أفضى القلق الذي يساور بعض شركات نقل النفط العالمية من احتمال أن تؤدي الاحتجاجات في مصر إلى إغلاق قناة السويس إلى تحويل مسار ناقلات النفط العملاقة إلى رأس الرجاء الصالح بدلا من مرورها عبر قناة السويس والتي تسلكها ناقلات النفط شمالا إلى البحر الأبيض المتوسط ومن ثم إلى دول أوربا وأمريكا الشمالية وجنوبا إلى البحر الأحمر ومن ثم إلى دول شرق آسيا لتسويق النفط الخام أو المنتجات البترولية الأخرى. وهذا الإجراء سوف يؤدي إلى تأخر وصول الشحنات النفطية المتعاقد عليها بين 15 و20 يوما وبالتالي امتصاص جزء كبير من الفائض في الطاقة العالمية والذي يقدر بحوالي 5 ملايين برميل يوميا وتنامي أسعار النفط على المدى القريب في أسواق الطاقة التي تراقب هذه التوترات السياسية التي تجري قرب مكامن النفط بمنطقة الشرق الأوسط التي تضم حوالي ثلث إنتاج العالم من النفط الخام وقد تقفز أسعار النفط في الأسواق العالمية إلى ما فوق 120 دولارا للبرميل إذا ما تفاقمت الأوضاع والتوترات التي تشهد مصر وأدت إلى إغلاق خط أنابيب "سوميد" الذي يربط بين البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط ويستعمل لتصدير جزء من نفط الدول الخليجية إلى الدول الأوروبية. عدد من الدول الصناعية الكبرى سارعت في طمأنة المستهلكين بأن هناك طاقة فائضة ستوجه إلى أسواق الطاقة في حال تعرقل الإمدادات من منطقة الشرق الأوسط، بيد أن ذلك لم يقلل من هاجس احتمال بروز شح في السوق النفطية في ظل التوقعات التي تشير إلى ارتفاع الطلب على مصادر الطاقة خلال العام الحالي بمقدار 1.5 مليون برميل يوميا ليصل إلى 89.3 مليون برميل يوميا وسط انتعاش ملحوظ في الاقتصاد العالمي وبوادر دخوله مرحلة من النمو المتماسك والذي ينبئ بمروره من عنق زجاجة الأزمة المالية الخانقة التي لازمته لأكثر من ثلاثة أعوام. محللون نفطيون يرون بأن قناة السويس تعتبر منفذا مهما لنقل النفط الخام إلى الأسواق الأوروبية حيث تمرر حوالي 3.5% من الإنتاج العالمي من مصادر الطاقة وإذا ما صاحب ذلك إغلاق خط سوميد فإن ذلك سيساهم في تنامي أسعار خام برنت القياسي ويكبح من انتعاش الاقتصاد في الدول الأوروبية التي لا تزال تمر بمرحلة التعافي الهش من أزمة مالية أنهكت قواها وأضعفت جل مرافقها الصناعية. وارتفعت أسعار خام برنت القياسي أمس الجمعة إلى ما فوق 101 دولار للبرميل كما ارتفع خام ناميكس في التعاملات الصباحية إلى 87.63 دولارا للبرميل بعد الأنباء التي أشارت إلى تمسك الرئيس المصري حسني مبارك بمنصبه رغم حالة التفاؤل التي كانت تسود الأوساط الشعبية بتنحيه عن السلطة وبالتالي إنهاء الأزمة التي تؤجج من حالة الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط. ويعتبر النفط أكثر السلع العالمية تأثرا بالأحداث السياسية وخاصة إذا ما كانت هذه الأحداث تدور في مناطق قريبة من مكامن النفط أو في ممرات بحرية تمرر الشحنات البترولية إلى الأسواق العالمية لكونها تؤثر على مستوى المخزونات العالمية وعادة ما تلجأ الدول المستهلكة الكبرى إلى الاحتياطيات لسد العجز الذي ينجم عن تقهقر الإمدادات البترولية.