لم تكن الكلمات التي صدح بها الفنان طلال مداح قبل زمن ليس بالقصير إلا نابعة من المواطنة الحقة والشعور بالواجب الوطني لدى من نظم أبياتها ومن تغنى بها، والوطن بطبيعة الحال لا يختلف اثنان في حبه فما نحن إلا ابناؤه الذي احتضننا منذ خروجنا إلى الدنيا أول مرة وكذلك أبناؤنا من بعدنا، كما احتضن آباءنا وأجدادنا من قبل، فقد تفتحت عيوننا بالتأكيد على ضوء شمسه وجمال طبيعته واعتادت عليه وألفته وستألفه إلى أن تدفن فيه، حتى لم نعد نتقبل أرضاً غيره مهما اكتسبت من الجمال والجاذبية، فالمتمعن في التسلسل الزمني لحياة المرء وانتمائه إلى الأرض يجده إن جازت المقارنة كالبذرة التي توضع في الأرض وتسقى بخيراتها إلى أن تنمو شيئاً فشيئاً حتى تكبر وتثمر إلى ما شاء الله، وكثيرة هي تلك النباتات التي لا تعيش إلا في أرضها وبيئتها ولا يمكن لها العيش في مكان آخر وبيئة أخرى بأي حال من الأحوال، فما بالك إذا كان ذلك الوطن هو المملكة العربية السعودية بلاد الحرمين الشريفين مهبط الوحي، وقبلة المسلمين من كافة أصقاع الأرض، وهو من دعا له أبونا إبراهيم عليه الصلاة والسلام، فقال الله تعالى (وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا بلداً آمناً وأرزق أهله من الثمرات من آمن منهم بالله واليوم الآخر..) صدق الله العظيم، ولاشك ان هذا الوطن الغالي حباه الله بولاة أمر مخلصين محبين لأبنمائهم، همهم الأول توفير الأمن والرفاهية لمواطنيهم، فأغدقوا عليهم من الخير والعطاء ما الله به عليم، ووفروا من الخدمات والتسهيلات ما يجعل المرء لا يملك أمامه إلا الشكر والتقدير وصادق الولاء لولي الأمر من منطلق قول الله تعالى (يا أيها الذين آمنوا اطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم...) صدق الله العظيم، والعاقل هو من يأخذ العبرة مما يشهده بأم عينيه مما تعانيه بعض دول العالم من زوابع وتقلبات سياسية واجتماعية تعصف بمواطنيها، وتدمر مقدراتهم بل وحياتهم وأبنائهم نتاج تصرفات طائشة وغير مسؤولة.