قرأت عن أغنى رجال العالم "الخمسيني" وليام غيتس المعروف ب " بيل غيتس" صاحب شركة مايكروسوفت والذي تبلغ ثروته 40 مليار دولار فعلى الرغم من خسارته 18 مليار دولار إلا أنه حافظ على تصدره لقائمة أغنياء العالم، وبغض النظر عن بقية الأسماء في القائمة وثرواتهم قد يقود ذلك كل من يطلع عليها إلى التأمل بأشياء مختلفة، ومنها أيهما أفضل أن يكون الشخص " تاجراً " أو " مسؤولاً في دولة "، ولنبدأ بالتاجر، فمن الإيجابيات التي يتمتع بها "التاجر" أو رجل الأعمال العادي ( صاحب الملايين وليس المليارات)، هو أنه بمثابة " الحاكم " لمنظومته التجارية وسيظل طوال عمره مرفوع الرأس والمسؤول الأول عن أملاكه، فلن يستطيع أحد إحالته إلى التقاعد أو أن يقدم استقالته ، وليس بمقدور أي شخص ممن هم تحت سلطته من الاعتراض أو الانتقاد في حال أن "الراتب ماشي" ، ولا ننسى بأن المجتمع من حوله سيظلون يتعاملون معه بأسلوب واحد كونه " شيخاً تاجراً" وسيتهافتون إلى مجلسه ويمتدحونه ويلقون عليه القصائد وربما "النكات والطرائف"، ومن ناحية أخرى " المسؤول في الدولة " مثل وزير أو نائب أو وكيل وغيرها من المسميات التي مهما بلغت قوتها ونفوذها إلا أنها تعتبر مناصب محددة بوقت معين، والتي سيتعامل معها المجتمع "بوجهين" الوجه الأول حينما يكون مسؤولاً فسيتعاملون معه بكل احترام وتقدير وإجلال وسيكون موقعه دائماً وسط المجلس "ويضع رجلاً على رجل" وسيكون مجلسه عامراً بالمتوافدين خاصة "وقت المغرب" والكل منهم يتطلع إلى أن يتحدث أو أن يتكلم ولو ألقى أحد المتواجدين "نكتة" التفت الحضور إليه، فإذا "ابتسم" ضحكوا وإن عبس "سكتوا"، إلا أن كل ذلك "زائل" وينتهي "مباشرة" بعد تقاعده أو استقالته، فقليل من الناس ممن يقدر الرجل لشخصه وليس لمنصبه، وقد يؤدي ذلك "أحياناً" إلى مرض نفسي "للمسؤول السابق" ، ومن السلبيات الأخرى أن "المسؤول" ملقى على عاتقه مسؤولية الأمانة تجاه وطنه والتي هي هم لمن لديه "قلب"، فقد يجتهد ثم يفشل وربما يصيب إلا أنها مهما كان, أمرٌ يثقل كاهل النزيه مما يلحقه من تفكير و ضغوط نفسية، لتقديم ما يرضي الجميع، وقد يتبادر للأذهان بعد المقارنة بين "التاجر" و "الوزير" أن الأفضل لو ساق القدر أن يتم الجمع بينهما، ولكنها قد تكون "مزدوجة" وصعبة في تأدية مهام "بوجهين" مهما كان ما يتمتع به الشخص من حنكة وتنظيم . سمعت بأنه تمت إقالة مسؤول في حكومة أحد دول شرق آسيا بعد اكتشاف أنه تاجر وذلك كفلسفة إدارية من تلك الدولة بأنه ليس من المنطق الجمع بين الاثنتين، ولعل ما يلفت الانتباه هذه الأيام ما تواجهه بعض الدول العربية من مشاكل بسبب "هذه النقطة" وهي الجمع ما بين "التجارة" و"النفوذ" ، وهذه المعادلة صعب توليفها أوحلها، ومهما بلغ المسؤول من نزاهة وأمانة وإخلاص لوطنه سيكون دائما داخل دائرة الاتهام ولن يرحمه أحد، كما أنهم لن يصدقوا كلامه حتى لو تم تطبيقها بأفعال لأنهم سيبطنون النية السيئة بأنه لم يفعل ذلك إلا أن وراءها مصلحة له، وبمعنى صريح المجتمعات العربية تعتبر المسؤول التاجر "حرامي" بدون أي مناقشة، فمن الأفضل للتاجر أن يظل في تجارته ولا يدخل دائرة المسؤولية كونها "وجع رأس" وتزيد من أعدائه وقد تسيء سمعته. رأيت الكثير من المحلات التجارية الناجحة ومدى إقبال المتسوقين عليها، وعند السؤال عن ملاكها قد يتم اكتشاف أنهم يعملون بنفس النشاط سواء موظفين في شركة أو غيرها من الارتباطات الأخرى، فمن يعملون في خدمات تشغيلية تجدهم أصحاب محلات سباكة أو أدوات صحية ومن يعملون في علاقات عامة تجدهم يعملون بالهدايا والدروع ، وغيرها من الأنشطة وهو أمر محمود بأن ينمي الفرد خبرته في مجال معين ويطبقها تجارياً في منشأة خاصة به بشرط أن لا يستغل موقعه لتصريف بضاعته ويصبح هو البائع و المشتري في وقت واحد.