أكد «د.عائض القحطاني» -الأستاذ في كلية الطب والمشرف على كرسي الشيخ علي بن سليمان الشهري لأبحاث السمنة بجامعة الملك سعود- على أن عدم استشعار خطر السمنة في المجتمع وخاصة من القياديين ومتخذي القرار، إلى جانب عدم وجود استراتيجية وطنية لمكافحتها في كل القطاعات، يمثل أبرز التحديات التي تواجه الكرسي، موضحاً أن معدل السمنة وزيادة الوزن بلغ بين المواطنين أكثر من (70%)، خاصةً بين الأطفال والشباب الذين يمثلون ما لا يقل عن (50%) من السكان. وأضاف تشير التوقعات إلى أن أكثر من ثلاثة ملايين طفل بالمملكة مصابين بالسمنة، وأكثر من (36%) من سكان المملكة مصابين بمرض البدانة القاتلة، الأمر الذي أدى إلى الإصابة بالعديد من الأمراض، منها أمراض القلب والأوعية الدموية وارتفاع ضغط الدم، بالإضافة إلى زيادة الدهون و»الكولسترول» وحصوات المرارة والسكري، إلى جانب بعض أنواع السرطانات والتهاب وآلام المفاصل وأمراض الجهاز التنفسي والأمراض النفسية، وإليكم نص الحوار: مطاعم الوجبات السريعة لعبت دوراً مهماً في زيادة نسبة الأطفال البدناء تدريب المهنيين * كرسي الشيخ «علي الشهري» للسمنة، إضافة حقيقية لجهود مكافحة السمنة بالمملكة، ما الدوافع الحقيقية لإنشائه؟. - استشعر العالم المتقدم خطر السمنة بصفتها «وباء العصر»، ليبدأ في وضع الاستراتيجيات والقوانين لمكافحتها، وللأسف لا يوجد في العالم العربي أي خطة لمحاربة هذا الوباء، ومن هذا المنطلق رأت الجامعة أن عليها مسؤولية اجتماعية في هذا الجانب، وأنشأت كرسي السمنة، من أجل تدريب المهنيين وأفراد المجتمع للتعامل مع حالاتها، بالإضافة إلى تحسين الخدمة الصحية من خلال الطب المبني على البراهين، وتعزيز القوانين والتشريعات التي تساعد على الأنشطة البدنية والغذاء الصحي، مع إعداد جيل من الباحثين والأطباء المواطنين على أعلى المستويات العالمية، إلى جانب أن يكون كرسي الشيخ «علي بن سليمان الشهري» لأبحاث وعلاج السمنة، وسيلة لتعزيز البحث العلمي في هذا المجال. أطفال وشباب * لماذا اختص هذا الكرسي في أبحاث وعلاج السمنة لدى الأطفال والشباب والمراهقين؟. - لقد أثبتت الدراسات أن أفضل الطرق للوقاية ومحاربة هذا الوباء، تبدأ من الأطفال والشباب، وهم يمثلون لدينا أكثر من (50%) من المجتمع، ورغم أن الكرسي يركز على هذه الفئة العمرية، إلا أنه لا يقتصر عليها فهو يهتم بكل الأعمار. * ما التحديات التي يواجهها الكرسي للقيام بمهامه وواجباته على أكمل وجه؟. - يواجه الكرسي العديد من التحديات أبرزها عدم استشعار خطر السمنة في المجتمع، وخاصةً من القياديين ومتخذي القرار، وكذلك عدم وجود استراتيجية وطنية لمكافحة السمنة تشمل كل القطاعات. أمراض القلب والسكري * من خلال عملكم كمشرف على الكرسي، ما حجم المشكلة بالمملكة -أرقام وإحصائيات-؟. - بلغ معدل السمنة وزيادة الوزن بين المواطنين أكثر من (70%)، خاصةً بين الأطفال والشباب الذين يمثلون ما لا يقل عن (50%) من السكان، كما تشير التوقعات إلى أن أكثر من ثلاثة ملايين طفل بالمملكة مصابين بالسمنة، وأكثر من (36%) من سكان المملكة مصابين بمرض البدانة القاتلة، الأمر الذي أدى إلى الإصابة بالعديد من الأمراض منها أمراض القلب والأوعية الدموية وارتفاع ضغط الدم، وكذلك زيادة الدهون و»الكولسترول» وحصوات المرارة والسكري، إلى جانب بعض أنواع السرطانات والتهاب وآلام المفاصل وأمراض الجهاز التنفسي والأمراض النفسية. جار العمل على تجهيز حملة وطنية كبيرة تستهدف المدارس والأسواق هوس التسوق * من وجهة نظركم ومن خلال النتائج التي توصل إليها