضابط السابق عن تشاؤمه من وضع الثوار وما توقعه من تطورات قادمة، مشككا في تعليمات قال انه حصل عليها من قيادة الثوار تتحدث عن استعدادات لشن هجوم مضاد في اتجاه راس لانوف. وكان مراسل وكالة فرانس برس قد ذكر ان القوات الموالية لنظام معمر القذافي احتفلت امس باستعادة مدينتي بن جواد وراس لانوف في شرق ليبيا، حيث يشهد الدمار على المعارك العنيفة التي وقعت في الايام الاخيرة. ففي مدينة راس لانوف النفطية، التي كانت المعقل المتقدم للمتمردين في الشرق، وفي مدينة بن جواد، احتفلت القوات المسلحة للنظام بانتصارها على المتمردين، امام الصحافيين الذين دعتهم لحضور تلك الاحتفالات. وردد الجنود الذين رفعوا صورا طبعت اخيرا للعقيد القذافي، شعارات مؤيدة للنظام. وعلى جدران مبان ومنازل نخرها الرصاص والقذائف، لطخت بالدهان شعارات معادية للقذافي، باستثناء شعار "القذافي مجنون" الذي لم يره الموالون على ما يبدو. وعلى الطريق المؤدية من بن جواد الى راس لانوف، يشهد عدد الاغلفة الفارغة للقذائف والرصاص، على عنف المعارك بين الموالين والمعارضين الذين كانوا يسيطرون على هذين الموقعين الاستراتيجيين.