أثار الموضوع الذي نشرته "الرياض" في عددها رقم 15354 بتاريخ 26/7/1431ه بعنوان (ضعف القوانين ضد «الأزواج القساة» يجعلهم أكثر «وحشية» مع زوجاتهم ) ردود أفعال متباينة بين قراء الجريدة، وبلغت التعليقات على الموضوع ما يقرب من 175 تعليقا على الموقع الالكتروني للجريدة، أظهرت مدى تفاعل القراء مع هذا الموضوع الحيوي الذي يمس طائفة واسعة من شرائح المجتمع، ويظهر عبر البيانات والإحصاءات كم المشاكل التي تعانيها كثير من النساء المطلقات والمهجورات والمتغيب عنها زوجها، من خلال دراسة متكاملة أعدتها د.لطيفة بنت عبدالعزيز إبراهيم العبداللطيف أستاذ علم الاجتماع المساعد بجامعة الملك سعود، واستغرقت سنتين ونصف بتمويل ودعم مادي ومعنوي من الجامعة عبر طباعتها ونشرها في كتاب تجاوزت صفحاته الأربعمائة صفحة، استشعارا من الجامعة بأهمية النتائج والتوصيات التي توصلت إليها الدراسة، وما يمكن لذلك أن يساهم في القضاء على معاناة النساء – عينة الدراسة – ويكون بابا للتوصل إلى قوانين رادعة. ومؤخرا تلقي رئيس تحرير "الرياض" الزميل تركي السديري تعقيبا من د.لطيفة العبداللطيف معدة الرسالة التي تناولتها الجريدة بعنوان " بعض العوامل المؤثرة على حقوق المرأة المطلقة والمهجورة والمتغيب عنها زوجها : دراسة اجتماعية وصفية تحليلية مطبقة في مدينة الرياض 1430ه " أشادت فيه بحرص الجريدة الدائم على مناقشة الموضوعات التي تمس عصب المجتمع السعودي، وسعيها لإيصال مشاكل الجمهور إلى المسؤولين لدراستها وحلها، وكذلك بدور جامعة الملك سعود في الاهتمام بالدراسات الاجتماعية التي ترصد المشاكل الاجتماعية وتسعى إلى إيجاد حلول لها، منوهة بأن صورة الغلاف التي نشرت مع التقرير ب "الرياض" ليست إلا صورة لغلاف الدراسة والنسخة الخاصة بالمؤلفة، وأنه لا علاقة لجامعة الملك سعود بهذه الصورة، مشيرة إلى أن نسخة الجامعة التي خرجت من مطابعها منذ فترة قصيرة تحمل غلافاً وطريقة إخراج الجامعة لمطبوعاتها، مؤكدة أنه يجب ألا يؤخذ بالاعتبار إلا غلاف الجامعة للدراسة والذي أرسلته إلى "الرياض "برفقة تعقيبها على الموضوع. وقالت د. لطيفة العبداللطيف إن كثيرا من الجهات والمؤسسات الحكومية وشبه الحكومية الخاصة تهمها تلك الفئات الثلاث وهي: المرأة المطلقة، والمهجورة، والمتغيب عنها زوجها، كوزارة العدل، وزارة الشئون الاجتماعية، وزارة المالية والاقتصاد الوطني، ووزارة التخطيط، كما أنه من الضروري أن تكون تلك الدراسة في متناول أعضاء مجلس الشورى ومجلس الوزراء، إضافة إلى مؤسسات أخرى كجمعيتي السعودية والوطنية لحقوق الإنسان، وجمعيات أخرى كثيرة ضمن منظومات المجتمع المدني. وأوضحت أستاذة الاجتماع بجامعة الملك سعود في تعقيبها على الموضوع أن عرض بعض التوصيات التي أفرزتها الدراسة قد يساعد على تحديد ما يمكن عمله لدى كثير من الجهات المعنية لإيجاد الحلول المناسبة للحد من السلبيات التي تعايشها فئات الدراسة ومن ذلك: وضع مدونة نظامية وطنية تحدد وبشكل دقيق حقوق المرأة الشخصية والأسرية لتكون مرجعا للجهات القضائية والحكومية والأهلية في معالجة قضايا المرأة والأبناء والأسرة والمجتمع بشكل عام. ضرورة التوعية المجتمعية كجزء من التنشئة الاجتماعية ومن خلال كافة المؤسسات الاجتماعية للفهم والتطبيق الصحيح للحقوق الشرعية للمرأة في التعامل بين أفراد