ترى ما الفكرة التي أخذتها العمالة الوافدة عن شخصية المرأة السعودية؟ لدينا كم هائل من العمالة الوافدة تتعامل بشكل مباشر مع المرأة السعودية تلك العمالة تتولى مهمة تأمين المواصلات للمرأة السعودية وهي كذلك من تبيع في المحال التي تتردد عليها المرأة السعودية وهي كذلك من تتواجد في كل مكان تقصده المرأة السعودية في مختلف شؤون حياتها ولعل تلك العلاقة التي رسمها الخطاب الديني المتشدد لتكون هي واقع الحال بين الرجل السعودي والمرأة السعودية والتي تقوم على الشك دائما ساهمت بشكل كبير في زيادة ارتباط المرأة السعودية بتلك العمالة الوافدة حيث ينظر إلى تلك العمالة الوافدة على أنها أقل ضررا على المرأة من الضرر الذي قد يحدثه الرجل السعودي بها . أعتقد أن تلك العمالة الوافدة أخذت فكرة عن المرأة السعودية تتلخص في أن شؤون حياتها تسير بالبركة وأنها لا تستطيع تسيير أمورها بنفسها. ولا أدل على ذلك من الفتيات السعوديات اللاتي تجبرهن ظروف الحياة والعمل على السكن في مدينة بعيدة عن مدينتهن التي توجد بها أسرهن حيث تصبح تلك العمالة الوافدة هي المحرم البديل الذي يتولى مهمة الإشراف على حياة تلك الفتيات واللاتي أصبحن يعتمدن على تلك العمالة الوافدة في كل شؤون حياتهن من حيث إحضار حاجيات المطبخ وإحضار ما يردنه من السوبرماركت والمطعم والبوفيه بل قد يصل الأمر بتلك الفتيات إلى إعطاء بطاقة البنك لتلك العمالة لتتولى مهمة صرف النقود من مكائن الصرف الآلي بل وصل الأمر إلى أن تلك العمالة الوافدة أصبحت تتولى مهمة حماية تلك الفتيات ممن يحاول التحرش بهن من أبناء بلدهن في وقت نعلم فيه جميعا أن المرأة لا يحق لها قيادة السيارة وأن المحرم شرط أساسي يجب أن تتقيد به المرأة وإلا فإن كثيرا من شؤون حياتها ستتعطل وستكون هي المسؤولة عما سيجري لها. الخطاب الديني في مجتمعنا دائما ما يحاول جاهدا تقليص دور المرأة في المجتمع دون مراعاة ظروف المرأة ومتغيرات العصر ولعل هناك شواهد كثيرة جدا تدل على ذلك ومنها : انحسار مجالات عمل المرأة وقضية المحرم والتي يتناولها الخطاب الديني في مجتمعنا والذي يشترط وجود ذلك المحرم في كل وقت وفي كل ظرف ما ساهم في تغييب شخصية المرأة والتي لا يعترف بها إلا بوجود ذلك المحرم رغم أن المرأة السعودية مواطنة تماما كما الرجل السعودي. الاختلاط هو الآخر تناوله الخطاب الديني بشكل أضر بالمرأة أكثر مما خدمها . البطاقة الشخصية والتي هي حق لكل مواطن ذكر كان أم أنثى هي الأخرى دليل على واقع المرأة السعودية المؤلم حيث نجد ان كثيرا من السيدات السعوديات لا يحملن البطاقة الشخصية وبعضهن لا تعلم أنه يحق لها الحصول على البطاقة الشخصية !! المجتمع يربي الفتاة السعودية منذ صغرها على ضرورة الاعتماد على الرجل في كل شيء وأن هذا الرجل هو المسؤول الأول والأخير عن كافة شؤون حياتها حتى وإن كان ذلك الرجل عاملا وافدا تجد المرأة نفسها مضطرة للجوء إليه في وقت تعلم فيه هذه المرأة أنها غير قادرة على تسيير شؤونها رغم أنها تعيش في وطنها . يخالجني شعور دائم أثناء زياراتي لإحدى المكتبات بأنه سيقع بين يدي كتاب ألفه وافد سابق في بلادنا يحكي عن حياة المرأة السعودية وشخصيتها ورؤية هذا الوافد حول الفتيات السعوديات. ولا أشك في أن ما ذكرته أعلاه سيكون جزءا مما سيحويه هذا الكتاب .