أعلنت وسائل الإعلام قبل أيام قلائل موعد إقامة المهرجان الوطني للتراث والثقافة بالجنادرية في دورته (26) وذلك يوم الأربعاء 9 / 5 / 1432ه الموافق 13 / 4 / 2011م تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الذي كان له الفضل في خروج هذا المهرجان للوجود واستمراره وتطوره طيلة ربع قرن حتى أصبح من أضخم المهرجانات التراثية والثقافية على مستوى العالم إن لم يكن أضخمها. وانطلاقاً من أهداف الجنادرية المعلنة التي تتمحور جميعاً حول الموروث كإيجاد صيغة للتلاحم بين الموروث الشعبي بجميع جوانبه وبين الانجازات الحضارية التي تعيشها المملكة العربية السعودية، والعمل على إزالة الحواجز الوهمية بين الإبداع الأدبي والفني وبين الموروث الشعبي، وتشجيع اكتشاف التراث الشعبي وبلورته بالصياغة والتوظيف في أعمال أدبية وفنية ناجحة، والحث على الاهتمام بالتراث الشعبي ورعايته وصقله والتعهد بحفظه من الضياع وحمايته من الإهمال، والعمل على صقل قيم الموروث الشعبي ليدفع برموزه إلى واجهة المخيلة الإبداعية ليكون في متناول المبدعين خيارات من موروثاتهم الفنية بألوان الفن والأدب، وتشجيع دراسة التراث للاستفادة من كنوز الايجابيات كالصبر وتحمل المسؤولية والاعتماد على الذات لتدعيمها والبحث في وسائل الاستغلال الأمثل لمصادر البيئة المختلفة، فقد سبق لي الكتابة على هذه الصفحة قبل سنوات وتحديداً في العدد13190 مطالباً بأن يتبنى المهرجان مركزاً وطنياً يحمل اسمه لدراسات الموروث الشعبي وفي ظل تنامي رسالة المهرجان الحضارية حتى أصبح واجهة ثقافية للمملكة العربية السعودية أصبحت الحاجة ملحة لإنشاء هذا المركز تكريساً للهوية الوطنية المرتبطة بأرضنا وتضاريسها المختلفة وموروثنا بأطيافه المتنوعة وعاداتنا وتقاليدنا المنبثقة من بيئتنا. وهذا المركز المقترح سيعتمد على المهرجان السنوي في توثيق الموروث بطريقة علمية منظمة تطبق المعايير الأكاديمية، والقيام بالبحوث والدراسات المتخصصة، وتكوين أرشيف انثروبلوجي يخدم الباحثين في كل مكان، ونشر الإصدارات التي تدعم ثقافتنا وتنشرها، وربط الحاضر بالماضي لقياس المسافة الحضارية التي قطعها المجتمع السعودي خلال سنوات قصيرة.ولاشك أن مهرجاناً بهذا الحجم حقيق بأن يكون مرجعاً لكل المراكز العلمية المتخصصة في جميع أنحاء العالم، والحقيقة أن المهرجان له دور رائد في التأسيس لدراسات الموروث الشعبي فقد تقرر في المهرجان الوطني الثالث للتراث والثقافة (1407ه)على مدى السنوات اللاحقة تنظيم ندوة ثقافية كبرى يشارك فيها كبار المثقفين والمفكرين العرب وتهتم بالتراث الشعبي العربي وجميع تفرعاته وعلاقته بالفنون الأخرى بحيث تخصص الندوة كل عام موضوعاً معيناً يقدم فيه الباحثون والمفكرون أوراق عمل ودراسات علمية متخصصة. وكان موضوع الندوة ذلك العام (الموروث الشعبي في العالم العربي وعلاقته بالإبداع الفني والفكري) وكان موضوع الندوة في المهرجان الرابع (هو الفن القصصي وعلاقته بالموروث الشعبي) وفي الخامس (ظاهرة العودة العالمية للتراث) وفي السادس (النص المسرحي وعلاقته بالموروث الشعبي ) ولكن في السنوات الأخيرة اختفت هذه الندوات المتخصصة التي تتفق مع أهداف المهرجان وتتقاطع معها، ولا زلنا نحن المهتمين بهذا الموروث نطمح إلى استعادة مثل هذه الندوات من خلال (مركز الجنادرية لدراسات الموروث الشعبي).