يستعد المهندس الفرنسي جورج موجين إلى الذهاب أكثر من مرة في الأشهر المقبلة إلى سواحل كنداالشرقية مع مجموعة من الباحثين الفرنسيين وغير الفرنسيين لتحديد جبل من جبال الجليد المتجمدة والعائمة هناك قبل نقلها في ربيع العام المقبل إلى جزر " الكاناري " الإسبانية. ويأتي التوجه للنقل نظراً لمعاناة جزر من مشكلة ندرة المياه شأنها في ذلك شأن مناطق أخرى في إسبانيا منها منطقة الأندلس. والحقيقة أن صاحب السمو الملكي محمد الفيصل بن عبد العزيز كان من الشخصيات القليلة التي شجعت هذا المهندس الفرنسي منذ مايزيد عن 35 عاما على المضي قدما في البحث عن وسيلة تسمح فعلا بنقل جبال الثلوج المتجمدة العائمة من القطبين الشمالي والجنوبي إلى مناطق تشكو من ندرة المياه العذبة. وعندما راود الحلم الأمير محمد الفيصل اتصل بالبعثة القطبية الفرنسية التي كان يترأسها بول إميل فكتور الذي يعد من أفضل الخبراء الفرنسيين الذين درسوا عن كثب عوالم جبال الجليد المتجمدة العائمة. وقد توفي هذا العالم قبل 16 عاما وترك وراءه نتاجا علميا غزيرا ساعد رفيقه جورج موجين على بذل جهود كبيرة للبحث عن طريقة تسمح فعلا بنقل الجليد المتجمد العائم على مسافات طويلة. م.جورج موجين وتجدر الملاحظة إلى أن اقتناع الأمير محمد الفيصل بصواب فكرة إمكانية الاستفادة في المنطقة العربية مثلا من مياه القطبين الشمالي والجنوبي المتجمدة جعله يقف في منتصف سبعينيات القرن الماضي وراء إطلاق مؤسسة خاصة تعنى بمتابعة الملف . بل إنه كان وراء مبادرة أخرى هي عقد أول مؤتمر علمي حول الموضوع عام 1977. وبالرغم من أن أهمية كل المبادرات والمحاولات الجادة للمرور بالمشروع من مرحلة الفكرة الحلم إلى مرحلة التصور العملي، فإن المشروع وضع في الأدراج في ثمانينيات القرن الماضي لعدة أسباب وعوامل بعضها تقني وبعضها مالي والبعض الآخر يعزى إلى الحملة الشعواء التي تعرض لها المشروع وأصحابه. وقد سئل سمو الأمير محمد الفيصل أكثر من مرة عن هذه الحملة فذكر بأن أطرافا عديدة من التي غذتها كانت تتهمه مع المتحمسين الآخرين للمشروع بالجنون . الراحل بول إميل فكتور ولكنه قال مثلا في يناير من العام قبل الماضي عندما طرح عليه سؤال حول المشروع : '' مازلت مصرا على أنها فكرة ناجحة وعملية ولكن لايمكن لفرد أو مؤسسة تنفيذها". ورأى سموه أن الأمر يحتاج إلى جهود كثير من الأطراف منها الدول لعدة اعتبارات منها تلك التي تتعلق بالبيئة وبسيادة الدول وبالأموال اللازمة لتمويل مثل هذه المشاريع على الأقل في ما يخص تجاربها الأولى. معارف جديدة إذا كانت مؤسسة فرنسية تسمى " داسو سيستيم" قد تبنت المشروع في السنوات الأخيرة وأبدت استعدادها للإسهام في تنفيذه من الناحية العلمية والتقنية، فإن ذلك يعزى أساسا إلى التطور التكنولوجي والمعرفي الهائل الذي سجل في العقد الماضي على أكثر من صعيد : فقد أصبح رصد تشكل جبال الجليد العائمة وتفككها وطريقة توجهها في البحار والمحيطات العائمة فبها وسبل مساعدتها على قطع مسافات طويلة دون ذوبان الجزء الأكبر من مياهها العذبة أمرا يسيرا بفضل التقنيات والمعارف الجديدة ومنها تلك التي يمكن الحصول عليها عبر الاستشعار عن بعد بواسطة الأقمار الصناعية وعبر عمليات المحاكاة الافتراضية من خلال نظم المعلوماتية وبرامجها الحديثة. وهذه التقنيات والمعارف هي التي شجعت جورج موجين المهندس الفرنسي المتقاعد على إعادة فتح دفاتره ورسومه المتعلقة بمشروع نقل جبال الجليد على مسافات طويلة. بل إن الرجل طلب من عدد من رفاقه القدامى الانضمام إليه مجددا للبدء في تنفيذ المشروع العام المقبل. نسيج اصطناعي يحفظ الجبل الجليدي العائم من الذوبان جبال الثليج العائم مصدر أساسي من مصادر المياه العذبة في المستقبل