الكرسي، ما الأسباب الحقيقية لانتشار السمنة وسط المجتمع وخصوصاً شبابه وشاباته؟. - تضافرت العديد من العوامل، أدت في مجملها إلى تفاقم مرض السمنة، منها وجود مدن وبيئة غير مساعدة على الحركة وممارسة الرياضة والمشي، بالإضافة إلى أن الغذاء والنشاط البدني في المدارس سيئ جداً، إلى جانب كثرة مطاعم الوجبات السريعة وغياب القوانين التي تلزمها بتوفير البدائل الصحية وغيرها من القوانين التي تراعي الصحة العامة، إلى جانب اعتبار الطعام من وسائل الترفيه، وكذلك الكسل والاعتماد على الآخرين، وقلة اللعب الحركي، كما لا نغفل إطالة الجلوس أمام شاشة التلفاز بالإضافة للتأثر بإعلاناتها، وهوس التسوق وخاصة للعروض التجارية، وعدم الاهتمام بنصائح المختصين. حملة وطنية * يعتزم الكرسي تنظيم حملة وطنية حول السمنة وزيادة الوزن بالمملكة، حدثنا عن هذه الحملة وأهدافها؟. - جار العمل على تجهيز حملة وطنية لمكافحة السمنة، تستهدف المدارس والأسواق والبرامج التليفزيونية، وتهدف إلى تصوير واقع المجتمع والنتائج المترتبة على نظام الحياة غير الصحي، بالإضافة إلى القيام بحملات توعوية في الأسواق و»المولات»، مع تنظيم مسابقات ترفيهية للأطفال تحمل رسالة توعوية وبأسلوب سهل الاستيعاب، كما يجري العمل على تصوير «سكتشات سنيمائية» -كرتونية وحقيقة- للأطفال والكبار، تتحدث عن العادات الصحية الخاطئة التي تؤدي إلى السمنة المفرطة، وفي المقابل كيفية تغير النمط إلى الحياة الصحية والحصول على الوزن المثالي، وكذلك جار التعاقد مع قنوات فضائية مشهورة، وقنوات أخرى مخصصة للأطفال، لعرض «الأفلام الكرتونية» والتصويرية، كفقرات اعلانية أو كمسلسل يومي، وهناك الحملة الوطنية لمكافحة السمنة تحت شعار: «اخسر لتربح»، والذي يعود نفعه من خلال نشر الوعي بأهمية وأساليب الوقاية، ودور العلاج للحد من عدد المصابين بالسمنة والبدانة، وما يصاحبها من مشكلات صحية ونفسية، ونسعى من خلال هذه الحملة تحقيق العديد من الأهداف أبرزها نشر ورفع مستوى الوعي لدى المجتمع عن طريق توجيه برامج توعوية للتعريف بالسمنة وأخطارها، وكيفية تبني العادات الصحية السليمة، مع توفير وتحديد الخدمات العلاجية المناسبة للمصابين بالسمنة، لمساعدتهم على التخلص منها بشكل فعال ودائم، إلى جانب إجراء دراسات وبحوث، وإنشاء قاعدة بيانات للمساهمة في إيجاد الحلول المناسبة والواقعية، للحد من السمنة والتقليل من أضرارها على المجتمع، وتفعيل نظام الشراكة بين مؤسسات القطاع الحكومي والخاص في مجالات الصحة والتعليم والتجارة والصناعة لمحاربة السمنة. لا يوجد وعي * ألا توافقونا الرأي أن الوعي لا زال غائباً بحجم وخطورة مرض السمنة، كيف يمكن التغلب على هذه المشكلة؟. - نعم اتفق معكم، وللأسف أن غياب هذا الوعي لا يقتصر على المجتمع، بل وحتى القياديين في الجهات ذات العلاقة لا يعون خطورة الأمر بعد. * ألا ترى أن هناك ضرورة لإدراج مادة علمية حول السمنة ومخاطرها، وكيفية الوقاية منها والتعامل معها، وذلك ضمن المنهج الدراسي للمراحل الابتدائية والمتوسطة والثانوية؟. - نعم لابد من إدراج السمنة والتحذير من مخاطرها في المناهج الدراسية، بل والحرص على وعي المعلمين والقياديين في التعليم بأهمية ذلك، وقد اتخذنا الإجراءات وطالبنا بالكثير من الأمور المهمة، ومنها التنسيق مع الصحة المدرسية للبنين والبنات في وزارة التربية والتعليم، لإجراء دراسات ميدانية للاطلاع على حجم المشكلة بشكل دقيق والعوامل المساعدة لتفشيها في المجتمع، ومن ثم وضع إستراتيجية علاجية ووقائية، والقيام بحملات توعوية داخل