الحرية .. مصطلح أوجع الكثير من الرؤوس على ممر العصور .. ولا زال مصدر الإحساس بالقلق لدى بعض الناس لست سياسية ولا أفهم بالسياسة نهائياً ولا أهتم لأمرها .. سياستي فقط في حدود السطور والكلمات فلا أتحدث عن موضوع أجهله .. لذلك دعوني أفهم منكم أنتم .. هل الحرية ضد المسؤولية ؟؟ هل معنى أن تكون حراً .. أن لا يكون لديك أي مسؤولية ؟ من أين جاءت المسؤولية ؟ جاءت ممن يحاسب ويعاقب ..؟ حسناً ماذا لو غاب هذا المحاسب الرقيب ؟ ألا تعتقدون أن المسؤولية ستكبر لأن الفرد سوف يكون وحده في مواجهة كل أخطائه ؛ في حين تعودنا أن نسقط أخطاءنا على الآخرين .. لا أقصد بالآخرين الأشخاص فقط ؛ وإنما كل موجود .. فقد يُسقط بعض الناس أخطاءهم على الطوب أو الأشجار ..!! ستقع مسؤولية كبيرة على عاتقك وحدك إذا لم تجد من يشاركك تلك المسؤولية ؛ ستكون وحدك السبب والمتسبب والنتيجة ... إنها مشكلة أليس كذلك ؟ أتحدث عن حرية مطلقة ... يعني حتى إبليس لن تستطيع أن تقول له "أنت السبب "!! أنت بكامل حريتك لا أحد يستطيع إجبارك على أن تفعل .. أو لا تفعل .. وإذا فعلت وحدك من يتحمل النتائج .. كل النتائج هل تدركون معي هذا الوضع ؟ ألا ترون أن الحرية هي مسؤولية ولكن العقل يخدعنا خدعة كبيرة .. إنه يفسر الأمور بطريقة فيها مراوغة ذكية ؛ إنه دائماً يُصغي لما يريد هو أن يصغي إليه ؛ وما يحب أن يعتقده ويُصدق به ؛ ويستمر بتفسير الأمور بأسلوبه الخاص .. العقل لا يحاول أبداً أن يفهم ما هي الحقيقة ؛ إنه كسول يأخذ قائمة القرارات سلفاً .. قال مريض لطبيبه النفسي " أنا رجلٌ محترم، ومسؤول في المجال الطبي .. ولكن أصبحت الحياة مؤخراً غير محتملة بسبب إحساسي بالذنب واتهام الذات .. لقد وقعت مؤخراً ضحيةً لذنب عظيم ؛ وعادة سيئة .. لقد أصبحت أحب أن أداعب الفتيات وأقرصهن سراً وهذا ينافي مهنتي وأخلاقي " قال الطبيب النفسي يواسي مريضه " بالتأكيد علينا أن نخلصك من هذه الرغبة الملحّة المؤسفة ؛ هي فعلا سلوك محزن مشين ..." قاطعه المريض قلقاً :" إن التخلص من هذه الرغبة الملحّة لا يعنيني كثيرا ً أيها الطبيب .. ما يتعبني حقاً هو الإحساس بالذنب"!!!! انتهت القصة .. هل ترون ..؟ الناس دائماً يتكلمون عن الحرية ولكنهم لا يريدونها تماماً .. أو قد يختلط عليهم المفهوم . إنهم في الواقع في عقلهم الباطن يريدون أن يكونوا غير مسؤولين ؛ وشتان بين الحرية وانعدام المسؤولية .. إن الحرية هي النضوج ؛ الحرية ممكنة عندما تكون متكاملا لدرجة أنك تستطيع أن تتحمل مسؤولية كونك حراً.. العالم ليس حراً .. أغلب الناس ليسوا أحرارا .. وهذا طبيعي لأننا غير ناضجين بما يكفي ؛ الإنسان لا يمكن أن يكون حراً إلا إذا كان واعياً مدركاً متكاملاً فيما يفعله إذا لم تكن واعياً فأنت بحاجة للحكومة، بحاجة للشرطة، بحاجة للمحكمة ؛بحاجة للقوانين والأنظمة والعقوبات والجزاءات .. وطبعا بحاجة لساهر ..! الحرية موجودة كاسم فقط ، في الواقع هي غير موجودة على الإطلاق إلا بدرجات قليلة .. الحرية لن تأتي إذا اختفت الحكومات .. ستأتي الفوضى بكل بساطة ؛ سيكون جنوناً مطلقاً .. أنت بحاجة للشرطة لأنك لست متيقظاً مسؤولا .. لو كنت متيقظاً واعياً ؛ فما الحاجة لوقوف الشرطي عند الشوارع والطرقات؟! إنها ليست "شتيمة أو مسبة " إنه الواقع البشري كن حراً ؛ مسؤولاً.. كلما أصبحت مسؤولاً أكثر أصبحت حراً أكثر .. كلما أصبحت حراً أكثر تحملت مسؤوليات أكثر.. حينها عليك أن تكون واعياً جداً لما تفعل وما تقول وحتى لما تشير إليه من أمور صغيرة في اللاوعي صدقني هي تظهر بشكل أو بآخر هي تظهر .. "تذكر قصة الرجل المحترم مع طبيبه النفسي التي وردت قبل سطور " هناك فرق بين الحرية ... وانعدام المسؤولية .. فرق عظيم.