يقول الناقد الدكتور جابر عصفور في كتابه الجديد «في محبة الشعر» الصادر عن الدار المصرية اللبنانية: نحتفي بالشعر لأننا نحتفي بالإبداع، ونحتفي بالإبداع لأننا نحتفي بالحياة في تطلعها إلى الغد، فكل إبداع بحث عن الممكن، وسعى وراء ما يظل حافزاً للخيال على التطلع إلى المستقبل الذي يلوح من وراء الحاضر كالوعد، ولذلك كان الشعر، كالإبداع الذي هو منه قرين الحرية ونقيض الضرورة. من خلال هذه المقدمة التي دبجها المؤلف في مطلع الكتاب يدور في فلك الشعر برؤية ثاقبة فاحصة لحركة صعود الشعر وهبوطه بقدرة ناقد مضى أكثر من أربعة عقود في دولة الشعر محللاً ودارساً ومؤرخاً له ليكون مرجعاً في تيارات الشعر ومناهجه النقدية ما جعله يطرح أسئلة عن مستقبل الشعر. الكتاب حمل بين دفتيه دراسات عن الشعر في مرحلة البعث والاحياء فتوقف عند شوقي وتذكر البارودي ودرس تعريب الإلياذة وتطرق إلى بيرم التونسي، أما في القسم الثاني من الكتاب فقد ركز على مرحلة الستينيات الشعرية فتوقف عند صلاح جاهين وشاكر السياب وعفيفي مطر وأمل دنقل وممدوح عدوان. ويأتي في القسم الثالث والأخير عن حركة الشعر بعد الستينيات ليدرس شعراء تلك الفترة كمحود درويش وحلمي سالم كما توقف عند قصيدة النثر وتناول نشأتها وتطورها ودور مجلة شعر ثم يتهكم ساخراً من شراء الصراصير الذين يصفهم المؤلف بأنهم فقدوا الشعر في كتاباتهم في معناه وغاياته، ولذلك نجد الأسئلة تتوالد عبر صفحات هذا الكتاب في سياق معرفي لا يعرف راحة الإجابة النهائية.