امتداد للاهتمام الدائم بالإسكان وتعزيز الاستقرار الاجتماعي    الاستثمار في الإعلام    هل قتل الذكاء الاصطناعي الحسّ الإعلامي؟    واشنطن: ضرب 800 هدف باليمن منذ منتصف مارس    قبل النزال السادس مع جيسوس.. إحصائية صادمة لمدرب الأهلي    جيسوس: ندرك قوة الأهلي    اختتام فعاليات بطولة القصيم لجمال الخيل العربية    الحزم يلتقي العين.. الجبلين يواجه أبها.. وجدة يلتقي نيوم    انقطاع الكهرباء يعطل 50 مليونا في إسبانيا والبرتغال    الطائف مدينة الأدب تشارك في معرض بوينس آيرس الدولي للكتاب    لجنة الانضباط تجدد رفض احتجاج الوحدة    GPT-5 وGPT-6 يتفوقان على الذكاء البشري    انطلاق ملتقى "عين على المستقبل" في نسخته الثانية    شذرات من الفلكلور العالمي يعرف بالفن    مكونات صحة سكانية ترفع الأعمار    مكتبة الملك عبدالعزيز تعقد ندوة "مؤلف وقارئ بين ثنايا الكتب"    أمير المدينة المنورة يدشّن المرافق الحديثة للمتحف الدولي للسيرة النبوية    "مركز استهداف تمويل الإرهاب".. جهودٌ فعّالة ورائدة في مكافحة جريمة الإرهاب وتمويله    وزير الخارجية يجري مباحثات مع نظيره العُماني    ورشة عمل حول منصة Linkedin بجامعة خالد    تدشين 9 مسارات جديدة ضمن شبكة "حافلات المدينة"    الشورى يطالب توحيد الجهود وتطوير تصنيف موحد للإعاقة    جمعية الخدمات الصحية في بريدة تفوز بجائزة ضمان    تقديرًا لإمكانياته القيادية ودوره في خدمة القطاع الصحي بالمملكة: "مانع المانع" الرئيس التنفيذي لمستشفيات المانع يحصد جائزة "الشاب القائد للعام" من مجلس الضمان الصحي    القبض على مواطن بتبوك لترويجه مادة الحشيش المخدر    محافظ تيماء يرأس الجلسه الأولى من الدورة السادسة للمجلس المحلي    أمير تبوك يستقبل رئيس وأعضاء جمعية خدمة ضيوف الرحمن بالمنطقة    بلدية مركز شري تُفعّل مبادرة "امش 30" لتعزيز ثقافة المشي    أمير منطقة جازان يستقبل قائد قوة أمن المنشآت المعيّن حديثًا بالمنطقة    نائب أمير منطقة مكة المكرمة يشرّف غدًا حفل تخرج الدفعة ال 73 لجامعة أمّ القرى    جامعة الأمير سلطان تطلق أول برنامج بكالوريوس في "اللغة والإعلام" لتهيئة قادة المستقبل في الإعلام الرقمي    أمير الشرقية يرعى تخريج الدفعة ال 46 من جامعة الملك فيصل    "البحر الأحمر الدولية" تكشف عن مستعمرة مرجانية عمرها 800 عام    استشهاد 18 فلسطينيًا    أبناء زين العابدين يكرمون كشافة شباب مكة    بتوجيه من ولي العهد.. إطلاق اسم "مطلب النفيسة" على أحد شوارع الرياض    اكسر حواجز الواقع و اصفع الفشل بالإصرار    محادثات القاهرة تتعثر.. ولا ضوء في نهاية النفق.. الاحتلال يصعد في غزة ويطارد حماس عبر «مناطق عازلة»    دمشق ل"قسد": وحدة سوريا خط أحمر    هنأت رؤساء توغو وسيراليون وجنوب أفريقيا.. القيادة تعزي الرئيس الإيراني في ضحايا الانفجار    للمرة ال 20 في تاريخه.. ليفربول يتوج بالدوري الإنجليزي بجدارة    تنفذها الإدارة العامة للتوجيه والإرشاد بوزارة الداخلية.. أمير الرياض: الحملة الوطنية.. "الولاء والانتماء" تعزز الأمن وتحصن الشباب    الموارد تطلق خدمة "أجير الحج" لتمكين العمل الموسمي    كيف تحل مشاكلك الزوجيه ؟    