سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
سمعت باسمي في الإذاعة قبل أن أشاهدة على صفحات الندوة حماد السالمي في مدرستي الأولى .. ( الندوة ) ..؟!!
خرجت قبل ان أرى مدير التحرير ولم أسلم على رئيس التحرير
أقول هذا الكلام وأنا أعني ما أقول صحيفة ( الندوة ) هي مدرستي الأولى مثلما هي مدرسة لعدد كبير من القيادات والعناصر الصحافية والإعلامية في البلاد بل هي أم كافة الصحف السعودية التي رفدت كثيراً من صحفنا في الغربية والوسطى بمحررين أكفاء وكتاباً نجباء ما زال كثير منهم يدين لها بالفضل في هذا الميدان ولهذا فإني آثرت أن أقص عليكم هنا حكايتي الأولى مع مدرستي الأولى وليس كل حكاياتي بطبيعة الحال فللندوة علي فضل الدُّرْبة والخبرة وهي التي قدمتني إلى مدرستي الثانية في العام 1400ه ( الجزيرة ). التقارير.. أولى محاولاتي الصحافية قبل أن أفتح أي صحيفة سعودية فتحت عيني على الندوة وعرضت فيها أولى محاولاتي في كتابة التقارير والأخبار والمقالة أيضاً . كنت طالباً في الصف الثاني المتوسط في عكاظ المتوسطة نهاية عام 1388ه ووجدت أستاذي في العلوم الدينية وأمين المكتبة المدرسية الأستاذ عيسى بن علي العكاس - وكنت أعمل إلى جانبه سكرتيراً للمكتبة ومديراً للإذاعة المدرسية وأحرر نشرة سمعية ألقيها كل صباح على مسامع زملائي الطلاب في الفسحة التي لا أعرفها - وجدته يعرض علي رغبة الأستاذ نعمان طاشكندي رحمه الله الذي كان وقتها مديراً لتحرير الندوة في مراسل نشط من الطائف . وافقت فوراً لعدة أسباب : أول هذه الأسباب أني كنت ومنذ السنة الأولى المتوسطة أقرأ بنهم كبير فكنت أستعير من المكتبة التي أنشط فيها طوال اليوم الدراسي مؤلفات أدباء الشام ولبنان ومصر وكتب وأشعار أدباء المهجر وكنت لا أنام قبل أن أتم كتاباً مهما كان حجمه فلدي رصيد من حب القراءة والكتابة أيضاً . الثاني أني بدأت تجارب كتابية في مجلة الخواطر اللبنانية وأنا في الصف الأول متوسط فكنت أنشر فيها إلى جانب صورتي بالبدلة الإفرنجية مقاطع أحسبها شعراً كل هذا وذاك دفعني لخوض تجربة جديدة في هذا المضمار . من القاعدة إلى المعابدة!! بعد أقل من أسبوعين سلمني الأستاذ العكاس بطاقة عضوية من الندوة وعليها صورة لي كان قد أخذها مني سابقاً فطرت بها فرحاً مسروراً وزهوت بها أمام زملائي ثم شرعت في زيارات مكوكية على دراجتي الهوائية إلى إدارة المرور والبلدية وغيرها من الجهات أعرّف المسئولين بنفسي وأعرض عليهم بطاقتي الصحافية ثم أكتب تقارير وأخباراً وأبعث بها بالبريد وأتابع الندوة التي أشتريها من مكتبة الثقافة كل صباح لكن لم ينشر لي أي شيء طيلة عدة أسابيع فداخلني شيء من الإحباط واليأس وظننت أن ما أبعث به لا يروق ولا يصلح للنشر إلى أن جاء يوم شكل فيه مدير المدرسة الأستاذ عبدالمحسن إدريس وفداً طلابياً من الصف الثالث لزيارة القاعدة الجوية والتعرف على هذا القطاع الذي كان ضباطه يزورون المدارس المتوسطة ، مرغبين خريجي الكفاءة للالتحاق بالقطاعات العسكرية وجدت مدير المدرسة يلحقني بهذا الوفد . دخلنا القاعدة الجوية وطرنا على طائرة هليوكوبتر فوق الحوية والقيم وجزء من الطائف . كانت أول رحلة جوية لي وكانت تجربة مدهشة للغاية مع ما ساورني من خوف بداية الأمر بعد الهبوط