تنتشر حالياً في أغلب المنازل والأسواق منتجات تحمل صور الشخصية الكرتونية "سبونج بوب"، وهو عبارة عن "إسفنجة" صفراء مربعة الشكل، تحب الفقاعات وصيد القناديل، ويسكن في ثمرة "أناناس". "الرياض" تطرح هذا الموضوع من خلال عدة محاور، محاولين التعرف إلى مدى انتشار هذه الشخصية، والتأثير الاقتصادي في الأسرة، في ظل تزايد شعبيته لدى الأطفال والمراهقين. جاذبة للأطفال تقول "د. أمل الشهري" أستاذ مساعد بقسم علم النفس في جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن: إن شخصية "سبونج بوب" شخصية تتسم في ظاهرها بالحركة والنشاط وحب الأصدقاء والجيران، وهذه جميعها مواصفات جاذبة للأطفال، مضيفةً أنها أطلعت على المسلسل وهو يحتوي على العديد من المضامين الخاطئة كالتصرف ببلاهة وغباء، وكثرة الاستغلال والاستهزاء والكذب وغيرها من السلوكيات الخاطئة، ذاكرةً أن مجتمعنا كأي مجتمع آخر من الممكن أن يخترق، وأن يتم التأثير فيه سواء ببرامج أطفال أو غيرها، والسبيل إلى تحصينه هو زيادة الوعي بثقافة الاستهلاك، وخاصةً لدى الأجيال الناشئة، لاسيما في سنوات تكوين الخبرة عند الأطفال. تتسم بالحركة والنشاط وحب الأصدقاء والجيران وهذه جميعها مواصفات جاذبة للأطفال تستنزف الأُسر وتوضح "د. سلمى الدوسري" أمينة المجلس العلمي وأستاذ تنظيم المجتمع بكلية الخدمة الاجتماعية، أن تواصل الطفل مع هذه الرسوم يشكل واقعاً قوياً لديه لتقبل كل ما يشاهده، وأن استمرار مشاهدته لها خاصةً الأفلام التي تروج للعنف، تؤثر تأثيراً كبيراً في مخيلته، بل وتنمي لديه أساليب العنف في حياته، وهذا يجعلنا نؤكد تأثير هذه الرسوم في حياة الطفل، مضيفةً أنه في كل عام تظهر لنا شخصيات كرتونية تدخل على واقع المجتمعات بقوة، مما تترك أثراً في شخصية الفئة المستهدفة، وهو ما نشهده من هوس شبابنا وفتياتنا وأطفالنا بهذه الرسوم، خاصةً في الوقت الحالي، لافتة إلى أنه يمكن تفسير إقبال الأطفال على اقتناء الملابس والأدوات المدرسية التي تحمل صور أبطال الرسوم المتحركة، بالتأثير القوي في شخصية الأطفال من حيث استدراجهم، مؤكدة أنها سبب من أسباب استنزاف امكانات الأسرة المادية، خاصةً إذا كانت تلك الشخصيات من الشخصيات التي لا تحمتل انتاج نسخ مقلدة عنها، حيث تكون ذات أسعار باهظة!. د. أمل الشهري: الحل في زيادة الوعي توعية الأطفال وقالت السيدة "أسماء مطبقاني" طالبة في جامعة الملك سعود في كلية الآداب قسم الخدمة الإجتماعية ووالدة طفلين: إن ما يحدث من هوس بهذه الشخصية يُعد مرضاً في حال لم يستدرك الأهل الأمر، وذلك عندما لا يتم توعية الأطفال بماهية الشخصية؟، وما دورها؟. وتوضح "نوره السليمان" معلمة لغة انجليزية، أن طالباتها يحبنن اقتناء الأدوات الدراسية التي تحمل صور "سبونج بوب"، مضيفةً أنها ترى الشخصية على الحقائب والدفاتر وعلب الهندسة، بل وحتى "الجاكيتات" فترة الشتاء، مبينةً أنها شاهدت إحدى حلقات المسلسل ولم تجد ما يلفت الانتباه إلى خطورته، مستنكرةً فقط كونه هوساً انتشر بين جميع الفئات السنية. طفلة تحمل حقيبة رسم عليها شخصية سبونج بوب عشق الموضة وتقول "أماني السليمي" روائية: لدي شقيقة تعشق "سبونج بوب"، بينما أنا متعجبه لا أعرف هذا الشيء الأصفر الذي تقتنيه بشكل دائم، وبعد أن اكتشفته، تعجبت من اهتمامها بهذا الشيء البسيط، معتقدةً أن الهوس هو نتيجة عشق الموضة الذي يجري في دمائنا منذ الطفولة، وسيتلاشى هذا الحب بعد أن يظهر شيء آخر، ليكون "سبونج بوب" من الماضي بأعين أطفالنا. تمرير الماركة وعلق "جبران الجبران" فنان بقوله: الموضوع أكبر من اختراق مجتمعنا لأن "سبونج بوب" اخترق كل المجتمعات، متمنياً أن نناقش الموضوع من الناحية الإنتاجية، لأن "هوليود" اخترقت العالم كله ومررت مضامينها حتى سيطرت على العالم بكامله، مبيناً أن "سبونج بوب" إما منتج تم التسويق له بشكل احترافي لكي يطغى على العالم، ومن ثم تمرر الماركة سواء لإرهاق المحافظ مادياً، أو للتأثير في الفكر بتمرير "مسجات" ذات قيمة "أيدلوجية"، متسائلاً: لماذا لا يتم تسويق منتج قوي يحقق الأرباح الكافية ويجذب الجمهور؟