أكدت أنه يتفق والمصلحة المطلوبة شرعًا.." كبار العلماء": لا يجوز الذهاب للحج دون أخذ تصريح    السعودية تمتلك تجارب رائدة في تعزيز ممارسات الصيد    مدير الجوازات يستعرض خطة أعمال موسم الحج    صقر في القفص الذهبي    «هيئة الشورى» تعقد اجتماعها الثامن    ملتقى «توطين وظيفة مرشد حافلة» لخدمة ضيوف الرحمن    «جمعية تجهيز» تُخصص رقماً مجانياً للتواصل    تشكيليات يرسمن أصالة الأحساء    حل 40 ألف قضية أسرية قبل وصولها للمحاكم    وفاة عميد أسرة آل أبوهليل    طلاء سحري يقتل البكتيريا والفيروسات    ارتفاع حرارة الأطفال بلا سبب    الأسواق تترقب أسبوعا يرسم ملامح الاقتصاد العالمي    نائب أمير مكة: اقتصاد مزدهر لرفعة الوطن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عليك بالرحمة حتى لا يتجمد قلبك
حديث الثلاثاء.. حتى لا تذبل قيمنا
نشر في الرياض يوم 01 - 03 - 2011

الرحمة التي هي قيمة لقائنا اليوم من أكبر وأعظم القيم التي يجب أن تسود حياتنا، وتكون هي سمة تعاملنا. لقد وردت كلمة (الرحمة) ومشتقاتها الوصفية والعملية ثلاثمئة وأربعين مرة في القرآن الكريم، وهي بهذا الكم الهائل من صور التعبير القرآني عنها تؤكد حقيقة أنها قيمة سامية وجليلة.
** ** **
ويا للدهشة والعجب..
في زمننا المعاصر كثيراً ما تجمدت الرحمة عند بعض الناس، وغلظت قلوبهم، وجفت ينابيع الشفقة عندهم، حتى صار بعض الخلق في مشاعرهم حجارة صماء، وقلوبهم صخوراً عاتية، وحتى اعتبر بعض الجفاة منهم أن الرحمة ضعف، وأن الشفقة استرخاء، وصارت الفظاظة هي أسلوب التعامل العام، والقسوة هي الصفة السائدة في كل صور الحياة بين بعض الناس، ظناً أنها سبيل النجاة مما يخافونه من الزيغ والانحراف الذي ضيع كثيراً من الناس - معتقدين - على غير صواب - أن هذه الجفوة، وتلك الشدة هما السور الحاجب الذي يحمون به الصغار والكبار، ويضمنون حسن مسيرتهم في الحياة.
كثيرة صارت صورة القسوة - متعدددة تعاملات الغلظة - أما الرحمة فقد اندثرت عند هؤلاء الجفاة، وأما الشفقة عندهم فقد ووريت الأكفان، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
يا ليت من يعتلون منابر الوعظ والإرشاد يذكِّرون عامة المسلمين بهذه المعاني العظيمة للرحمة.. بل ليتهم يوازنون بين ذكر معاني الرحمة، وما هو شائع في خطبهم.
** ** **
يكفي الرحمة تقديراً وإعلاء وأهمية أنها هي الصفات التي وصف الله تعالى نفسه بها، وأوجب علينا البدء بها في كل عمل وكل حديث - بل وكل صلاة وقراءة للقرآن (بسم الله الرحمن الرحيم)، ومعلوم أن (الرحمن) كثير الرحمة - وهو وصف مقصور على الله عز وجل، ولا يجوز أن يقال لغيره، و(الرحيم) أكثر دلالة فهي في علم الصرف (صفة مشبهة)، وهي التي تعني الثبوت.
والرحمة هي الخير والنعمة - شاملة كل ما يتصل وينتج عن ذلك.
ومن الرحمة انطلقت كل فعاليات وسلوكيات الخير والنعمة، وصور التعامل بها، وتعدد آثارها وأدائها عند الله تعالى - ومنه.
ومن هنا وجدت أن الحديث عن الرحمة سيكون أعظم ما يكون بالاستشهاد عنها بآيات القرآن الكريم الثلاثمئة والأربعين - أليست أم الكتاب سورة الفاتحة؟ (الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم) والتي من فهمها لأسباب الحمد لله رب العالمين أول ما تكون هي أنه سبحانه وتعالى (الرحمن الرحيم).
** ** **
رحمة الله هي المنقذ والملاذ من كل شر ومكروه (لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم) فالكل غارق في الطوفان، هالك إلا من نالته رحمة الرحمن الرحيم (وإذا أذقنا الناس رحمة من بعد ضراء مستهم...).
رحمة الله التي تغمد بها عباده فأزال ما بينهم من اختلاف ممزق لحالهم (ولا يزالون مختلفين إلا من رحم بك).
فهلّا نستخدم نحن الرحمة وحسن التعامل في جمع شملنا، وسعادة حياتنا استفادة بما تحدثه الرحمة الإلهية الكبرى.
