أكد فضيلة الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس إمام وخطيب المسجد الحرام بأن ما تعيشه بلاد الحرمين الشريفين لمناسبة سعيدةٌ غرَّاء إنها مناسبة شفاء خادم الحرمين الشريفين – حفظه الله ورعاه، ومن كل مُلِمٍّ حَمَاه ووقاه -، مناسبة زهراء، التأمت بشخصيّةٍ فذّة رائدة، استثنائية قائدة، قد وشَّاها الباري - بمنهِّ ولطفه - بُرودَ الصحة الضّافية، وأفواف السّلامة والعافية، فغدَت آثار ما ألم بها طامسة عافية. المجد عوفي إذ عوفيت والكرم وزال عنك إلى أعدائك الألم وما أخصّك في بُرئٍ بتهنئةٍ إذا سلمت فكل الناس قد سلموا، نعم هي مناسبة عودة الأب الحاني من خارج الوطن، إلى رعيّته وبنيه، وشعبه وذويه، بعد ترقّب لهيف، وتشوُّقٍ أرِق، وتضرُّع منيب للرحمن أن يشفيه ويعافيه، وقد حقَّق الله وعده، وشفى عبده، ليواصل مسيرة الطموحات، والإبداعات، والإنجازات. فها هي بلاد الحرمين الشريفين الأمّة الماجدة الوديعة، المتراصّة المطيعة، تعبِّر في سعادة الفائز، وجَذَل المنتصر عن مُفعمِ حبّها وولائها، وبالغ رجائها، وصادق انتمائها لهذا الكيان الشامخ، والإمام الهمام، بحمدٍ متناهٍ لا ينقطع، وعواطف متأجِّجة عن التجِلَّة لا تنقشع، إنهم يتناجون في شفاء مليكهم بلحظ الشوق والوداد، ويتقارضون التهاني بلفظ الروح والفؤاد، بل كيف لا تتعطّر الفضاءات بالشكر للمنان - سبحانه - وتتأرّج، وتزدان المحافظات والمدن وتتضرّج وهو خادم الحرمين الشريفين الموفق بتوفيق الله - سبحانه - الذي حُمِدَت في الأقطار مناقبه وآثاره، وسارت في الآفاق حكمته وسياسته وأخباره، إنَّ شفاء الملك المرموق، خادم الحرمين الشريفين الموموق، وقدومه موفور الصِّحة، سعيد البال، منعَّم الحال، خَلَعَ على مملكتنا الشّمَّاء: أرْضًا وزمانا، مكانا وإنسانا، مزيدَ الوضاءة والمسَرَّة، ورَوْنق الرِّضا والسَّعادة، فلا ترى إلاّ القلوب تدفَّقت فيها ينابيع الغِبطة والسرور، ولا ترى إلا القسمات الباسمات، نضَّرها الأمل المشرِق الزَّاهر، ها هي الرّعية: المواطنون والمقيمون، وكذا المجتمعات الشقيقة، والصديقة، يعبِّرون عن حُبهم الجيّاش، ومشاعرهم الصادقة الهادرة، إزاء هذا الإبلال، وحيال العود الحميد للوطن والأهل: الأهل الذين محضوا والدهم - حياتهم - التواشج الوثيق والوُدَّ والصفاء، وما اختلج في أفئدتهم، من غامر السّمع والتقدير، والطاعة والتوقير. ومن كرائم المِنن في ذلك الاجتباء، أن وشّاه المولى - عزَّ وجلَّ - بخصائص الملك، ومميزات الحُكم، ما يَنُوء بها أُلُو العبقرية والنبوغ من الساسة، فهو ملك في تطبيقه شرع الله وامتثال أوامره - سبحانه -، ملك في همّته وطموحه، ملك في رحمته وإنسانيته وأخلاقه، مَلِك في حزمه وعزمه، إنه مَلِك في أسْنى وَصْف، وأَكْرم رَصْف. ومِن غُرر تلك المكارم والخِلال، جوده بالخير والنوال، قبل التطلُّع والسؤال، لكافّة أقطار المعمورة، ممن ابتُلوا بالعَوَز والضرّاء، أو مسّتهم الكوارث واللأواء، وكفى دَليلاً ناطقًا وشاهدا: مؤسَّسَاته العالمية والمحلية الخيرية - كتب الله له عظيم أجرها - بشتى روافدها العلمية والدعوية والإنسانية، والإغاثية، والاجتماعية، والاقتصادية، التي نثرها كالدُّرَرِ اللاّمعة على وجه البسيطة، بين عباد الله وخلقه، أنَّى كانوا، وأنى