استأذنت مشرف الرحلة الأستاذ ( داود ) في بضع دقائق لكي أجري لقاءً مع قائد القاعدة فأذن لي وانتظر الوفد في السيارة حتى خرجت بأول حديث صحافي في حياتي. كتبت تقريراً واجتهدت فيه كثيراً وبعثت به بالبريد ومر أسبوع دون نشر فانزعجت وقررت وضع حد لهذا الأمر وركبت آخر الأسبوع سيارة من موقف الركاب مع آخرين واتجهت إلى مكة وأنا أجهلها ما عدا الحرم الشريف فقد زرته مرة واحدة معتمراً قبل ذلك صحبة والدي رحمه الله أخذت سيارة أجرة من المعابدة إلى العمرة خارج مكة ودفعت له ريالين .. أبواك .. وكاميرا أبيض وأسود وصلت مقر مبنى الجريدة مع أذان العصر فلم أجد فيه سوى موظف السنترال الذي أفادني أن هيئة التحرير لا تصل قبل المغرب فطلبت منه إشعاري وقت وصول أحدهم وجلست عند الباب الخارجي حتى الغروب ورأيت أناساً لا أعرفهم يدلفون إلى المبنى فإذا بالموظف ينادي علي ويشير بيده أن ادخل دخلت غرفة صغيرة رأيت فيها أربعة مكاتب متقابلة أول شخص سلمت عليه وصافحته كان على الكرسي الأيمن عرفني بنفسه وقال : حامد عباس رئيس قسم المحليات عرفته بنفسي وجلست ثم دخل علينا الأستاذ محمد محمود حافظ والأستاذ فائز حسين عرفني بهم الأستاذ حامد عابس. شرحت للأستاذ حامد عباس مشكلتي بشيء من الخوف والوجل فحدق في وجهي وقال : أنت الذي تكتب لنا رسائل من الطائف ..؟ قلت نعم . قال: لحظة .. قبل أسبوع وصلنا مظروف منك لم أفتحه بعد . فتح الرسالة أمامي وأخذ يقرأ ثم قال: الله .. إيش هذا.. تقرير رائع جداً .. معاك صورة ..؟ قلت: نعم هذي صورتي أخذ الصورة وقال : بكرة تشوف موضوعك ينشر . بعد ذلك أخذ يشرح لي كيف أكتب خبراً مهنياً صالحاً للنشر يجيب عن الأسئلة الستة المعروفة ثم سلمني مجموعة أبواك للكتابة وسلمني كاميرا أبيض وأسود وشرع في كتابة خطاب من رئيس التحرير تعميد لمدير مكتبة الثقافة لتسهيل إرسالياتي والاتصال الهاتفي (بالهندل) ومكافأة لي ونسخة يومية من الندوة في هذه الأثناء – وكنت أسأل عن الأستاذ نعمان طاشكندي الذي كنت أسمع به ولم أره ولم يأت تلك الليلة دخل علينا شخص لم أعرفه دخل بهدوء وسلم في هدوء وجلس على الكرسي الأيسر من المكتب ودفن رأسه في قراءة الصحف وقال لي الأستاذ حامد عباس : هذا الأستاذ. قلت: الأستاذ من؟. قال: الأستاذ حامد مطاوع .. سكت ثم أضاف : رئيس التحرير. لكني خرجت قبل أن أرى مدير التحرير ، ولم أسلم على رئيس التحرير. اسمي ..والتقرير المذاع! وصلت الطائف في وقت متأخر وفي الصباح الباكر كنت أستمع إلى أقوال الصحف من الإذاعة السعودية وأنا على الفطور فإذا تقريري المتعوب عليه يذاع بالكامل مع اسمي فطرت فرحاً بذلك وركبت السيكل وخرجت وأنا أتلفت حولي وفي ظني أن الناس قد عرفوني من خلال هذا التقرير المذاع .! بعد يوم أو يومين ذهبت إلى استديو تصوير وطلبت تركيب فيلم في كاميرا الندوة وخرجت إلى البر أصور الأشجار والأحجار والمناظر الجميلة وكنت كلما ألتقطت صورة أفتح صندوق الكاميرا أتفحص شكلها فلا أرى إلا سواداً في سواد. عدت آخر النهار مغتماً إلى صاحب الاستديو الذي ما أن عرف بهذه القصة حتى استغرق في الضحك وعلمني الدرس الأول في أسرار الكاميرا التي صاحبتني طوال ثلاثة عشر عاماً حتى أعدتها بعد الانتقال من الندوة إلى الجزيرة فكانت أثيرة عندي وربما