أهدى لي فضيلة الأخ العزيز الصديق الشيخ إبراهيم بن عبدالرحمن بن سدحان كتابه القيم: البيعة: بيعة وولاء أهالي مدينة شقراء للدولة السعودية في أدوارها الثلاثة. وكنت مشغولاً عن قراءة الكتب ولكن موضوع الكتاب أصاب هوى في قلبي فتمكن. فكنت مع هذا الكتاب في صراع مع نفسي المشغولة إلا أن هواي مع موضوع هذا الكتاب غلبني وأرغمني على انتهاب ساعة من وقتي المشغول لقراءة الكتاب وقد ساعد في واقعة هذا الانتهاب أنني سبق أن تحدثت عن مدينتي شقراء بمقال بعنوان «شقراء مدينة الصدق والوفاء» تضمن هذا المقال المواقف الإيجابية الولائية لآل سعود وحكمهم في أدوارهم الثلاثة وموقف أهل شقراء من الدعوة السلفية بقيادة الشيخ محمد بن عبدالوهاب وبمؤازرة الأمير محمد بن سعود رحمهما الله. لقد استمتعت بقراءة هذا الكتاب القيم فوجدت فيه توثيقاً لما قلته عن شقراء وأهل شقراء وكامل صدقهم ووفائهم للدعوة السلفية وللحكم السعودي في أدواره الثلاثة ووجدت فيه ما سجله التاريخ من معاناة شقراء ووقوف الكثير من القرى التابعة لها ضدها وما كان منها من جهاد في سبيل الله لنشر العقيدة السلفية ومحاربة الشرك والبدع والمنكرات والوقوف ضد من يعاديها. وأدركت من هذا الكتاب سر اعتزاز الشيخ محمد بن عبدالوهاب بأهل شقراء واعتبارها المركز الثاني بعد الدرعية في تثبيت الدعوة الاصلاحية ومدى أهمية موقعها الجغرافي المتوسط بين القصيم ومنطقة حائل من الشمال ومنطقة سدير والزلفي من الشمال الشرقي ومناطق المحمل والشعيب في الجنوب الشرقي ومناطق السر والدوادمي ونفي وعفيف من الجانب الغربي. وقد كانت شقراء تابعة لإحدى بلدان الوشم وكان لهذه التبعية ثقل مادي على أهلها لأمير هذه البلدة فكتب الشيخ محمد بن عبدالوهاب خطابه المشهور والمذكور في كتاب الدرر السنية جمع الشيخ عبدالرحمن بن قاسم رحمه الله، وفيه: يا صماصيم بني زيد كيف ترضون بالدنية تدفعونها ل.... إلى آخر ما جاء في الخطاب مما كان له تحريك وتحفيز وإثارة مباركة لتحرير شقراء من هذه التبعية وانتزاع السيادة على قرى الوشم من هذه البلدة وإعادتها إلى شقراء وأهلها. وقد كان لأدوار الحكم السعودي أثر كبير في هذه الحركة المباركة من أهل شقراء تضاف إلى المواقف الثابتة من أهل شقراء مع الدعوة السلفية الإصلاحية التجديدية. لقد جاء هذا الكتاب مذكراً ومعيداً ما ذكره علماء التاريخ كابن غنام وابن بشر وابن عيسى وغيرهم من العلماء الذين جاء ذكر كتبهم في فهرس المصادر لهذا الكتاب. ومما جاء ذكره في كتب هؤلاء المؤرخين عن شقراء ما يلي: 1 - قال المؤرخ حسين بن خلف شيخ خزعل في كتابه تاريخ الجزيرة العربية في عهد الشيخ محمد بن عبدالوهاب: مدينة شقراء هي أول معقل للدعوة بعد الدرعية. 2 - وقال الشيخ عثمان بن بشر في كتابه عنوان المجد في تاريخ نجد: دخل الإمام تركي بن عبدالله شقراء ونزل بمن معه من المسلمين في وسط البلد لأن أهل شقراء أهل صدق ونصح للمسلمين. وأهل شقراء أهل سابقة في الدين وأول من بايع وساعد المسلمين. 3 - وقال أمين الريحاني في كتابه ملوك نجد: ووجدت في أهل شقراء كرم العروبة ودماثة الأخلاق وهم على كرمهم متواضعون. 4 - وقال الدكتور عبدالرحمن العريني في كتابه الإمام محمد بن سعود وجهوده في تأسيس الدولة: تُعدُّ شقراء أولى البلدان إيماناً بالدعوة وولاءً للدولة السعودية. أه وكانت شقراء في الدور الثاني من أدوار الحكم السعودي من أكبر مراكز الإفتاء، فقد كان الشيخ عبدالله أبابطين من أهلها ومقيماً فيها وهو قاضي الوشم وسدير ومنطقة السر. فشقراء في هذا العهد مرجع مهم من مراجع الإفتاء واعتباراً لمكانته رحمه الله سُمِيَ مفتي الديار النجدية. وله رحمه الله آراء اجتهادية في المذهب سجل كثيرها في الدرر السنية ضمن فتاوى علماء الدعوة. 5 - وقال الشيخ عبدالرحمن البسام في تاريخه: بلدة شقراء من بلدان نجد هي الموالية جداً لآل سعود. هذه نماذج مما قال المؤرخون عن شقراء ومكانتها في منطقة نجد. وحينما تم الصلح الاضطراري بين إبراهيم باشا وبين أهل شقراء في نهاية الدور الأول للحكم السعودي بعد محاصرتها قرابة الشهر، أعلن في الصحف المصرية أن أكبر معقل من معاقل الوهابية وهي مدينة شقراء تم الصلح معها وأعلنت ولاءها. وهذا يدل على أن لشقراء مكانتها في إقليم نجد وأهميتها في الدعوة الإصلاحية السلفية. وصدق شقراء وولاؤها للحكم السعودي في جميع أدوار حكمه هو مصدر اهتمام الدولة بها وترشيحها لأن تكون منطقة يتبعها جميع المحافظات المحيطة بها من جميع جهاتها. أعود إلى الكتاب موضوع الإطلالة من النافذة فأشكر فضيلة مؤلفه على إعداده بأسلوب جلي ممتع وبأمانة تتميز بالدقة في النقل والأمانة في الاستشهاد وإيراد أسماء المراجع التاريخية، فلقد استفدت منه كثيراً وعلمت أن ما يقال عن شقراء وعن مكانتها الاجتماعية والتاريخية والدينية والجغرافية له ما يثبته من أقوال المؤرخين للجزيرة العربية. فشكر الله لفضيلة الشيخ إبراهيم بن عبدالرحمن بن سدحان جهده المشكور المذكور وأرى أن تأليفه هذا الكتاب من ضريبته لبلاده حفظه الله وأثابه والله المستعان.