جميعنا يتذكر الدكتور غازي القصيبي - رحمه الله - عندما قرر العمل «جرسوناً» في أحد مطاعم جدة لفترة محدودة بهدف تشجيع الشباب على هذه المهنة الشريفة، ونشرت له صورة وهو يقدم أحد الطلبات، فكانت من أبلغ الصور التي تبقى في الذاكرة لأنها كانت عبارة عن صورة ميدانية حقيقية لتحفيز الشباب على العمل الشريف بكل أنواعه. ونشرت «الرياض» مؤخراً موضوعاً لأحد الشباب السعودي الذي اختار لنفسه خطاً مختلفاً عما يبحث عنه الشباب من جيل اليوم ولم يرض إلا بالمواصلة لتحقيق طموحه مهما كانت العقبات واختار مهنة قد يرفض الكثير من شباب اليوم أن يلتحق بها فقط لأنه يحسب ألف حساب لنظرة المجتمع وإن كانت غير صحيحة، ويجعل المجتمع هم من يحدد طموحه، لكن عبدالعزيز العويس كما ذكر في الموضوع الذي طرحته الزميلة هيام المفلح قد (تحدى المعوقات الاجتماعية وأدار ظهره للجميع لتحقيق ذاته بأن لا يعيش عاطلاً عن العمل وعالة على ذويه مقتفياً أثر هوايته التي بدأ في تنميتها منذ نعومة أظافره حيث كان يلازم والدته في تجهيز موائد البيت إلى أن حاول أن يدخل بعض التعديلات التي أسماها (ابتكارات) ويسرد العويس قصته بعد أن أصبح واحداً ممن يشار لهم بالبنان في مطبخ فندق في الرياض وقال: لقد بدأت أتلمس خطوات النجاح حينما عهد لي أن أخرج في الحفلات الخارجية الكبيرة التي لا توكل عادة إلا لكبير الطهاة وتدرجت في الوظائف، وبعد أن كان تخصصي طبخاً عاماً عملت في المطبخ الايطالي، رغم أن بعض الذين كنت أعمل معهم توقعوا ألا استمر واستغربوا وجود شاب سعودي معهم). مثل تلك النماذج أعتقد أننا بحاجة لعرضها وطرح تجارب هؤلاء الشباب ليكونوا قدوة لغيرهم، وأن يساهم أصحاب مثل تلك التجارب بالظهور بكل وسائل الإعلام المتاحة واعتقد أن المجتمع مليء بالشباب المميز الذي لم يستسلم لنظرة المجتمع ولم يبحث عن مكتب ويعمل تحت أجهزة التكييف وأمام شاشات الحاسب، بل اختار بعضهم أماكن الصيانة وورش السيارات والعمل اليدوي بكل أنواعه وأشكاله، وهم ليسوا قلة لكن يبقى هناك موضوع في غاية الأهمية وهو دور التعليم في تعزيز قيمة العمل الشريف مهما كان، بأسلوب يتناسب ولغة العصر التي يتعامل معها الشباب إضافة إلى تغيير نظرة المجتمع وإن كنا نرى أنها اختلفت لكن لا تزال أقل من المطلوب تجاه مجتمع النسبة العظمى منه هم جيل الشباب، ونحن بحاجة لتعدد المهن التي تقوم على أيدي أبنائنا، أيضاً على أصحاب الشركات والمؤسسات أن تكون لهم وقفة صادقة وجادة في ايجاد فرص العمل (الحقيقية) لشباب وشابات مبدعين يحتاجون لدعم (حقيقي) منهم أما أن يكون همهم أكبر ربح بأقل التكاليف! فهذا السؤال الكبير الذي يحتاج لاجابة، وكانت «الرياض» قد نشرت قبل أيام ايضاً ان 35 شاباً سعودياً في مدينة الخبر كسروا حاجز العيب الاجتماعي وبدأوا مشوارهم الوظيفي من مطابخ أحد المطاعم المشهورة في مهن طباخ ومساعد طباخ واستقبال ومقدم وجبات، مسترجعين تجربة وزير العمل السابق الدكتور غازي القصيبي - رحمه الله -. شبابنا وشاباتنا مبدعون لكنهم بحاجة لمن يقف بجانبهم من أصحاب الشركات والمؤسسات ومن المنزل وهو الأهم.