نكتة طريفة وردت إليّ عن طريق الجوال، لكن مع بساطتها إلا أنها تصور وبدقة تجسيداً كبيراً لواقع الهزل الاجتماعي الذي يعوم بعضنا فيه.. تقول النكتة: مطوع متشدد سافر إلى جدة لكي يؤدي العمرة، ومن المطار إلى مكة استقل سيارة أجرة يقودها سائقه، مثل غيره ممن هم في مهنته متواضع المفاهيم، وكان السائق قبل صعود «المطوع» قد فتح الراديو يتابع مسلسلاً تمثيلياً، لكن ما إن استقر المطوع في السيارة حتى قال للسائق: هل كان في عصر الرسول راديو..؟ لماذا لا تقفله لئلا يشوب عمرتي أي شك.. قال السائق: لا.. قال: إذاً أقفله.. واستمرا في الطريق وكان الوقت صيفاً فلاحظ «المطوع» برودة المكيف.. فقال: هل كان هناك مكيف في وقت الرسول..؟ قال السائق: لا.. أردف: إذاً أقفله.. فكر السائق بعض الوقت، ثم انحرف بالسيارة نحو الرصيف وتوقف وفتح الباب قائلاً للمطوع: هل كان هناك في وقت الرسول سيارة؟.. بالطبع لا.. انزل إذاً.. الحقيقة يضحكنا جداً ما نسمعه عن المطالبة بأسواق نسائية مقفلة.. هل حدث هذا في أي عصر إسلامي بدءاً من عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وحتى وقتنا الراهن..؟ أليس لدينا مئات الكتب.. التي تتحدث عن ندوات اختلاط في الحوار الشعري أو الاجتماعي بين نساء ورجال..؟ ما هي أبعاد الثقافة الدينية عند من يريدوننا أن ننسى سوق مقيبرة وليس التاريخ الإسلامي حينما يبتدعون اجتهادات لا صلة لها بالفقه..؟ ألم يكونوا على صواب من اتهموا بلادنا قبل عشرات السنين بوجود العزلة الدينية المختلفة تماماً عن الأوضاع الفقهية في المجتمعات الإسلامية الأخرى..؟ مع أنه لا دولتنا ولا مجتمعنا اعترف بتلك العزلة، ولكنها أقليات الخطأ، ليس في أفكارها فقط، ولكن في تدني مستوى الوعي العام الذي وجد في بعضه هؤلاء مقصد إعاقة وتشويه لنمونا الحضاري والعلمي..