حضر العرض المسرحي ولكن غابت الدهشة.. هذا هو العنوان الأبرز ل "الليلة "المونودرامية" الأولى من عروض مسابقة مهرجان مسرح الدمام للعروض القصيرة الذي بدأ عروضه مساء الأربعاء، بالمسرحية المونودرامية (التائه) لفرقة جمعية الثقافة والفنون بالأحساء. العرض الذي كتبه وأخرجه إبراهيم الخميس يحاول جاهداً التعبير عن دواخل فرد في تحولاته الحياتية، من طفولة يتم وتسلط زوج أم، إلى انحراف وغنى، حتى لحظة الانهيار. وخاتماً العرض المسرحي بمقطع غنائي مسجل، وفق الطريقة التي اعتاد المسرح أن يتناسخها من بعضه، وخاصة في التجارب الأخيرة من (موت المؤلف) إلى (البندقية)؛ فضلاً عن أن العرض لم يقدم على مستوى الحكاية، إلا ما هو مكرر ومعتاد على أمل أن يغوص و"يجرب" داخلياً في انفعالات الممثل (عبدالرحمن المزيعل)، ويفجر طاقاته بحسب ما ذهب إليه مشاركون في الندوة التطبيقية التي أعقبت العرض الاحسائي؛ إلا أن هذا لم يحدث ليس بسبب ضعف النص وإنما لأن المقاربة الإخراجية كانت أقل من التعاطي مع فن المونودراما المسرحية (الممثل الواحد)، ولم تحاول التجريب والابتكار داخل هذا النوع من الفن نفسه. من جهته اعتبر الناقد المسرحي عباس الحايك وهو يعقب على عرض "التائه": "أن النص المقروء هو مشروع نص وليس نصاً متكاملاً". محيياً الممثل على إبداعه ومؤكداً انتظار وجود مخرج يفجر موهبته التمثيلية. بينما رأى مخرج العرض إبراهيم الخميس أن ما يهمه هو أن يلمس إحساس الإنسان في الشخصية، معترفاً أنه كان أنانياً في استحواذه على نصه وعدم ترك شخص آخر يخرجه لكي يقرأه من زاوية أخرى كما ذهب إلى ذلك البعض. من مسرحية «شايلوك» شايلوك.. السوداوية التي تكاد لا تكون سمة مسرح الأحساء وحسب وإنما سمة بارزة في كثير من العروض المحلية على الأقل في مهرجان الدمام؛ هذه السوداوية ظهرت مجدداً في العرض المسرحي الثاني في اليوم الأول من المسابقة مع مسرحية (شايلوك) لفرقة جمعية الثقافة والفنون بالرياض، العرض المونودرامي القائم على اقتطاع شخصية التاجر والمرابي اليهودي الجشع (شايلوك) من مسرحية تاجر البندقية؛ حاول من خلاله المسرحي هذال البيشي أن يخوض مغامرته الإخراجية الأولى، إلا أن جملة من العناصر الفنية المتغيبة خذلته على خشبة العرض، منها الأخطاء في تصميم وتنفيذ الإضاءة، وتقيده بنص اعتمد "الثرثرة الشفهية" على حساب التطور والبناء المشهدي؛ وهو ما جعل العرض يتعثر كثيراً في الاتصال مع الجمهور، على مستوى الفهم والإدراك؛ فضلاً عن عدم ضبط إيقاع صوت الممثل وحركته مع الإضاءة في فضاء العرض المسرحي، وصولاً إلى سلطة الذاكرة التلفزيونية على مخيلة واضع المؤثرات والموسيقى التصويرية التي جاءت أقرب إلى السينمائية (الكرتونية) منها إلى المسرحية. كل هذه العوامل جعلت العرض أقرب لمشروع عرض مسرحي قابل للتطوير في مناسبات مسرحية قادمة؛ غير أن العرض احتوى على مشهد مؤثر، لفت كثيرين ومنهم الشاعر أحمد الملا الذي أكد في ختام الندوة التطبيقية أن العرض خلا من الدهشة، مستثنياً مشهداً ملفتاً وهو تقبيل البطل لمعطف الدكتاتورية، من جهته اعترف المخرج البيشي خلال الندوة التطبيقية التي أدارها عبدالمجيد الكناني أنه لا يزال يحبو "مسرحياً" على أربع, شاكراً المداخلين على ملاحظاتهم.