إن مواجهة ظاهرة المخدرات عمل وطني يحتاج إلى جهود مخططة تتكامل فيها الأدوار ضمن شراكة مؤسسية تستوعب كل المبادرات. ويسر صفحة أمانة اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات أن تعرض أسبوعيا ملمحاَ عن هذه المشاريع والخطط الجارية لمواجهة هذه الظاهرة وفق الأسس العلمية والمعايير العالمية المعتمدة. استكمالا لما سبق نشره من إستراتيجية دراسة تطوير المناهج الدراسية في مجال مكافحة المخدرات مشروع (المدرسة تحمي المجتمع ) نواصل الحديث عن ما يحتويه منتج دليل مدير المدرسة ودوره في التربية العلاجية، وهي التي تركز على مساعدة المتعلم الذي وقع ضحية للمخدرات في تقوية رغبته في التخلص من وباء المخدرات؛ ومن ثم العلاج منها نهائيا، وتقع مسؤوليتها على مؤسسات متعددة، مثل: الجهات الأمنية، والمستشفيات، وجمعيات التوعية. فهي تأخذ بيد المدمن ليمر بمراحل العلاج؛ ليتخلص نهائيا من هذه الآفة، ومن ثم يتم تأهيله بعد ذلك ليصبح عضوا مؤثرا في المجتمع الذي يعيش فيه. ومن أهداف التربية العلاجية إكساب أفراد المجتمع المدرسي السلوكيات المناسبة للتعامل مع المتعاطي كمريض يحتاج إلى المساعدة و يمكن علاجه، وتوفير مجتمع مدرسي يعنى بتهيئة بيئة تشجع المتعاطين على الإقلاع عن تعاطي المخدرات وعلى البحث عن العلاج، وتوفير مجتمع مدرسي يعنى بخلق بيئة مناسبة لاحتواء المقلعين عن تعاطي المخدرات أو الداخلين في برامج العلاج من آفة المخدرات، والعمل على إعادة تأهيل الأفراد المتعاطين للمخدرات مرة ثانية؛ لتقوية قناعتهم الذاتية على مواصلة العلاج وعدم العودة للمخدرات مرة أخرى، وتحقيق حالة من الامتناع عن تناول المخدرات وإيجاد طريقة للحياة أكثر قبولاً ، وتحقيق الاستقرار النفسي لمدمن المخدرات بهدف تسهيل التأهيل وإعادة الاندماج الاجتماعي. وهناك نوعان من العلاج وهما: *العلاج السلوكي المعرفي (Cognitive Behavioural Therapy) ويتضمن هذا العلاج تصحيح مجموعة المفاهيم الذهنية المتعلقة بالإدمان والتي لها بالغ الأثر في نجاح المدمن في التخلص من أسر الإدمان عن طريق تصحيح قناعاته فيتعلم المدمن من خلاله طرائق واستراتيجيات التعامل مع الاشتياق للمخدر وآليات التغلب عليه. كما يساعد في تطوير خطة شخصية شاملة للتعامل مع المواضيع التي تشكل خطرًا في المستقبل، ويطبق مهارات حل المشكلات للتغلب على المشاكل النفسية والاجتماعية التي تشكل عائقًا في طريق العلاج ومبررًا قويًا للعودة إلى الإدمان من جديد لغلق باب العودة عليه كما يساعد العلاج المعرفي أيضًا في تعلم وممارسة مهارات اتخاذ القرار ومهارات رفض المخدر أو الكحول ويوفر صورة واضحة لكيفية تجنب ومنع الانتكاس نحو المخدرات ثانية والتعامل معه إذا حدث. * استراتيجيات زيادة الدافعية للتغير (Motivational Enhancement Approach) وهذه الاستراتيجيات مهمة للغاية إذ أنها تساعد على زيادة الدافعية الذاتية لدى المدمن لتقبل فكرة العلاج والانخراط والاستمرار فيه وترفع لديه الاقتناع بإمكانية التغيير بل وحتمية هذا التغيير وأنه لا استسلام حتى نصل إلى نهاية المطاف. وتقوم هذه الاستراتيجيات كذلك على ضرورة التعاطف مع المريض واحترامه وإقامة علاقة دافئة معه وتقديم الدعم والحماية له والاهتمام به والاستماع إليه وإسداء النصيحة له في الوقت المناسب، وإزالة الحواجز التي تمنعه من الانخراط في العلاج وتقليل الرغبة في التعاطي . *العلامات المبكرة للطلاب المعرضين للخطر: استعرض الدليل العلامات المبكرة التي قد تظهر