برزت مؤخراً ظاهرة إزعاج أصحاب «الأرقام المميزة « للجوالات، وتحديداً من خارج المملكة، حيث يعتقد بعض المتصلين أن من يحمل هذه الأرقام أصحاب مكانة اجتماعية ووظيفية ونفوذ، وبالتالي تسهل عملية التواصل معهم، وابتزازهم بأسلوب ما، من خلال تذكيرهم مثلاً بلقاءات أو مواقف جمعت بينهم في مطار أو مقهى أو مطعم، أو وعود لم يلتزموا بها في مكان عمل أو عمليات شراء، وكل تلك القصص هي من نسج خيال المزعجين؛ بقصد الاقتراب إلى هذه الشخصية أو تلك والحصول على المال في النهاية. وكانت شركات الاتصالات قد تلقت شكاوى عديدة من إزعاج مشتركي الأرقام المميزة، بينما فضّل بقية المشتركين الاكتفاء بإنهاء المكالمة بأي طريقة دون الحاجة إلى تقديم الشكوى. في هذا التحقيق نستكشف بعض أنواع الاتصالات التي ترد على أصحاب الأرقام المميزة، وكيف أن البعض منهم قد قام بنقل رقمه أو تغييره أو حتى بيعه للتخلص من الإزعاج؛ سواء بالرسائل أو الاتصالات. تغيير الرقم في البداية تقول "نورة القاسم" -طبيبة-: "إن أول رقم استخرجته من الاتصالات كان رقما مميزا، ولم أسعَ لذلك؛ وبالفعل فقد فرحت به كثيراً لوجود شيء من التميز وسرعة حفظه خاصة من قبل الأهل، ولكن وبعد مرور سنتين على رقمي وجدت أن الإزعاجات بدأت تتوالى، وتحديداً من الشباب؛ فمنهم ما إن يسمع صوتي حتى لا يكف عن الإزعاج سواء بالرسائل أو الاتصالات، وآخرون يرغبون في شراء الرقم، وما هي إلاّ فترة قصيرة وكان رقمي لا يهدأ أبداً؛ مما اضطرني إلى إيقاف الخدمة مؤقتاً عن الرقم وتبديله برقم آخر عادي لأرتاح من حجم الإزعاجات التي أتعبتني كثيراً. إزعاج لا يتوقف أما "هدى حامد"؛ فتقول: "فقدت شريحتي وجوالي عند أداء العمرة في إحدى السنوات؛ فأهداني زوجي رقماً مميزاً، ولكن وبعد فترة من استخدامي له بدأت الإزعاجات تتوالى من صبية وشباب وحتى كبار بالسن، ومن جنسيات عربية وأجنبية، ما دعاني أن أعطي رقمي لابني الأكبر وآخذ رقمه، مؤكدة على أن الشباب لهم طولة بال على الإزعاج!. ويقول "إبراهيم التركي": تلقيت اتصالاً من فتاة، صوتها جميل ومخيف معاً، وقالت: "ألو.. أنا قابلتك بمطعم في القاهرة قبل ستة شهور وأعطيتني الرقم.. وطلبت مني الاتصال عند الحاجة.. ما تذكرني، أيوه أنا اللي كنت جالسة في الطاولة اللي على يمينك"، ورديت عليها على الفور: "أنا ما سافرت مصر منذ أربع سنوات"!، وأغلقت هاتفي. سحر وشعوذة "إبراهيم مهدي" يروي قصة رقمه المميز، وقال: "تلقيت اتصالاً من رقم دولي علمت فيما بعد أنه من دولة إفريقية، وعندما اتصل بي قطع الاتصال؛ ما اضطرني أن أتصل به، وقال لي المتصل لقد صليت صلاة الاستخارة وظهر لي رقمك وأنا أريد أن أنصحك فأنت مسحور!"، مشيراً إلى أنه ردّ عليه بتهكم: "ياعيني على الإحساس، ومن قالك إني منيب مسحور، معلوماتك قديمة!". أرقام جذابة ويرى "سعيد الغامدي" -رجل أعمال-: أن الأرقام المميزة تجذب السحرة والمشعوذين كثيراً؛ لذلك تجدهم يتصلون على أرقام عشوائية لمعرفتهم بأن ملاك هذه الأرقام قد يجنون من ورائهم شيئا. وقال: "لقد سمعت كثيراً من الأصدقاء تعرضوا لحالات اتصال غريبة من خارج البلاد، حيث يتلقون اتصالا غامضا من أشخاص يتحدثون اللغة العربية بلكنة افريقية، ولغة مهزوزة وغير مفهومة، ويطلبون مساعدات مالية أو إقناع صاحب الرقم بأنه مسحور أو لديه مشاكل ويريد أن يتطوع لحلها له"، مؤكداً على أن مجتمعنا أصبح واعيا بما فيه الكفاية؛ لمعرفة هدف من يقومون بمثل هذه الاتصالات التي قد تعكر صفو أصحاب هذه الأرقام بكثرة الإزعاجات. وذكرت "أمل المسفر" -موظفة- أن