عبدالله بن سيف من أقدم موزعي صحيفة "الرياض"ومواكب لمرحلة التأسيس يقف اليوم - و"الرياض" تحتفل بفوزها بجائزة أفضل صحيفة عربية، شاهداً على تطور الصحيفة حتى أضحت واجهة مشرقة للصحافة السعودية عربياً ودولياً.. يقف شاهداً - لا أحد - ينتقص من روايته حتى وان أتى من الصفوف الخلفية ليروي حكاية عمرها 49 عاماً، شاهداً لم يثنه لفيح البرد وحرقة الشمس عن توزيع الصحيفة كل صباح عبر دراجته الهوائية. ذاكرة ابن سيف تختزل الكثير من المواقف التي تروي مسيرة كفاح، ذاكرة عندما نقلب صفحاتها تضعنا اليوم أمام صرح إعلامي هو"الرياض".. هنا يروي عبدالله بن سيف الحكاية بشغفها ومعاناتها.. لكنها رواية تستحق أن تروى: * كيف كانت بداياتك في توزيع الصحف؟ - بدأت خدمتي في التوزيع منذ كان عمري 23 سنة وكان ذلك العام يصادف 1383ه وكانت تصدر الجريدة آنذاك بمسمى صحيفة اليمامة أو جريدة اليمامة كل يوم جمعة فقط، وكان موقع مكتب الجريدة في شقة صغيرة مكونة من 4 غرف في شارع الثميري مقابل أصواف العطار حالياً. بينما تقع مطبعة الجريدة في شارع المرقب المسمى سابقاً (هميتة) وكنا نستلم الجرائد في الصباح من المطبعة ونبدأ توزيعها على المكتبات والدوائر الحكومية بواسطة السيكل (الدراجة الهوائية) كل على حسب العدد المنصوص عليه من قبل المطبعة وإدارة المشتركين وكنا نقوم بتسليم بعض الأفراد في منازلهم في بعض الأحياء بمدينة الرياض الصغيرة في ذلك الوقت. زيّن دراجته بألوان الهلال وكاد يفتك به جمهور النصر * كم كنت تتقاضى شهرياً مقابل توزيع الصحفية يومياً؟ - كنت أتقاضى أجر توزيع صحيفة اليمامة 150 ريالاً فقط وكنت منتظماً حتى مر عام ونصف، ثم عرض علي مدير مكتب جريدة الندوة آنذاك مصطفى الطاهر العمل لدى الجريدة مقابل 200 ريال شهرياً فلم أتردد وقبلت العمل معهم لمدة 8 شهور. * متى بدأت توزيع صحيفة "الرياض"؟ - مع بداية صدور جريدة الرياض عام 1385ه اتصل مسؤول مكتب جريدة "الرياض" الأستاذ عبدالله العطاس وتحدث مع مدير جريدة الندوة مصطفى الطاهر وطلب منه إخباري بأن جريدة «الرياض» يطلبون حضوري أمام مكتب الجريدة لوجود مبلغ مالي لديهم لي، وبعد أن أبلغني مدير مكتب جريدة الندوة مصطفى الطاهر بطلب الحضور إلى مقر مكتب جريدة «الرياض» قابلت الأستاذ عبدالله العطاس فأخبرني حينها بأن مدير إدارة الجريدة يرغب في مقابلتي ووجه تسأولا لي عن سبب خروجي من جريدة اليمامة فأخبرته بأن السبب الأساسي في الرغبة بتحسين وضعي المادي وعندما سألني عن المبلغ الذي أتقاضاه من جريدة الندوة فلم أبلغه الحقيقة وأضفت 40 ريالاً على أجرتي ليكون المبلغ 240 ريالاً فلم يتردد في اعتماد مبلغ 300 ريال شهرياً ودباب (دراجة نارية) و60 ريالاً مصاريف الوقود وذلك لما كنت أتمتع به من سمعة طيبة لدى الجريدة خلال فترة عملي السابقة مع اليمامة، وتميزي في عدم التغيب عن العمل مهما كانت ظروفي علماً أن العمل طوال أيام الأسبوع، وبعد مرور سنة تزوجت وأنا أتقاضى ذلك الراتب 360 ريالاً وكنت مستأجرا منزلا بمبلغ ألف ريال سنوياً. ابن سيف والزميل السعيد أمام لوحة تحكي المرحة الأولى لتاريخ جريدة الرياض * كم كان عدد موزعي الجريدة آنذاك؟ - كانت عملية التوزيع على مدينة الرياض مقسمة بين أربعة أشخاص كل شخص تختلف كمية المطلوب توزيعها عن الآخر. * ما الشوارع التي تغلب فيها عملية التوزيع؟ - شارع العصارات، التلفزيون، الخزان، دور سلام، عليشة، الشميسي، الناصرية، حيث تبدأ عملية التوزيع من الصباح وتنتهي مابين 10 إلى 12 ظهراً، وهي في النهاية ترجع لكل شخص على حسب جهده. * ما المواقف الطريفة التي صادفتك خلال فترة عملك في التوزيع؟ - المواقف التي مررت بها في أثناء أداء عملي في توزيع جريدة الرياض كثيرة، فالموقف الأول هو تغيبي عن العمل فترة زواجي وذلك لأني كنت حديث الزواج وكان مسؤول التوزيع عبدالله الفراج يأتي إلى منزلي ويطرق الباب لإخراجي إلى العمل وكنت أصعد إلى سطح المنزل وأنظر إليه من فتحة الجدار تسمى (الطرمة) وكنت إذا رأيته لا أجيب، وحين حضوري إلى المؤسسة في اليوم التالي كنت أعتذر بالتعب وأجد عمل الأمس ينتظرني وكنت أوزعه مع اليوم الذي يليه. الموقف الثاني هو أنه كان هناك مباراة بين ناديي الهلال والنصر وكنت أقوم صباح ذلك اليوم بتوزيع الجريدة كالمعتاد وكنت قد زينت الدراجة باللونين الأزرق والأبيض وتفاجأت بمجموعة من الأشخاص في شارع الخزان قرب وزارة الخارجية سابقاً يعترضون طريقي وأجبروني على الوقوف موجهين تساؤلا هل أنا مشجع هلالي أم نصراوي؟ فقلت لا أشجع أي من الناديين خوفاً على نفسي من الضرب والصحيح أني مشجع هلالي. أما الموقف الثالث فكنت راكباً دراجتي كعادتي كل صباح متجهاً إلى جريدة «الرياض» وكنت أسكن في حي الشميسي (قري سلمان) وأثناء مروري بأرض فضاء فإذا بكلاب كانت نائمة في هذه الأرض ومررت بجانبها فنهضت جميعها للحاق بي حتى اقتربت وهي تنبح وكنت أحاول الإسراع بالدراجة خوفاً من أن تؤذيني ولكن أصبحت أشعر أن الدراجة لا تسير بسرعة وذلك بسبب خوفي منها وحين شعرت بقربها من أقدامي استسلمت للأمر الواقع وأوقفت دراجتي لهم وبمجرد وقوفي ولت الكلاب هاربة خوفاً مني. عبدالله بن سيف يستعيد الذكريات في أول مبنى لجريدة الرياض صورة ضوئية لرخصة الدراجة النارية لعبدالله بن سيف صورة ضوئية عمرها 31 عاماً توضح خدمة ابن سيف بوظيفة موزع في مؤسسة اليمامة الصحيفة