أكد مختص في إدارة الموارد البشرية ان الاستثمار في القوى البشرية يعد أهم أنواع الاستثمارات التي تسهم في توفير الكفاءات البشرية القادرة على تحقيق الأهداف التنظيمية بكفاءة وفعالية ، موضحاً بأن الموارد البشرية الفعالة تعتبر الركيزة الأساسية في تكوين وخلق القدرة التنافسية للمنظمات، وهو المورد الأكثر أهمية وخطورة في تحديد نجاح المنظمات وتحقيق أهدافها باعتباره أهم الأصول التي تمتلكها المنظمة. كما أوضح الدكتور صلاح جهيم بن مساعد أستاذ إدارة الموارد البشرية المساعد في معهد الإدارة العامة بأن مفهوم الانفاق على التدريب قد تغير من كونه مجرد مصروفات وتكاليف لأداء الأعمال ليصبح استثمارا تتجاوز أهميته الاستثمار في الأصول الرأسمالية لتأثيره الايجابي في زيادة الانتاجية وتحقيق الأهداف التنظيمية. مشيراً إلى أن هناك بوناً شاسعاً بين ما ينفق على التدريب في الدول المتقدمة وما ينفق في دول الخليج حيث تنفق المنظمات في الدول المتقدمة من 2 إلى 3% من المصروفات العامة ولكن في اغلب المنظمات الخليجية فان الرقم قد لا يتجاوز ربعاً بالمائة. وأضاف د. بن مساعد أن مفهوم العائد على الاستثمار في التدريب يعتبر تحولا جديداً في فكر القائمين على إدارة الموارد البشرية بهدف قياس كفاءة الأنشطة التدريبية وتبرير الاستمرار فيها. معتبراً بأن التدريب نوع من "الاستثمار" ينبغي أن يتحقق عنه عائد ويجب قياس ذلك على الرغم من تواضع ما يصرف على التدريب في دول الخليج مقارنة بالمصروفات العامة الا أنها تعتبر استثمارات ضخمة فمنظمات قطاع الأعمال وكذلك المنظمات الحكومية تخصص جزءا من ميزانياتها السنوية للتدريب ، وهذا مبرر لمعرفة جدوى ذلك الاستثمار ومدى الاستفادة منه وتوضيحه لمتخذي القرار. لذا يجب أن يكون هناك تقييم دقيق للعائد الاستثماري من اجل معرفة اثر تلك الاستثمارات على أداء المنظمة وزيادة إنتاجيتها وتقدم مركزها التنافسي. وقد بين د. ابن مساعد ان قياس العائد من التدريب يتم من خلال مقارنة الفوائد المتوقعة أو المتحققة من نشاط التدريب بالتكاليف المصروفة. وقال "على الرغم من هذه الأهمية وتلك المبررات إلا انه يلاحظ غياب ممارسة قياس أثر التدريب في كثير من المنظمات الخليجية أو إذا ما تمت تكون بطريقة سريعة وبدائية لا تصل للمستوى المأمول " . وطرح د. ابن مساعد عدداً من النماذج والمستويات التي تستخدم في التقييم ، متطرقاً إلى مراحل قياس العائد على الاستثمار في التدريب وقد توصل إلى عدد من النتائج منها أن وجود سياسة واضحة وخطوات عملية تشتمل على العناصر الأساسية لتقييم أثر التدريب ضرورة ملحة لتحسين وتطوير نوعية البرامج التدريبية وأثر ذلك على المستوى التنظيمي ، كما أنه ليس هناك نموذج وحيد لقياس العائد على الاستثمار في التدريب بل عدد من النماذج المعقدة والتي قد تتشابه في كثير من المستويات إلا أن آلية التطبيق قد تصعب بسبب بعض الجوانب غير الملموسة من نتائج التدريب. كما استنتج د. ابن مساعد إلى أنه ليس بالضرورة أن يكون الخلل دائماً في العملية التدريبية فقد يكتسب المشاركون المهارات المطلوبة ولكنهم لا يجدون البيئة التنظيمية التي تسمح بتطبيق ما تعلموه ، هذا بالإضافة إلى النقص الحاد في وجود المتخصصين الذين يمتلكون الخبرة العملية للقيام بدراسات تقييم وقياس العائد من الاستثمار في التدريب. وقد أوصى د. ابن مساعد بعدة توصيات منها ضرورة قيام معاهد الادارة والتنمية بدول الخليج العربية بإيجاد نموذج علمي وعملي مبسط تتوفر فيه جميع العناصر الاساسية لتقييم وقياس العائد من الاستثمار في التدريب. مع ضرورة اهتمام المنظمات بإعداد وتأهيل خبراء مختصين بدراسات قياس اثر التدريب. وضرورة تقييم وقياس العائد من التدريب وفق آليات ومقاييس محددة للتعرف على نقاط القوة والضعف في العملية التدريبية من أجل توجيه النشاط التدريبي بما يضمن جدوى التدريب ويحقق عائدا مجزيا يوازي تكاليفه. كما دعا د. ابن مساعد الى ضرورة وجود سياسات واضحة تؤدي الى إيجاد الظروف الملائمة والمناخ المناسب والحوافز التي تسهم في إتاحة الفرصة بشكل كامل لتطبيق المهارات والمعارف المكتسبة من التدريب. بالإضافة إلى وضع حوافز مناسبة للمتدربين ومكافآت للمتفوقين بما يعطي الجدية وبذل أقصى جهد للاستفادة من نتائج التدريب. مع الاهتمام بالدراسات والبحوث المرتبطة بتطوير منهجية التدريب وربطه باحتياجات سوق العمل. وقيام ادارات التطوير بمعاهد الادارة والتمنية بدول الخليج للعمل على وضع آليات تحدد الاسلوب والكيفية والخطوات العملية لقياس الاستثمار في التدريب بالتعاون مع الجهات الحكومية الاخرى. مضيفاً ضرورة وجود سياسة تنظيمية تربط ميزانيات التدريب بنتائج العائد على الاستثمار في التدريب. وقيام مراكز البحوث في معاهد الادارة والتنمية بدراسة واقع البيئة التنظيمية في الاجهزة الحكومية لمعرفة المعوقات التي قد تحول دون تطبيق المهارات والمعارف المكتسبة عند عودة المتدرب الى منظمته. يذكر أن الدكتور صلاح جهيم بن مساعد قد قدم ورقة عمل بعنوان " قياس العائد على الاستثمار في التدريب " .وذلك ضمن مشاركته بندوة " إدارة الموارد البشرية من منظور استراتيجي في دول الخليج العربية " والتي عقدت مؤخراً في الدوحة .