زوجها لم يتمكن من تقديم شكوى ضد الأرقام المزعجة لرقمها؛ بسبب تغير الأرقام لدرجة يصعب تخيلها من المزعجين، مشيرة إلى أن زوجها قام بإرسال مسج لأحدهم طالباً منه التوقف، وإلاّ سيقوم بتقديم شكوى على إمارة المنطقة، ولكن رده على زوجي بأنني (أنا) أقوم ب "معاكسته"، مضيفة: "الحمد لله الثقة موجودة فيما بيننا وهو على اطلاع مستمر بأحوالي، ويقدر ظروف عملي بالرد على أي رقم". «ألو.. أنا قابلتك بمطعم في القاهرة وأعطيتني الرقم.. وطلبت مني الاتصال عند الحاجة».. والرجال ما سافر مصر منذ سنوات! "عدة النصب"! ويرى "أسامة الحازمي" -الكاتب الاجتماعي- أن هناك ظواهر سلبية وإيجابية للأرقام المميزة، ومن الظواهر السلبية سعي بعض الشباب إلى الأرقام المميزة حتى يكون من السهل على الفتيات اللواتي يريدون التعرف عليهن حفظ أرقامهن بسهولة أو للتباهي أمامهن، وهذه إحدى الطرق غير المشروعة التي يتبعها بعض الشباب للتحرش بالفتيات، أما بالنسبة لرجال الأعمال فإنه حينما يعطي رقمه المميز لشخص ما، فمن السهل على زميله أو الطرف الآخر حفظ وتذكر الرقم دون أي مشقة، وهذه من الظواهر الايجابية. وقال "من الأمور الغريبة التي اتضحت لي أن رجال الأعمال المتميزين جداً وشخصيات ال Vip يسعون إلى الأرقام غير المميزة؛ حتى لا يتعرضوا للمضايقات والإزعاجات والاتصالات من الآخرين، كما أن رجل الأعمال وال vip لا يبالي بالهاتف النقال والرقم، لأن سكرتيره الخاص في أغلب الأحيان هو من يقوم بالرد على الهاتف، إذن فهو ليس بحاجة إلى هذا الرقم المميز؛ لأن هناك من ينوب عنه في الرد على هاتفه ومكالماته". سيدات عاملات: «الشباب أزعجونا»! الغامدي:تجذب السحرة وأضاف: أن هناك بعض الدراسات التي أثبتت أن "النصابين والمحتالين" يعمدون إلى أن تكون أرقام هواتفهم مميزة لكي يحسن من انطباعه لدى الشخص الذي يريد أن ينصب عليه بأنه شخصية مهمة ومميزة؛ لذا يجب الحذر كل الحذر في بعض الأحيان من الأرقام المميزة لدى البعض، فليس من الضروري أن الرقم المميز يعني أن صاحبه مميز، فيمكن أن يكون شخصاً محتالاً ومحترفاً ويرتدي أغلى الملابس ويحمل أغلى الهواتف، وهي "عدة النصب" حتى يؤدي جريمته على أكمل وجه، والعكس أيضاً فإن أصحاب الأرقام المميزة يكونون عرضة أكثر من غيرهم لمحاولات الابتزاز والنصب عليهم من خلال الاتصالات التي تردهم من خارج المملكة، وهذا واقع مقلق. العبدالله: الخوف على البنات الحازمي: «عدة النصب» جاهزة.. إساءة الأدب! من جهته يرى "محسن العبدالله" -أستاذ علم النفس الاجتماعي- أن الحصول على "رقم مميز" ليس معضلة كبيرة، ولكن تكمن المشكلة هنا في رقم المتصل من أين له هذا الكم من الأرقام الذي يقوم بإزعاج الآخرين بها، مؤكداً على أن الجهات المخولة بمعاقبة هؤلاء كجهة الاتصالات والجهات الأمنية "الشرطة" لا تقوم بواجبها في مثل هذه الأمور بالصورة المطلوبة، وهؤلاء العابثون يعلمون أنهم لن يعاقبوا على فعلتهم "ومن أمن العقوبة أساء الأدب". وقال:"يجب ألاّ تؤثر مثل هذه الأمور على علاقة الزوج بزوجته، وأن يعي الزوج أن هذه تصرفات غير معقولة أو مقبولة"، مطالباً الفتيات بعدم الرد على أي رقم مجهول، أو الاسترسال معه في الحديث، وفور معرفته بأنه شخص عابث، عليها أن تغلق الهاتف فوراً، وتبلغ زوجها أو والدها أو أحد أقاربها حتى لا تقع في شباكه. وطالب "العبدالله" من تعرضن لمثل هذه الإزعاجات تقديم شكوى على الإمارة التي في مناطقهن، والتوضيح بأنهن تأذين من هذه الاتصالات ويرفقن بها الأرقام "المزعجة لهن" حتى تتم معاقبة هؤلاء العابثين.