لا يمكنك أن ترمي إنساناً في البحر ثم تحذره: إياك أن تبتل بالماء. سيبتل حتما وسيفشل في تحقيق ما تطلبه منه. هذا بالضبط ما يفعله الكثير من رجال الأعمال والتجار وبعض المعلقين في وسائل الإعلام فيما يتعلق بمعضلة البطالة. فهم يلقون باللوم، كليا، على الشباب لعجزهم عن إيجاد الوظيفة المناسبة متهمينهم بالكسل وقلة الإنتاجية وعدم الجدية والانضباطية. تلك التهم الجاهزة كنا نسمعها منذ كنا، كمجتمع، لا نعاني من البطالة، وكنا نصدقها لأن تلك التهم لم توضع على المحك ولم تختبر. اليوم نحن نعرف يقينا أن تلك التهم فرية وأن أولئك المتهمين أبرياء. إذ إن الشباب السعودي الذي يعمل في مطاعم الوجبات السريعة وفي المحلات التجارية أثبت لنا أن شبابنا ليسوا كما أشيع عنهم فيما يتعلق بعدم الكفاءة وانعدام الإنتاجية. نحن نشهد لهم بعد أن تعاملنا معهم، وأشترينا منهم، ووجدناهم لا يقلون، إن لم يفوقوا، غيرهم كفاءة. المشكلة ليست فيهم. المشكلة في نظام مصمم لعاملين ليست لديهم أي التزامات عائلية ولا مجتمع يقارن أفراده بعضهم بعض. لن تجد العامل السعودي الذي يستطيع أن يعمل سبعة أيام في الأسبوع من الصباح إلى الساعة الثانية عشرة ليلا. ولن تجد سعوديا يمكن أن يعيش هو وأسرته بمرتب يقارب الألفي ريال. ليس لأنه يطمع بالمزيد. بل لأنها، ببساطة، لا تكفي للحد الأدنى من متطلبات المعيشة. السعودي يحتاج إلى استئجار شقة متواضعة تؤويه وأسرته في حين أن العامل الأجنبي يكتفي باستئجار سرير في غرفة من شقة جماعية. السعودي يحتاج إلى سيارة لمواصلاته ولمواصلات أسرته في حين أن العامل الأجنبي لا يحتاج لها لأنه بلا روابط اجتماعية هنا وهو يسكن في نفس مكان العمل أو بالقرب منه. السعودي لديه فواتير متعددة ليدفعها، هذا إذا كان محظوظا ولم يكن والداه يحتاجان منه المساعدة. أما الأجنبي فلا فواتير لديه بل وحتى فواتير المكالمات الدولية يغشون فيها ويمررونها لبعضهم بأسعار متهاودة. لا تلوموا الشاب السعودي إن هو لم يجتهد لأرباب عمل يهضمونه حقه، وهو في الوقت نفسه يدرك أن أرباب العمل لم يكونوا ليوظفوه لولا الضغط الذي تمارسه وزارة العمل عليهم، وهم يسعون لتطفيشه ما استطاعوا. مؤسفة أوضاع السعوديين في القطاع الخاص، ومؤسف أكثر أن كثيراً منهم رضي بالهم لكن الهم لم يرض به. إذ إنهم-حتى- لا يجدون ترحيبا في القطاع الخاص في وطنهم.