على الطالب بين الحين والآخر وهي علامات تؤشر على ما يعيشه من مشاكل، وتنبئ عن احتمال تعرضه إلى خطر المخدرات، علما بأن ذلك يبقى احتمالا من بين عشرات الاحتمالات الأخرى، ولا يبلغ بها الملاحظ درجة الاشتباه حتى تتوافر مجموعة كبيرة من العوامل. ولذلك ينبغي أن لا يتسرّع الكبار في الاستنتاج بأن الطالب يعاني من مشكلة مخدرات، فقد يكون عدد من الأسباب الأخرى وراء السلوك الملاحظ على الطالب، ويجب دراستها في سياق حياة الشخص بأكملها. ومن العلامات التي ينبغي الانتباه إليها ومتابعة أسبابها : التغير الملحوظ في الشخصية: فقد يظهر على الطالب الدّمث الأخلاق، الذي تعوّد الحديث الهادئ، كثير من الصخب والعدوانية. وقد يحدث التغير تدريجيا ولا يظهر إلا عند التأمل فيه. ويمكن أن يحدث العكس في بعض الأحيان. التقلبات المتواترة للمزاج: حيث يُرى على الطالب فجأة تقلب في المزاج من مرتفع إلى منخفض، ثمّ إلى مرتفع ثانية دون سبب ظاهر، مع حدوث ثورات غضب تطلق شرارتها أحداث بسيطة. التغيرات المفاجئة في المظهر الجسماني والوضع العام: كأن تظهر تغيرات حادّة في الوزن وأنماط النوم والصحة العامة بشكل فجائي أو تدريجي. وقد تشمل التحدث بشكل غير واضح، والترنح وفتور الهمة وتوسع الحدقتين أو تضيقهما. والثرثرة والانتشاء والغثيان والقيء. تغير الأداء في المدرسة: فقد يشير التدهور الكبير في الأداء، وبخاصة عندما يكون الطالب معروفا بالاجتهاد، إلى تعرضه إلى مصاعب معينة. تزايد الاتصالات السرية مع الآخرين: فيمكن أن يبدو فجأة أن الطالب يقوم باتصالات سرية مع آخرين، وكثيرا ما يتبدى ذلك على شكل مكالمات هاتفية غامضة. غير أنه لا بدّ من التذكير أن بعض هذه السلوكات قد يكون إفرازا عاديا لمرحلة المراهقة التي يعيشها الطالب. الحدس التربوي: فقد ينبئ حدس البالغين بوجود خلل ما في شخصية الطالب، استنادا إلى معرفة المدير بذلك الطالب، حتى ولو لم يقدرا على أن يفصحا عن مؤشرات واضحة على ظنهما. تزايد الحاجة إلى المال: فشراء المخدرات يكلف كثيرا، وكلما زاد ارتهان المرء للمخدرات كلما ازدادت حاجته إلى المال. وإذا عجز عن السداد نقدا يبدأ في جملة من المعاوضات والمبادلات تبدأ بحذاء الرياضة والساعة الثمينة. *الأسس العامّة للتّدخّل وبين الدليل الأسس العامّة للتّدخّل ومنها : ضمان السرية: حيث تساهم السرية في توفير جو من الثقة الضرورية لأي استعداد لتلقي المساعدة. وأن يعرف المتدخل مديرا كان أو مرشدا مواطن قوته وحدود قدرته على التدخّل: فإذا أحسوا بجملة من الأسباب التي قد تعوق تدخّلهم، كان الأولى أن يحيلوا الأمر إلى خبير شؤون المخدرات أو على الأقل أن يطلبوا نصيحته. اجتناب وصم الطالب بالعار، أو التغاضي التام عن تعاطيه: فلا بدّ من الأخذ بأسباب العلاج ولكن بأسلوب يقوم على تحميل الطالب مسؤوليته في القرار الذي سيتخذه ومساعدته على تبين تكاليف المترتبة عليه. إظهار العلاقة الودية والتعاطف: لأن تناول المخدرات أمر حساس جدا بالنسبة إلى الطلاب، ويجد صعوبة كبيرة في الإفصاح عنه خوفا من العقوبة والانتقاد اللاذع، فإقامة العلاقة الودية والتعبير عن التفهم أمران حيويان لفتح أبواب المساعدة وإظهار الاستعداد للتعاون. ومثل هذا الأمر ليس بالغريب عن التربية النبوية، فكلنا يعرف ذلك الشاب الذي جاء يستأذن النبي صلى الله عليه وسلم في الزنا، فما نهره النبي ولا استهجن تصريحه، ولكن وجهه توجيها سمحا هادئا، وأظهر تعاطفه معه لَمَّا وضع يده على صدره ودعا له. إحالة الطالب للحصول على المساعدة التخصصية: فعندما تكون مشاكل المتعاطي أو المدمن معقدة، ينبغي إحالته إلى مستشار يتمتع بالخبرة الكافية. ولكن يتطلب اتخاذ قرار إحالة الطالب على مساعدة مستشار يتمتع بكفاءة مهنية النظر إلى احتياجات الشخص المحال. وبين الدليل بعض التوجيهات حول مسألة الإحالة: من الذي يجب أن يحال؟ فأسهل طريقة للتعامل مع الإحالة هي الاتصال هاتفيا بالجهة الصحية الملائمة في منطقتك، ومناقشة خيار الإحالة الأكثر ملائمة، والحصول على معلومات لأفضل سبل الإحالة. تشجيع الطالب على قبول المساعدة المتخصصة، فقد لا تكون جلسات الاستشارات نافعة إذا أحس الطالب بأنه قد أُحيل مرغما، ولم يتفهم أبعاد الإحالة كما ينبغي. ويمكن للمدير استخدام استراتيجيات لتشجيع الطالب على طلب المساعدة: ومنها:- زيارة المستشار قبل إحالة الطالب للحصول على المساعدة، ويمكن ذلك المرشد التربوي مثلا من أن يشرح للطالب تجربته مع المستشار، وعملية الاستشارة، ويعطيه فكرة عما يتوقعه، الأمر الذي يقلل من قلقه بشأن الإحالة، عرض المساعدة المتبادلة، فاقتراح حضور جلسة الاستشارة مع الطالب مفيد. إبراز الإيجابيات المنتظرة من وراء جلسات الاستشارة، سرية المناقشة، فينبغي أن يطمئن الطالب بأن الجلسات مع المستشار ستجري في سرية تامة، وأنه لن يخسر شيئا بمقابلة المستشار، إذ لن يعرف أحد بحصول الجلسة أو الجلسات. كما احتوى الدليل على دور المدير في علاج متعاطي المخدرات وذكر الدور الإيجابي الذي تسهم به المدرسة ومنها: بناء الاتجاه الإيجابي لترك تعاطي التدخين والمخدرات والترغيب بالتوبة واستمرار تنمية المهارات الحياتية الضرورية ودعم اكتشاف المتعلم لذاته وقدراته للنجاح في الحياة والدعم المعنوي واللوجستي للتائبين من التدخين والمخدرات، توفير الحصانة والأمن المعلوماتي لمتعاطي التدخين والمخدرات، التنسيق مع الجهات ذات الصلة من المستشفيات والعيادات للإسهام في العلاج، التوعية بطرق الإقلاع والتوبة من المخدرات، وتوفير فرص مشاركة التائبين في النشاطات التربوية المختلفة. وتقديم الرعاية العلاجية لذوي المشكلات السلوكية وتنظيم البرامج العلاجية والإرشادية لمساعدتهم في التغلب على السلوكيات غير المرغوبة، والحد من أثرها عليهم، وإحلال البدائل الحسنة محلها، وتقبل الطلاب مهما كانت أحوالهم وتصرفاتهم والعطف عليهم والرفق بهم، وتوعية الطلاب المصابين بمراجعة المراكز المختصة بعلاج مدمني المخدرات، والتقيد بالعلاج الذي ينصح به الأطباء، وتوجيه الطلاب لقراءة الكتب الخاصة بمعالجة مدمني المخدرات، وأساليب التعافي من التعاطي. وقد شمل الدليل مجموعة من النصائح والإرشادات ذات الصلة بالدور المتوقع من مدير المدرسة في مجال مكافحة المخدرات في المدرسة وهما على النحو التالي:- تحديد الطلاب الذين يعانون من مشكلات خاصة، والتركيز عليهم؛ لأنهم أكثر عرضة لإدمان المخدرات وتعاطيها. التركزعلى الطلاب ضعاف الشخصية؛ لأنهم يمتلكون قدرا كبيرا من القابلية للإيحاء، وهم الذين يسارعون للتأثر برفقاء السوء. إيجاد قنوات اتصال بينه وبين أسرالطلاب، للتعرف على سلوكيات الطلاب الخارجية. تحذير الطلاب من المخدرات، ومن رفقاء السوء. أقناع الطلاب الذين يعالجون من المخدرات بضرورة مواصلة العلاج وإعادة التأهيل. تحذير الطلاب الذين تم علاجهم من أخطار الانتكاسة إذا لم يكملوا مسيرة إعادة التأهيل. دمج الطلاب بالأنشطة الجماعية وتعويدهم على العمل الجماعي. تدريب الطلاب على الحوار والنقاش حول مشاكلهم الخاصة.