ورحمة الله هي النجاة من النار، هي الانقاذ من الخسران الكبير (وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين) أبعد هذا رجاء أكبر من الرحمة (وإلا تغفر لي وترحمني أكن من الخاسرين).
الرحمة هي أعظم صور البر بالوالدين أحياء.. نخدمهما.. نرضيهما.. نعمل على راحتهما.. وبعد موتهما نستمر على البر بهما.. وندعو لهما دائماً، بالرحمة فنقول: (رب ارحمهما كما ربياني صغيراً).
الرحمة هي هداية القلب للايمان، وتثبيت القلوب على الإسلام، وبغيرها يكون الزيغ إلى الكفر والكفران (وأطيعوا الله ورسوله لعلكم ترحمون).
الرحمة هي لين الجانب، وهي رقة المشاعر، هي طيب الخواطر، وجمع الجميع على المحبة (فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك).
هذه الآيات التي تحمل صوراً من الرحمة هي التي يجب أن نضعها أمام عيوننا، وأن تسود اليوم في كل تعاملاتنا، فما أحوجنا الآن مع الجميع إلى لين القلوب، وطرح الفظاظات من التعامل العصيب. الرحمة هي فضل الله على جميع رسله وأنبيائه لذاتهم، ثم إن تعاملهم بها مع أقوامهم هي سبيل الإقناع لأتباعهم.
** ** **
الرحمة ليست، كما يظن البعض، نوعاً من الضعف، أو التواضع المفتعل.. أبداً إن الله تعالى رحيم رحمان مع أنه القوي العزيز، حتى ارتبطت رحمته سبحانه وتعالى بعزته وقدرته أكثر من خمس وعشرين مرة في القرآن الكريم قولاً، وفي حياة البشرية كلها حقيقة وعملاً.
** ** **
وأكثر من ذلك شمولاً لنا بالرحمة أن الرحمة هي الأرحام منذ بدء خلقنا، وجعل الأرحام من الرحمة لأنها سبيل الحياة السعيدة، وهي مصدر الحنان، والحب، والعطف، والإشفاق، بل جعلها سبيل النجاة من الهلاك.
(هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء).
(وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله).
وهكذا.. كثيرة صلة الأرحام، وكلها من الرحمة، والبعد عنها وعدم القيام بحقوقها سوء ما بعده سوء: (فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم).
من هذه الرحمات الإلهية الكثيرة الشاملة يجب أن نأخذ العبرة في حياتنا وأن تكون الرحمة بكل صورها، وفي كل لوازمها، بكل صادق معانيها هي سلوكنا الآن في هذا العصر الذي جفت فيه ينابيع الرحمة عند بعض الناس.
** ** **
وأحاديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الرحمة كثيرة متنوعة المدلول؛ لأنه هو الذي قال لنا الحديث الشريف (قال الله عز وجل: سبقت رحمتي غضبي)، وقال - صلى الله عليه وسلم - (من لا يرحم الناس لا يرحمه الله).
لقد أمرنا الحبيب المصطفى بالرحمة في كل صور حياتنا مع الناس، مع الأهل والأرحام، مع صغارنا. ومتعددة صور الرحمة في حياته - صلى الله عليه وسلم - مع سائر الناس.. في كل العلاقات والمعاملات.
** ** **
صور كثيرة من الرحمة الإلهية في القرآن الكريم، وأمثلة خالدة من الرحمة النبوية العظيمة؛ ما أظن أن بعدها قولاً نحن في حاجة إليه لتعم حياتنا الرحمة. لنتعامل مع الجميع حولنا بالرحمة.
يا أصحاب القلوب التي لم تع عمق هذه المعاني، ولم تشعر بالمعنى العظيم للرحمة.. اجعلوا الرحمة سبيل الخير، والسعادة، والرضا، مع كل من حولكم.. يرحمكم الله.
** ** **
يا ليت من يعتلون منابر الوعظ والإرشاد يذكِّرون عامة المسلمين بهذه المعاني العظيمة للرحمة.. بل ليتهم يوازنون بين ذكر معاني الرحمة، وما هو شائع في خطبهم مما له علاقة بالخوف والوعد والوعيد.. فالرحمة في حقيقتها قوة، وسلام، وسعادة.. وإيمان حقيقي، وطمأنينة تغمر النفوس والأرواح.
** ** **
وفقنا الله جميعاً إلى الخير والصواب، والأخذ بأسباب القوة مهما غلا ثمنها اللهم اجعل صدورنا سليمة معافاة، وأمدنا يا ربنا بتأييد من عندك وتسديد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.