شكّل هاجس نقص الخدمات الأساسية في (124) قرية بالخوبة والخشل (جنوب– شرق مدينة جازان)معاناة مستمرة لدى الأهالي، وتحديداً بعد انتهاء "حرب التطهير" ضد المتسللين. وكانت المنطقة المحددة (3 كيلو خارج القرى) تم تحديدها كمواقع رصد لحراسة الحدود بالشكل المطلوب من قبل حرس الحدود والجهات الأمنية الأخرى، وذلك بمراقبة حدود المملكة من أي عملية تسلل أو تهريب أوعبث بأمن الوطن. "الرياض" رافقت لجان الحصر منذ بدايتها في جولة طويلة، واطلعت على بعض نقص الخدمات والطرق الوعرة في كامل تلك القرى، والتقت عدداً من المواطنين الذين أبدوا تذمرهم من انعدام الخدمات الأساسية في قراهم. معاناة مستمرة وقال المواطن "أحمد موسى آل سوادي" -أحد سكان قرية بحرية 10 كيلو غرب مركز الخشل-"إن سكان القرية يعانون من خدمات الإسفلت والماء، مشيراً إلى أن طول الانتظار أجبر سكان القرية إلى دفع مبالغ ماليه كبيرة من أجل الحصول على الماء عن طريق الصهاريج، كذلك وعورة الطرق الموصلة للقرى التي لم تحض بالسفلتة، مما كبد أصحاب المركبات خسائر فادحة ودمرت مركباتهم". وأكد الأستاذ "احمد السراج" على أن الأمر لا يتوقف عند الخدمات فقط، بل إن القرى أصبحت عرضة سهلة للسرقة والنهب والتهريب من قبل ضعاف النفوس، خاصة القرى البعيدة عن تواجد الحراسات الأمنية، مما يزيد قلق السكان على منازلهم ومحلاتهم التجارية ويعشون في حالة توجس وترقب على ممتلكاتهم الخاصة أثناء الليل. أما المواطن "علي عبدالله محزري"، فقال:"إن أبناء محافظة الحرث وقراها محرومين من القروض العقارية؛ لأنهم لا يملكون صكوكاً على أراضيهم، وهذا ماجعلهم يعيشون في أسوأ الحالات، وقليلاً منهم من يمتلك منزلا مسلحا مبنيا على الطراز العمراني الحديث، وحتى الصرافات البنكية المنتثرة في شوارع المملكة لم يكن لمحافظة الحرث والخشل وقراها المأهولة بالسكان أي نصيب". غياب الخدمات من جانبه قال "أحمد محمد رفاعي" و"موسى عيسى" و"فاطمة محمد" من سكان قرى الحرث، إن الشوارع ترابية وهي بحاجة للسفلتة والرصف والإنارة، كما أن مياه الأمطار تتجمع بها مما يشكل خطراً على الأطفال ويؤدي إلى أعطال السيارات وحصر السكان في مساكنهم، كما يعاني الأهالي من النفايات والمخلفات المتكدسة أمام المنازل. لجنة حصر الخسائر تواصل عملها لتعويض المواطنين واتفقت "فضة وعقيلة وفاطمة حساني" على أن أغلب القرى الكبيرة والمأهولة بالسكان لا يوجد بها مدارس للبنين والبنات ومحوالأمية، مماجعل معظمهم محرومين من التعليم، خاصة الجانب النسائي لعدم استطاعتهن مواصلة تعليمهن لبعد مراكز التعليم عن مقر إسكانهن، ولعدم وجود وسيلة مواصلات تقوم بنقلهن مع رغبتهن الجادة واستعدادهن للتعليم. ويرى الشيخ "يحيى بن يحيى مجرشي" أن نقص الخدمات ساعد في تهجير أصحاب القرى إلى مدن المملكة ومحافظات جازان الأخرى التي تمتلك مقومات الحياة الطبيعية للسكان؛ تاركين منازلهم للمهربين والمتسللين والمجهولين؛ لأن جميع الخدمات متوفرة في قرى محافظات جازان الأخرى ما عدى قرى محافظة الحرث المنسية. الأمل قادم! "الرياض" نقلت معاناة الأهالي إلى محافظ الحرث "محمد بن هادي الشمراني"، وقال: منذ تسلمت العمل كمحافظ للحرث في شهر شوال من عام 1429ه؛ تم دراسة وضع قرى الحرث ومركز الخشل والنقص الشديد في كافة الخدمات من قبل لجنة المجلس المحلي بالمحافظة وجهات خدمية أخرى، وتم دراسته ووضع الحلول للوضع المتردي للقرى بخصوص توفير الخدمات الأساسية، ومعرفة الأماكن التراثية والسياحية في كافة أرجاء الحرث، وتم الرفع بالتقارير التي توصل إليها اللجان لمجلس المنطقة، وسوف تستكمل كافة الخدمات للقرى ولكن الظروف التي مرت بها المحافظة مؤخراً، بسبب الحرب وردع المتسللين كان عقبة في تأخير عجلة التنمية، والآن كل الجهات المعنية مركزة جهودها في تقديم الخدمات للمحافظة على أكمل وجه، مشيراً إلى أن الحرث وقراها حظيت مؤخراً بمنح الأولوية في توصيل كافة الخدمات المطلوبة للمواطنين بأسرع وقت. وعن نصيب منطقة الخوبة من الإسكان الخيري للنازحين قال الشمراني: إن هناك أراضي حكومية كثيرة متوفرة وبمساحات شاسعة تم نزع ملكيتها في وقت سابق، وأصبحت من أملاك الدولة ومن أبرزها منطقة الجحاير غرب قرية بحرية على ضفاف وادي سيال -التي تعد من أكبر الموقع بمساحتها البالغة حوالي 3 كيلو في7 كيلو متر-، ومواقع أخرى في المعطن والبيضاء وعشة الشاعر، ومتى طلبت الجهات المعنية أراضي لبناء عليها إسكان فنحن جاهزون لتقديم لهم أي مساحة يرغبون فيها. وعن استحقاق أبناء القرى العائدة بالخوبة من هدية خادم الحرمين الشريفين للنازحين قال الشمراني:"إن كافة من سجل اسمه نازحاً بمركز الإيواء سيحصل على مسكن من مكرمة خادم الحرمين الشريفين حتى وإن عاد لمسكنه السابق؛ فهذه الإسكان تبرع بها ملك الإنسانية لأبنائه النازحين كافة، ولكل شخص الحق في الحصول على مسكن من هذه الإسكان التي تنشأ حالياً بمحافظات المنطقة، مؤكداً على أن عودة النازحين لقراهم قريباً -إن شاء الله- بعد انتهاء اللجان من الإعمال الموكولة إليها". ومن جانبه أوضح مدير الدفاع المدني بجازان ورئيس لجنة حصر الأضرار بالخوبة "العميد حسن القفيلي" انه يقوم بجولات مستمرة لكافة القرى بالخوبة والخشل، وقد تم إعداد تقارير عن الوضع الحالي للقرى ومدى الخدمات المتوفرة بها، ويتم رفع التقارير بشكل يومي لسمو أمير المنطقة ولمعالي مدير عام الدفاع المدني، مبيناً ان المسئولين بالمديرية العامة مركزون بشكل خاص على الوضع في منطقة الحرث وقراها والقرى التي نزح سكانها.