باتوا. ومن المناقب الخوالد، لملكنا المحبوب التي دبَّجتها أنامل التاريخ والحضارة، مبادرة الحوار بين المجتمعات والأمم، ليعيش العالم في رحاب المحبة والسلام، والإنسانية والوئام، وتقارض المصالح والاحترام، في مَنْأً عن الاضغان والاحتراب، والغطرسة والاضطراب التي عصفت بروابط الشعوب، ودقّت بينهم عِطر مَنْشَم، وأصبحوا نهبة التربص والكيد، والبطش والحيف، إلى أن قَيَّض الله خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، فنَهْنَه مِن غُلَوَاء هذا الزَّخَّار، وسَعَى لإخماد ذيَّاك الأوار، باذلا في ذلك خُلاصة روحه وفكره، ونفيس وقته وجُهْده، بل سخيَّ النَّشب والنُّضار، محتسبًا على المولى - سبحانه - المثوبة والمن، مُتَجرِّدًا عن مرتخص السُّمعة والمَنَّ. ولتلك المبادَرة الفذّة مضامين سنية، ومقاصد علية منها: دفع الافتراءات المغرضة عنهم، والأقاويل الحاقدة حولهم، من كون الإسلام: صانع الإرهاب وبؤرة التطرُّف والقسوة، وما هو - لو أنْصفوا - إلا رحمة للعالمين وضِياء، ونِعمة شاملة وإخاء. وفي ضوء الخصائص الفريدة لمليكنا المبارك، انعقدت الشهادات العالمية، قاصيها ودانيها، على قوة تأثير الملك - في صناعة القرارات الحاسمة، فيها، بكونه ثالث شخصيّة مرموقة في العالم. ولكن حقيقة الأمر وفصُّه، ومتنه ونصُّه: هو أوَّل وأعظم شخصية عالمية، لا ثالثها، لأنّه يَسُوسُ رعيَّته بأعظم كتاب أنزل للناس أجمعين، كتاب ربِّ العالمين، وسنة إمام المرسلين، عليه أفضل الصلاة والتسليم، اللذينِ عمَّ نورهما العالم أجمع. وهاهو منهجه السياسي الرائد، الدَّارج وفق الهديين العظيمين، المضمَّخ بالحنكة والثقة، والأناة والزَّكانة، ينطلق بِشعبه العتيد، ومملكته الشماء، صَوْب المستقبل الثابت الدعائم، والعزِّ الشامخ الذُّرا، ، والمكانة المهابة بين شوامخ الأمم، يؤيده في مسيرته الميمونة، أخواه الماجدان الحكيمان: صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز: ولي عهده الأمين، وصاحب السمو الملكي النائب الثاني: الأمير نايف بن عبدالعزيز زادهم الله هدى وسدادا وذلك الجلال في الخلال، لملك الوسطية والاعتدال، هو امتداد مبرور، لما كان عليه آباؤه الأكارم الصيد، وسلفه من إخوانه الميامين رحمات الله عليهم أجمعين مِن رفْع لواء الشريعة، والذبِّ عن حماها، ومعاضدة المسلمين، ونصرة قضاياهم والدفاع عنهم في شتى أصقاع الأرض. : وبهذه المسيرة المجيدة في الأمة، حَظي أبناء المملكة العربية السعودية، [وإخوانهم المقيمون على ثراها الأفيح،] من جهد المليك وغاية اهتمامه ومحبته، فائق السهر والرعاية، كلُّ ذلك لبنائهم فكريا وثقافيا، وروحيا، ونفسيا، واجتماعيا، والسّمو بهم إلى مدارات العلياء، حتى غدوا في رياض الأمن وادعين، وفي علياء الحضارة والسؤدد راتعين. فيا خادم الحرمين الشريفين، مليكنا الأغر الأمجد: لَنِعْم الإمام العادل أنت... ولَنِعم الوالد البَرُّ العطوف أنت... ولَنِعم رجل الاستثناء والعصر أنت... ولَنِعم صوت الحكمة والعقل أنت... دُمْتَ مكلوءًا بعين الله ورعايته، ومحفوفًا بلطف الله وعنايته، وجزاك الله عن الإسلام والمسلمين، خير الجزاء وأكرم العطاء، وعن خدمة الحرمين الشريفين أعظم المثوبة والمنَّة، وعن رعيتك وأمَّتك أعلى درجات الجنة، آمين.