قبل عدة أيام كنت مع ابنتي في عيادة طبيبة أسنان كندية. عرفت منها أنها تعمل في العيادة أكثر من ثماني ساعات يوميا. على هذه الحال منذ أكثر من خمس وعشرين سنة . مع الكلام تبين لي أنها امرأة عادية مثل معظم الكنديات, متزوجة ولديها ابنة تحضر الماجستير في إحدى الجامعات الأمريكية وابن يعمل خبير آثار في أحد المتاحف. لكن المرأة الكندية تبقى امرأة غربية. تنطبق عليها نفس الأوصاف التي تنطبق على أخواتها الغربيات: متفسخة منحلة فاقدة كرامتها. أداة للإثارة والإغراء والمجلات الخليعة. مجرد سلعة رخيصة. تعاني من التفكك والضياع . بضاعة سائغة. تنتقل من يد إلى يد دون أدنى مراعاة لمشاعرها أو ظروفها التي أدت بها الى امتهان نفسها وكرامتها ؟؟ أداة للهو والتسلية. وعاء لتفريغ سموم العابثين وأهوائهم. ضحية للمخدرات والعنف والاغتصاب. مسلوبة الأنوثة التي فطرها الله عليها. مستعبدة بدعوى الحرية. تخوض في الوحل. تعيش حالة من التدهور الخطير في المجتمع الغربي المنحل. تجرعت ويلات الخروج عن الفطرة الإنسانية التي حددها بوضوح بعض دعاتنا ومشائخنا حفظهم الله. في كل الوقت الذي كانت تعمل فيه على أسناني كنت أتأمل فيها. أليس الأولى بها أن تكون الآن نائمة في بيتها في مملكتها معززة مكرمة. مرفهة تقلب كرشتها ذات اليمين وذات الشمال بمساعدة خدامتها إذا لزم الأمر. قبل أن نخرج من عيادتها سمعت المتفسخة تقول لابنتي: ما أسعدكن. نحن يا ابنتي نصرخ في كل مكان: أعيدونا إلى البيت. أعيدوا المحرم إلينا. أريد رجلي أن يؤدبني أن يسوطني ولو بسواك. سئمنا الضياع. تصوري يا ابنتي أسافر وحدي وأعود وحدي. أسوق سيارتي بنفسي. انتن مثل رؤساء الدول. لا تسافرن إلا بمرافق. حتى في السياقة أنتن معززات مكرمات. تجلسن مثل الملكات في المقاعد الخلفية. طافت بي أسئلة لا تعد ولا تحصى. كيف استطاعت هذه المرأة في ظل هذه الظروف المروعة أن تصبح طبيبة وتستمر خمساً وعشرين سنة و أن تربي أبناءها حتى تصل البنت إلى مرحلة الماجستير والابن خبير آثار. قطعت حبل أفكاري لتقول: أنصح بأن تتمسكوا بتقاليدكم وأخلاقكم وكلام دعاتكم . امنعوا الاختلاط وقيدوا حرية الفتاة . بل ارجعوا لعصر الحجاب ، فهذا خير لكم من إباحية وانطلاقِ ومُجُونِ أوروبا وأمريكا . امنعوا الاختلاط فقد عانينا منه في الغرب كثيرا ، لقد أصبح المجتمع الغربي مجتمعاً مليئاً بكل صور الإباحية والخلاعة . إن الاختلاط في المجتمع الأمريكي والأوروبي زلزل القيم والأخلاق . إن ضحايا الاختلاط يملؤون وكالات الفضاء والمصانع والجامعات صاروا علماء ومفكرين يقودون العالم في كل مكان. التفت إلى ابنتي وقلت: احذري يا ابنتي أن تصبحي يوما مثل هذه المرأة. عليك أن تبقي في بيتك. مملكتك. مربية أجيال. إذا كان أبناء تلك النساء المتفسخات يطيرون صواريخ في ناسا, فلن نترك الفضاء لهم. سنزاحمهم فيه, أبناؤك إن شاء الله سوف يطيرون الحمام في السطوح.