المجتمع والأسرة بشكل خاص. إدخال مادة التربية السلوكية والحقوق الزوجية في الخطط الدراسية لمؤسسات التعليم خاصة التعليم العالي كمادة أساسية لكلا الجنسين. إصدار وثيقة للمرأة تؤصل وتؤكد حقوقها في الإسلام تلتزم بها كافة مؤسسات المجتمع المدني قولا وفعلاً. غلاف الدراسة العمل على منح المرأة كافة حقوقها الأسرية والاجتماعية والثقافية مع التركيز على أهليتها في الحقوق المادية والقانونية ومساعدتها في استلام كافة حقوقها بنفسها بدون أي وكالة أو كفالة من أحد إلا برضاها، وكذلك أحقيتها باستلام كافة ما يخصها من أوراق رسمية وصكوكا وعدم إجبارها على التنازل عن حقها لأقاربها تحت تأثير الضغوط الشديدة عليها. تغير الطريقة التقليدية لاختيار الزوج والزوجة كي يتحقق التكافل الاجتماعي والثقافي والمادي للزوجين، كما يجب عدم إجبار المرأة على الزواج ممن لا ترغب، وعدم تزويج الصغيرات برجال مسنين طمعا في المال أو الجاه. التأكيد على حق المرأة في النفقة وحضانة الأطفال وفسخ عقد الزواج، والتفريق للضرر، وتنفيذ ذلك على أرض الواقع. ضرورة إنشاء محاكم أسرية متخصصة في المشاكل الأسرية، ويكون العاملون بها مؤهلون بشكل عال خاصة في المجال الشرعي والنفسي والاجتماعي. إنشاء لجنة للإرشاد الأسري والزوجي داخل المحاكم لتوعية المقبلين على الزواج أو الطلاق بحقوقهم الزوجية والشرعية وحقوق الأبناء. ضرورة التركيز على موضوع إدمان المسكرات والتعامل مع المشكلة بحزم للحد من تفشيها، كما أنه من الضروري أن يكون الخلو من الأمراض النفسية والإدمان بنوعيه شرطا أساسيا قبل إتمام عقد النكاح بحيث يكون ضمن الكشف الطبي قبل الزواج. إعادة النظر بالأحكام الغيابية ووضع عقوبات صارمة على من يتهرب من حضور الجلسات القضائية بما يكفل حقوق الآخرين. دعم مراكز الخدمة الاجتماعية في المدن والقرى وتوسيع خدماتها وأنشطتها التوعوية من إقامة الندوات والمحاضرات المكثفة عن الحياة الأسرية السليمة الآمنة والمطمئنة. حث رجال الأعمال وفاعلي الخير على الدعم المادي والمعنوي للمتضررات من العنف الأسري والمهمشة حقوقهن من المطلقات والمهجورات والمتغيب عنهن أزواجهن لتخفيف معاناتهن من فقر وعوز مادي. إيجاد لجان شاملة ومختصة لمواجهة لعنف الأسري بكافة أشكاله، ذات صلاحيات صريحة وواضحة للتدخل والإنقاذ والقبض على الجناة، مع العمل على إنشاء وتهيئة دور إيواء مجهزة بعيادة متخصصة نفسية وتربوية واجتماعية. توفير قاعدة معلومات عن أوضاع المعنفات والمطلقات والمهجورات والمتغيب عنهن أزواجهن بدون مبرر، لتسهيل رسم الخطط الوقائية ووضع التدابير العلاجية وإدخال الحاسب الآلي في جميع المحاكم لتدوين جميع القضايا. وفضلا عن التوصيات السابقة التي أرسلتها د. لطيفة العبد اللطيف في تعقيبها ولم يسمح الحيز بنشرها كاملة فإن الدراسة التي أصدرتها بها الكثير من التوصيات التي يجب أخذها بالاعتبار إذا كنا بالفعل نبحث عن حلول واقعية لما تعانيه الفئات الثلاث محل الدراسة، وبما يكفل تحقيق الأمان المفقود بالنسبة لهن، ويساهم في تخفيف حدة المشاكل التي يتعرضن لها، خصوصاً أن الدولة – حفظها الله – لا تدخر جهدا في سبيل توفير الأمن المعنوي والمادي لشرائح المجتمع المختلفة، ما يعني الحاجة إلى وضع أسس ومعايير ثابتة للتعامل مع تلك المشكلات حتى تكتمل منظومة الأمان الأسري في المجتمع.