المدارس، مع توزيع بعض الكتيبات التي تساعد على نمط حياة صحية ونشاط بدني سليم. مطبوعات شهرية * كرسي أبحاث السمنة على عاتقه مسؤولية اجتماعية كبيرة، وهي توعية المجتمع بمخاطر السمنة وطرق مكافحتها الصحيحة، ماذا فُعل لإيصال الرسالة للمجتمع؟. - زودنا وزارة الاقتصاد والتخطيط بتوصيات المؤتمر الأول لعلاج ومكافحة السمنة لدى الأطفال والشباب، والتي تنص على تغيير السياسات والاستراتيجيات العامة وآليات التنفيذ المقترحة، وعملنا على توفير مطبوعات شهرية توعوية للمجتمع، بالإضافة إلى تخصيص البعض منها بما يناسب مستوى استيعاب الطفل، مع إقامة المحاضرات وورش العمل التثقيفية للعائلات والأفراد المصابين بالسمنة، إلى جانب إنشاء عيادة فريدة لأول مرة في المنطقة والريادة في جراحات السمنة عالمياً للأطفال والشباب، مع إصدار أبحاث نوعية يندر أن تكون في مكان آخر، لنوعيتها والمادة المشمولة فيها، وإصدار أول مجلة باللغة العربية تعنى بالسمنة. خطط مستقبلية * كرسي أبحاث وعلاج السمنة برنامج شامل يهدف إلى مكافحة وعلاج زيادة الوزن والبدانة، ويوفر الدعم والعلاج والتعليم والموارد اللازمة للأطفال وأسرهم، من أجل المحافظة على وزنٍ صحي، ما الخطط المستقبلية لتحقيق هذا الهدف؟. - وضع الكرسي برنامج عمل مكثف لتحقيق أهدافه المرجوة، منها تنظيم مؤتمر دولي عن السمنة في 15-17 من مارس الحالي، وحملة وطنية توعوية للأطفال وأسرهم، سيعلن عنها في المؤتمر، وإقامة مركز تميز للسمنة -الأول في المنطقة-، مع نشر الكثير من الأبحاث في مجلات علمية قيادية، إضافةً إلى إعداد دراسة وطنية مسحية عن السمنة. مؤتمر دولي * المؤتمر الدولي للسمنة في منتصف هذا الشهر، ما حجم الاستعدادات والأهداف المرجوة؟، وماذا عن المشاركين وأوراق العمل؟. - ستتم إقامة المؤتمر الدولي الأول للسمنة يوم 15 من شهر مارس الحالي، حيث سيستضيف المؤتمر نخبة من أفضل الخبراء الدوليين في مجال أبحاث السمنة، وستتم مناقشة أهم المواضيع المتعلقة بمشاكل السمنة ومنها التدخلات العلاجية والجراحية، والتغذية الصحية واللياقة البدنية، بالإضافة إلى مناقشة العيادة متعددة التخصصات لعلاج السمنة، والرعاية النفسية واستراتيجيات التخلص من السمنة، كما سيجمع المؤتمر مجموعة من التخصصات من المهنيين الذين يعملون في مجال السمنة، وسيتم عرض أحدث الجوانب العملية لعلاج ومكافحة السمنة، بالإضافة إلى أحدث البحوث العلمية، كما تم تخصيص جزء كبير من المؤتمر لورش العمل والاستراتيجيات التي تم مناقشتها مع الخبراء في هذا المجال. أرقام مخيفة * هل تعتقدون أن الجهود الحكومية مثل وزارة الصحة والقطاعات الأهلية والجمعيات العلمية، كافية لمواجهة هذا المرض؟. - لا بد من توحيد الجهود والعمل كفريق واحد. * هل تعد السمنة مرض أم ظاهرة؟، داء أم وباء؟، ولماذا؟. - نعم هي وباء، ودعني أذكر بعض الأرقام المخيفة لتعرف أنها وباء، حيث يوجد (70%) من الرجال و(75%) من النساء مصابون بالسمنة وزيادة الوزن، وفي هذا العام يتوقع أن تكون السمنة المسبب الأول للوفيات على مستوى العالم، بحيث تؤدي إلى وفاة (500) ألف شخص، وهناك (1000) وفاة يومياً في الولاياتالمتحدةالأمريكية، كما تقلل السمنة من عمر الإنسان بما يقارب عشرين عاماً، وهناك (117) بليون دولار سنوي تكلفة السمنة والأمراض المصاحبة لها بالولاياتالمتحدةالأمريكية، و(63) مليون زيارة للطبيب في العام الواحد، وتشير دراسات منظمة الصحة العالمية إلى أن نحو (2.3) مليار من البالغين، سيعانون من فرط الوزن، وأن أكثر من (700) مليون، سيعانون من السمنة بحلول عام 2015م.