كتبنا وما كتبنا.. وما أكثر ما كتبنا نحن معشر (الوارقين)، عن مياه الأمطار، وأزمات المياه (الحولية) حتى جف ريقنا.. وصرخنا حتى انتفخت (فشَّتنا).. وانفقعت مرارتنا.. وانقطع الحبل السرّي! ها هي السماء.. ترعد وتزبد.. انهمر المطر، لا أقول كأفواه القرب، بل هو مثل (أشياب البازانات)، أيام كنا (ولا تسل - كيف كنا - نستقي من ظهور مخلوقات الله (الصابرة) التي تمشي على أربع! ها هي أيام من المطر تجيء.. لم تترك شعباً ولا وادياً في قرية ولا شارعاً ولا زقاقاً في مدننا (الجميلة الصابرة) إلا غسلته من رأسه حتى أخمص قدميه.. بل حتى خرج الماء من أنفه وأذنيه، وصاح مستغيثاً: «إني أتنفَّس تحت الماااااء.. إني أغرق أغرق»! فماذا كان؟! انتشر عُمال الأمانات.. هذا يحمل رفشاً.. وذاك يسحب خرطوماً.. وآخرون يهيلون تراب القلاّبات على الأرصفة.. هذا (يكبِّب).. وهذا (يليِّس).. أما حبايبنا (الوايتات) فقد كانت تخطُر.. وتمخُر.. وتُشخِّر..! «يا بختها.. من زيَّها»؟! وأمتِّع النظر، من شرفتي المطلَّة على (فينيسيا الشرق الأوسط) بوايتاتها الصفراء والبيضاء على السواء وأقول: بخ بخ يا سفينة أم الرخاء.. «اتمخطري يا حلوة يا زينة» اشفطي الماء.. الهطي وابلعي العافية.. فلن تنتهي خدمتك في شوارعنا حتى لو قالوا (قريباً).. يا الله عُمر وعافية! وأردد مع (عفاف راضي): «عطاشى.. والميَّة بلاش.. عطاشى يا عيني»! * * * آخر سطر: «الما بجنبي وأنا.. ساكن بجنب الما.. عطشان ميت ظما.. وأنا أتفرَّج على الما»!