حينما كتب أبو القاسم الشابي .. نشيد الحياة .. كان يدرك أن الشعر أعمق من الخبر .. وأن الكتابة أثرٌ أخلد من حياة ... *** ( إذا ... ) هذه لو تململتَ فيها ..وأشعلتَ نارَ الحقيقةِ تحت لساني .. فهل سوف تكفيكَ بردَ الشتاء؟! وما زال تحت لسانكَ يصْطكُّ صبحٌ وفوق لسانك ينْداحُ قُبحٌ وبينهما همهماتُ الرجاء !! ( إذا) ... عالَقَ الحرفُ برْدَ الثنايا .. فهبَّت عليه من البحرِ ريحًا ملوحتها غرغرتْ في لهاتي .. إلى أن ظمئتُ وفي الحلْقِ ماء ْ ! إذا .. أحْرَقَتْ هذه الدربَ .. لم تحرقِ العابرين عليها ولفَّ الجميع َظلامُ الضياءْ ! فخبّأتُ وحدي لساني بثُقْبِ ثنايايَ..حتى تعثّرَ في خوفه الصمتُ رجعَ الشهيقِ وعهْرَ النداء! *** ( إذا الشّ شّ شّ شّ ..) تشعَّبَ حينَ تحرَّرَ طفلاً كفيفًا تطيرُ به ذارياتُ القفارْ صفيرًا .. عويلاً .. وأيُّ نهارٍ تمرَّدَ في بابه الليلُ إلاّ انتظاري لغيرِ انتظارْ ! تمطُّ زفيركَ .. يصطكُّ مابينَ أسنانكَ اليأسُ .. يأتي نهارٌ ويمضي نهارْ !! ومازالتِ الدربُ والعابرون عليها ..يمرُّونَ بابَك تسمعُ أقدامهم راجلاتٍ فيجهشُ في مقلتيكَ المدارْ ..!! *** ( إذا الشَّ شَّ عْ عْ عْ بُ ) تدحْرجَ حرفُكَ فوق لهاتك عبر شهيقكَ حتى توحَّل بالملحِ ثمَّ انحدرْ !! وما زالَ فوق شفاتِكَ ينْثالُ ( باءٌ ) تشظَّى عليه انشطاركَ بين الُمقام وبين السفرْ ..! ( إذا الشَّعبُ يومًا ...) لتسترَ عُرْيَ ثناياكَ يكتظُّ في لونها الرملُ والملحُ والمُنْتَظَرْ..! ( إذا الشعب يومًا أراد ..) ويحفرُ في حلقِكَ الموتُ قبرًا .. تخلَّلُه النورُ عبر طرائقِ دُوْدٍ ترحَّلَ بين الصمودِ وبين الحذرْ ..! ( إذا الشعب يومًا أراد الحياة ) .. سيدخلُكَ البحرُ يوحِلُ في ملحه الحلمُ والدربُ والمُنْتَظَرْ ..! وترتدُّ خلفَ انكسارِكَ تشهق في يومِك المُحْتَضِرْ : ( إذا الشعبُ يومًا ( أعادَ ) الحياةَ فلابدَّ أن يستجيبَ القَدَرْ! )