كل مواطن يعيش تحت سماء هذا البلد المعطاء، له حقوق محفوظة وعليه واجبات يجب أن يقوم بها على أكمل وجه وعليه أن يوازن بينهما بمعنى لا يطالب بحقوقه إن لم يقم بواجباته على أكمل وجه. و يتعاظم دور المواطن عندما يكون هو من يبني العقول و ينشئ الأجيال و يهذب الأخلاق و يوجه السلوك، ويساهم في وضع لبنات المجتمع وتنميته والرقي بأفراده ونشر الثقافة. وحيث إن ذلك من مهام المعلم والمعلم الجامعي ( عضو هيئة التدريس) على وجه الخصوص، فقد أولى نظام مجلس التعليم العالي ولوائحه أهمية كبرى لإدراج حقوق وواجبات عضو هيئة التدريس وذلك من خلال (اللائحة المنظمة لشؤون منسوبي الجامعات السعوديين من أعضاء هيئة التدريس و من في حكمهم) التي ضمت من المواد مئة وست مواد انحصر الحديث فيها عن واجبات عضو هيئة التدريس في ست مواد وهي المواد (38 إلى 43). ولو بدأنا الحديث عن أهم واجبات عضو هيئة التدريس لوجدنا أنها تتعلق بسماته الشخصية وما ينبغي أن يتحلى به من أمانة علمية وخلقية ويجسدها عمليا إعمالا بقوله تعالى ((إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا )) وينطوي تحت مفهوم الأمانة الشيء الكثير فمن الأمانة العلمية التحضير الجيد للدرس وتقديمه بصورة مبسطة للطالب والمحافظة على وقت المحاضرة وعدم التهاون في وقت الطالب وكذلك مراعاة العدل بين الطلاب. ومن أهم سمات الأمانة أن ينقل الأستاذ لطلابه أحدث ما توصل إليه العلم في مجال تخصصه ويثير في طلابه حب العلم والمعرفة والتفكير العلمي الإبداعي. وهناك عامل هام وهو جملة العوامل النفسية المؤثرة في العلاقة بين الطالب والأستاذ فلابد أن يكون حليما صبورا عليهم رفيقا في التعامل معهم، يبني شخصياتهم في الوقت الذي يبني فيه عقولهم وأن يكون قدوة حسنة لهم، ليحتل مساحة كبيرة في ذاكرتهم يحتفظون فيها له بكل التقدير والامتنان على ما قدمه لهم. ومن السمات الشخصية التي ينبغي أن يتحلى بها الأستاذ الجامعي الناجح دماثة الأخلاق في معاملته مع زملائه وطلابه وغيرهم والالتزام بقواعد السلوك والآداب المرعية و أن يترفع عن كل ما هو مخل بشرف مهنة التدريس. كما ينبغي على عضو هيئة التدريس الأخذ بيد طلابه الذين يتوسم فيهم القدرة والكفاءة العلمية والخلقية ويشجعهم ويحمسهم لمواصلة الدراسات العليا لتغذية هيئة التدريس الجامعي بعناصر جديدة متميزة، لضمان استمرار المهنة بصورة فعالة ومبدعة. كما أن من واجبات عضو هيئة التدريس الالتزام بالأنظمة والتعليمات سواء كانت تعليمات صادرة من إدارة الجامعة أو تعليمات داخلية ارتأت الكلية العمل بها لحسن سير العمل. و قد اختصت الفقرة الثانية من المادة الثامنة والثلاثين بالنشاط البحثي لعضو هيئة التدريس فينبغي أن يحرص على تطوير ذاته و تحصيله العلمي وأن يكون متميزا في مجال تخصصه فلا يكون حصوله على الدكتوراه نهاية المطاف، بل بداية الطريق خصوصا أننا نعيش ثورة في عالم المعرفة و التقنية ووسائل الاتصال وتنوع أساليب التربية والتعليم فنحن لا نطمح للأستاذ الناجح في التدريس فقط وإنما المتميز في البحث والاطلاع والذي يستطيع أن يزرع في طلابه حب القراءة الهادفة والتمحيص والتفكير العلمي . فالأستاذ المتميز هو صاحب مؤهلات عالية و ذو إمكانات تتناسب مع تغيرات العصر المتسارعة، فينقل طلابه من عالم القاعة الجامد إلى العالم المتحرك باستخدام أحدث الوسائل التقنية بجعل المحاضرة مكانا تفاعليا لا يكون الطالب فيها متلق بقدر ما يكون فاعليا ويختار أنشطة متعددة يكون فيها موجها و مرشدا فلا تكون عملية التدريس في الجامعة امتدادا للتدريس في المرحلة الثانوية. كما أن من واجبات عضو هيئة التدريس المشاركة الفعالة في أعمال مجلس القسم فلا يكون حضوره اسميا فقط ، بل يحاول اثراء المواضيع بالمناقشة وإبداء الرأي وتقديم المقترحات التي تساعد على تطوير العمل العلمي أو الإداري سواء في القسم أو الكلية أو الجامعة وعليه أن يكون موضوعيا في طرح الأفكار، راقيا في مداخلاته، بعيدا عن إثارة المشاكل مع زملائه . كما يجب على عضو هيئة التدريس المشاركة الفاعلة في انشطة الكلية والجامعة وتقديم المقترحات لتنفيذ الورش او الندوات أو المؤتمرات ويقع على عاتقه حفظ النظام داخل القاعات والمختبرات والتبليغ عن أي خلل أو حادث من شأنه الإخلال بالنظام. ختاما نحن أعضاء هيئة التدريس لا بد أن نعطي الوطن جزءا مما أعطانا، ونرد له الجميل وأن نكون كما أمّل فينا، و ذلك بالقيام بواجباتنا على أكمل وجه قبل أن نطالب بحقوقنا التي لم تبخل علينا بها الدولة -أيدها الله-. *عميدة كلية العلوم- جامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن