اكتملت الاستعدادات في الخرطوم ومدينة جوبا حاضرة جنوب السودان لقيام استفتاء تاريخي لتقرير مصير الجنوب اليوم وسط حملة دعائية مكثفة أظهرت بشكل جلي أن الاقليم يتجه نحو الانفصال. وتظاهر الآلاف في جوبا أمس وهم يرفعون علنا شعارات تدعو للانفصال وتردد هتافات أبرزها (باي باي الخرطوم باي باي الشمال). وهتف المتظاهرون فى شوارع جوبا بما سموه "الخطوات الأخيرة نحو الحرية"، فى إشارة إلى اقتراب موعد الاستفتاء الذي يبدأ اليوم. وتقدمت المتظاهرين فرقة موسيقية ارتدى أفرادها قمصانا كتب عليها "نحن مغادرون". وطالب الأمين العام للحركة الشعبية الحزب الحاكم في الجنوب باقان أموم الشعب الجنوبي للتصويت للانفصال كخيار لوداع ما أسماه "الاضطهاد والظلم والاستعمار والعبودية وجميع المشاكل التي واجهت الجنوب". وقال أموم في ندوة كبرى بجامعة جوبا أن الاستفتاء الذي سينطلق اليوم أتت به الحركة بنضالاتها، وشدد على أن ذلك من ضمن الحقائق التي لابد أن تعرف، موضحاً أن هناك أحزابا طالبت بحق تقرير المصير ولم تقم بمساهمة كبيرة لتحقيقه. وأهاب بالسكان للتوجه للتصويت وبهدوء وبطريقة سلمية وحضارية، وجدد تعهدات الحركة بإجراء الاستفتاء في موعده. وتابع قائلاً: "حتى لو أمطرت السماء في يوم الاقتراع نارا سنخرج ونصوت". وطالب باقان الجنوبيين بفتح صفحة جديدة، مشيرا إلى أن نتيجة الاستفتاء ستكون لصالح الانفصال، وتعهد بان تعمل الحركة لبناء الجنوب وتنميته. وطالب أموم المواطنين بترك الكسل والانضمام لركب بناء الدولة الجديدة ورأى أن مصلحة الجنوب الحقيقية في استقرار الشمال. جنوبيون يتظاهرون دعماً للانفصال وقال ان حكومة الجنوب والحركة الشعبية ستدعمان حكومة الشمال في حل مشاكلها وستساهم في تحقيق السلام بالمنطقة. من جهته، دعا رئيس لجنة حكماء أفريقيا رئيس جنوب أفريقيا السابق ثابو مبيكي، الجنوبيين إلى التعلم من تجارب الاستقلال في القارة، بما في ذلك دروس الديموقراطية والمساواة بين المواطنين للتأكد من البناء الناجح لما ستكون الدولة الأفريقية الرابعة والخمسين. واعتبر أن الاستفتاء في جنوب السودان مدعاة للاحتفال في أفريقيا وفرصة لتطور القارة. وشدد في كلمة ألقاها أمام ندوة في جوبا أمس حضرها وزراء وديبلوماسيون أجانب، على ضرورة حماية الجنوبيين في الشمال والشماليين في الجنوب. وأكد تلقيه تطمينات من حكومة الجنوب باحترام حقوق الشماليين في أراضيها. واعتبر الفترة التالية على الاستفتاء فرصة للطرفين لتجاوز إرث الماضي الصعب وتشكيل علاقات أقوى وأكثر استدامة. وفي الخرطوم أعلنت مفوضية الاستفتاء عن جاهزيتها لاستقبال الناخبين بجميع المراكز المنتشرة بالولاياتالجنوبية والشمالية ودول المهجر. وقال رئيس مفوضية مكتب جوبا جان ايدج ل "الرياض" انهم تمكنوا من ايصال بطاقات ومواد الاقتراع لجميع الولاياتالجنوبية العشر، عبر استخدام طائرات مروحية في ولايات واراب وجونقلي والوحدة نسبة للصعوبات اللوجستية، ووجود المراكز في مناطق نائية. واضاف ان مروحيات تتبع للامم المتحدة قامت بنقل البطاقات لمراكز الولايات ومن ثم تمكنت لجان المراكز من نقلها على متن الدراجات والدواب ومساعدة المواطنين في نقلها. واكد انتظام كافة المراكز بموظفيها الى جانب تواجد حوالي 17 ألف مراقب محلي و 1200 مراقب أجنبي واتخاذ تدابير أمنية لازمة. الى ذلك ، اكدت المتحدثة الرسمية باسم المفوضية مكتب الخرطوم سعاد ابراهيم عيسى، ان المفوضية جاهزة لكافة الترتيبات اللوجستية للاقتراع ، وقالت ان فرقاً من المفوضية طافت على الولايات ووقفت على الاستعدادات والتدابير الامنية واللوجستية للاقتراع وانتظام الموظفين واطمأنت علي وصول مواد الاقتراع للمراكز. في السياق ذاته، اقر رئيس مركز كارتر للمراقبة جيمي كارتر، ان المرحلة المقبلة تعتبر الاهم ،لافتا الى انه تطرق مع ثامبو امبيكي رئيس لجنة حكماء افريقيا الى ضرورة دفع الحوار في القضايا العالقة بين الشمال والجنوب مثل الديون الخارجية وأبيي والنفط. وقال كارتر في تصريحات صحفية عقب لقائه برئيس مفوضية الاستفتاء البروفيسور محمد ابراهيم خليل، ان هذه القضايا العالقة يجب ان تجد حظها من النقاش المستفيض للوصول الى صيغة مشتركة بين الجانبين. واعرب عن تفاؤله باتمام عملية الاستفتاء في اجواء ملائمة دون عوائق لوجستية. وبالمقابل كشف القيادي في الحركة الشعبية الجنوبية وزير رئاسة مجلس الوزراء لوكا بيونق عن اتصالات تجريها واشنطن لاختيار سفيرها للدولة الجديدة في الجنوب حال الانفصال، مؤكداً أن الولاياتالمتحدة والصين ستكونان في مقدمة دول المجتمع الدولي التي ستعترف بدولة الجنوب. وقال بيونق ل "الرياض" أن أميركا لديها الآن اتصالات للنظر في الخيارات المطروحة لترشيح سفيرها لدولة الجنوبالجديدة. وأشار إلى ثلاثة أسماء مطروحة لتولي المنصب على رأسهم تك نايتي بمكتب السيناتور الأميركي دونال دينق الى جانب روجر وينتر ، ورئيس منظمة كفاية الأميركية جون يانتفس.