، كما هو الحال مع "سبونج بوب". د. سلمى الدوسري: تترك أثراً كبيراً طبيعي جداًّ وقالت "سمر صالح" شابة في 24 من عمرها: إنني أُحب هذه الشخصية قبل أن تشتهر إلى هذا الحد، بل وأعتبر حب الأطفال والكبار لها أمر طبيعي جداًّ، مضيفةً أن هذا الأمر يمر به كل جيل، مثل موجة الإعجاب والتعلق بشخصية "ميكي ماوس" وأنا في المرحلة الابتدائية، وشخصيات "زورو" و"سبايدر مان" و"بات مان"، وكذلك موجة "توي ستوري" و"خروف المدينة"، ذاكرةً أنها لا تتوقع أن يكون هذا الأمر مرهقا مادياً لدرجة الإفلاس؛ لأن المنتجات لهذه الشخصية موجودة في كل مكان، فمنها الرخيص والغالي، إلى جانب أن محلات التخفيضات تزخر بكل جديد، معتقدةً أنه مسلسل كرتوني رائع جداًّ، وحتى كلمة غبي لما يقولها سبونج بوب يجلس يبكي، لأنه قالها وهي خطأ. قمصان شبابية مطبوع عليها سبونج بوب تنحب من القلب وأوضحت "سمر" أن "سبونج بوب" شخصية رائعة و"تنحب" من القلب، وبالنسبة لي أشعر أن التعلق بها أمر طبيعي، والفرق الوحيد أنه في السابق الشخصيات الكرتونية كانت تستقطب الأطفال فقط، أما الآن فهي تستقطب الكل، متوقعةً أن السبب في ذلك هو أن هذا الجيل عنده حرية شخصية في التعبير عن رأية، إضافة إلى قلة النقد إليهم حالياً، والآباء والأمهات استوعبوا عقليات أبنائهم، حيث يتم تطفيش الشاب وعمره 14 عاماً بكلمة أنت رجّال، وإجباره على لبس "الغترة" و"العقال"، رغم أن داخله طفل صغير، وبهذا السلوك يدفنون طفولته، مشيرةً إلى أنه نفس الشيء ينطبق على البنات، فنمنذ أن يصبح عمرها 14 عاماً، وكل حركة محسوبة عليها. طفولة مبكرة ومتأخرة ويوضح "فارس علي" أنه في هذا الزمن بدأ يظهر الوعي بوجود طفولة مبكرة ومتأخرة، وكذلك فهم لطقوس المراهقة أكثر، مضيفاً: "من المواقف مع هذه الشخصية أخي الذي يدرس في الصف الثالث ثانوي وفي إحدى المناسبات في المنزل، شاهد سبونج بوب على التلفاز وبدون شعور جلس على الأرض يتفرج إلى أن تم إعداد القهوة، فكنت أنظر إليه وأضحك بداخلي، رغم احساسة بأنه كبير ومسؤول، لكن استجاب لدافع الطفولة داخله"، ذاكراً أن الشباب بدأوا يلبسون حالياً ملابس تحمل صور "سبونج بوب"، وهم تقريباً أعمارهم بين 20 و22 عاماً. عدنان ولينا وقال "عبدالعزيز العنزي": إن الأطفال والشباب بكل أسف تعلقوا حالياً ب "اسفنجه"، وأصبح لها أهمية كبيرة في حياتهم، بينما في السابق تعلقنا بشخصيات كرتونية كان لها كيان وحضور وهدف وقصة مهمة، تروي أحداث شيقة، مثل "عدنان" و"لينا" و"غرانديزر" و"سالي" وغيرها من المسلسلات الكرتونية، ولم نصل في حبنا لتلك الشخصيات للمرحلة التي نلاحظها حالياً من تنوع البضائع التي تحمل صور شخصية "سبونج بوب"، التي أصبحت تغري الأطفال والمراهقين بالشراء والضغط على أُسرهم لاقتناء منتجات تحمل صورها. محال الحلويات الملاحظ هذه الأيام أن محال الحلويات بدأت في الدخول إلى موجة "سبونج بوب"، من خلال عرضها لأنواع من "الكعك" و"الكيك" تحمل اسم الشخصية، مستغلةً تعلق الأطفال بها، كذلك يعرض بعض المحال "كيكة" للنجاح بمناسبة الانتهاء من الاختبارات تحمل اسم "سبونج بوب" أيضاً!.