إن الإباحية تجعلك تعتقد أن الجنس هو شيء يمكنك الحصول عليه متى أردت في أي مكان، مع أي شخص دون أية عواقب، وهذا اخطر شيء وهذا كسر لقوانين الارض والسماء وكل الاعراف والقيم البشرية، قد يطلق على مجتمع ما صفة المجتمع الاباحي، أو المجتمعات الاباحية، لأنه يُبيح، أي يسمح ويرضى وتنتشر فيه انواع الممارسات الجنسية جاء في قاموس لسان العرب: وأَباحَ الشيءَ: أَطلقه. والمُباحُ: خلاف المحظور. والإِباحةُ شِبْهُ النُّهْبَى. وفي القاموس المحيط استباح عرض بالوقيعة فيه وقد استباحه أَي انْتَهَبَه، واسْتَباحوهم أَي استأْصلوهم. وفي الحديث: حتى يَقْتُلَ مُقاتِلَتَكم ويَسْتبِيحَ ذَرَارِيكم أَي يَسبيهم وبَنِيهم ويجعلهم له مباحاً أَي لا تَبِعَة عليه فيهم؛ يقال: أَباحَه يُبِيحُه واسْتباحه يَسْتبيحه. وليس الجنس فقط هو الذي يُستباح بل كل الفضائل ومكارم الاخلاق واستباحة كرامتهم وسيرتهم وسمعتهم والتعدي على حقوق الغير استباحة وأكل اموال الناس بالباطل هو استباحة والخيانة والكذب والغش اباحية وأذية الناس استباحة وانتهاك الشأن العام اباحية وخُلف الوعد وعدم الوفاء بالعهود اباحية، قارنوا الآن وفتشوا عن المجتمعات التي تكثر فيها الاباحية بكل انواعها لأن بعض الكلمات يستمد تأثيرها ومفعولها من الصور المرافقة لها، أو الفعل المكمل لها، لذا تذهب لفظة «الإباحية» بالمرء إلى مخيلة المَشاهد الجنسية التي في العلن يحاربها الكثير، وخلسة لها نصيب من أوقات بعض هذا «الكثير». هذه الإباحية يختلف مداها من عين إلى عين: عين ترى «الإباحية» في مشهد راقصة شرقية خلال فيلم سينمائي شرقي، او راقصة باليه في فيلم غربي. وعين ترى في مشهد ساخن يخدم حبكة القصة مشهدا عاديًا . من المجحف أن تقتصر «الإباحية» على هذه الصورة النمطية هناك اباحية ثقافية واباحية لفظية، إذن اباح الشيء سمح به واظهره وانتشر بين الناس واصبح سمة غالبة. فالتلاعب بالمال العام اباحية، والتشدد والتطرف في تفسير الدين اباحية، لأنها استباحة للاعتدال والوسطية بالدين والتدين، الإباحية معناها السماح والإذن بعمل أمر معين، السماح والاذن الاجتماعي، فصور الاباحية متنوعة وليست مقتصرة على ممارسة الجنس، ولو قمنا بعقد مقارنة عن تفشي واباحة الكذب لتبرير الحصول على المصالح الخاصة، أو عدم صدق الوعد وعدم الوفاء بالعهد، لرأينا أن المجتمعات الإسلامية اكثر في ذلك واشد من المجتمعات الغربية مثلاً، لهذا فليس المجتمع الغربي مجتمعاً اباحياً إلا فيما يخص العلاقة بين الرجل والمرأة وضمن القانون، اما الصور الاخرى للاباحية فالمجتمع الغربي ربما اقل في الكذب والتزوير والغش التجاري منه في مجتمعنا المحلي. إذن توخي الدقة في اطلاق السمات والصفات في مرض الاباحية هو من باب التثبت وعدم اطلاق الكلام على عواهنه ، فأشد الناس اباحية هو من يغش في مشروعات الخدمات العامة، أو يضع العراقيل في وجه طالب الفرص الوظيفية أو التجارية ، والمغالاة في المهور اباحية لأنها تشدد على الشباب والفتيات فرص التحصين وتأسيس بيت الزوجية، فما يجري على ألسنة الناس وصف مجتمع ما بأنه اباحي هو من باب (وتنسون انفسكم)، فمجتمعنا المسلم ملئ بالاباحية غير الجنسية، من عدم اتقان العمل والجودة، ومن ضياع حق الضعفاء والمساكين، ومن نفي ومصادرة حق من يختلف عنا في الفكر والعادات والتقاليد والديانه، لهذا فعبارة (مجتمع اباحي) تشمل كل صور استباحة حقوق الناس، وعدم الاهتمام بأمر المسلمين وخاصة المحرومين، بل أن الاباحية اكثر ما تكون في تضاؤل سلم القيم الاجتماعية وخاصة المتعدية للغير كالصدق والتعاون والامانة والإيثار وشيوع ثقافة الاستغفال والاستحواذ والانانية بحسبها مقومات النضج في الشخصية الاجتماعية.