كنت المراسل الوحيد في تلك الأيام الذي يكتب ويصور بنفسه. توثقت صلتي بالزملاء ابتداءً من العام 1390ه كنت أختلف إلى مقر الندوة في العمرة وخاصة في أواخر شهر رمضان وكنت أقابل الأستاذ حامد مطاوع في مكتبه خلف مكتب المحررين مباشرة وأحياناً بزيارته في داره العامرة وكذلك الأستاذ نعمان طاشكندي رحمه الله ثم أجلس إلى كافة الزملاء الذين توثقت صلتي بهم كثيراً .. محمد محمود حافظ محرر صفحة البادية والزراعة وصفحة الطلبة والشباب وفائز حسين محرر الصفحة الرياضية ومحمد أحمد بخش في الأرشيف والأستاذ عيسى خليل سكرتير التحرير رحمه الله الذي أصبح فيما بعد همزة وصل بيني وبين بقية الصفحات في الجريدة وقابلت لأول مرة زميلنا الخلوق الأستاذ محمد الحساني الذي كان يوقف شعره الجميل على القضية الفلسطينية ثم شهدت في تلك الفترة تسيد الندوة لسوق الصحف التي كانت تسبق غيرها وتتفوق فهي الصحيفة الوحيدة على ما أظن التي تشترك في وكالات أخبار عالمية ( يونايتد برس – الأشيوتدبرس) وغيرها وتصل إلى كافة أقطار الوطن ولها مراسلون ووكلاء إعلان كثر. بالثقافة نلتقي وننطلق! وفي صائفة كل عام يكون للندوة حضور قوي في الطائف يتفوق على غيرها من الصحف فكان يعمل معي كل صيف زميلنا وصديقنا الأستاذ رفقي الطيب والأستاذ عدنان بيطار رحمه الله وآخرون لم أعد أذكرهم نجتمع في مكتبة الثقافة الذي يديرها السيد حسين المحضار أمد الله في عمره ثم نقتسم الدوائر الحكومية ونتسابق للحصول على مواد لصحيفتنا إلى جانب مراسلين من جريدة المدينة وعكاظ والبلاد منهم صديقنا الوفي دائماً مع جميع زملائه الأستاذ مقبول الجهني وغيرهم . كنا نلتقي وننطلق من مكتبة الثقافة في باب الريع حيث كانت هي وكيل كل الصحف والمجلات محلية وعربية وغيرها ومنها نجري اتصالاتنا ونحصل على مكافآتنا وهي التي توزع وتقبل إعلانات الصحف حتى الجزيرة والرياض بعد أن أخذت تصل بأعداد قليلة في منتصف التسعينيات الهجرية. ومن مكتبة الثقافة تعرفت على زميلنا في الندوة الذي كان يدرس في كلية الشريعة بمكة الأستاذ سليمان بن عواض الزايدي والدكتور فهد العرابي الحارثي وكان يحرر صفحتي أدب في جريدة الرياض وعرفت أعلاماً في الفكر والأدب والإعلام منهم السيد علوي مالكي والأساتذة : أحمد السباعي وأحمد علي وعبد السلام الساسي وصالح وأحمد جمال رحمهم الله جميعاً وغير هؤلاء كثير وكثير لا يتسع المجال لذكرهم . أول صحيفة تفتح مكتباً لها بالطائف انتدبتني الندوة عام 1395ه إلى دول الخليج وقابلت أمير البحرين الشيخ عيسى بن سلمان رحمه الله وأمير قطر وغيرهم من أمراء ووزراء وحصلت على دعم إعلاني قطري كبير وفي عام 1397ه كلفني الأستاذ حامد مطاوع تقديم دراسة عن فتح مكتب للندوة بالطائف وقدمت الدراسة وفتح المكتب وكانت الصحيفة الأولى التي تفتح مكتباً للتوزيع والإعلان والتحرير بالطائف ، وكانت عكاظ سبقتها بفتح مكتب للتوزيع والإعلان فقط ونظراً لتديري مكة بين 1397ه 1400ه للدراسة فقد أدار المكتب الأستاذ علي اليامي وهو أخ للأستاذ حسين اليامي رحمهما الله الذي كان زميلنا المهذب في إدارة مؤسسة الندوة قبل انتقاله إلى الرياض ثم تديره الولاياتالمتحدة.. إنها أيام الندوة .. المدرسة الأولى التي لا تنسى . * مدير مكتب صحيفة الجزيرة بالطائف