ترجلت عن سيارة أجرة ومدت إلى السائق يدها تعطيه ثمانين ريالاً، هي أجرة توصيلها من منزلها الواقع في جنوبالرياض إلى حي الملز بمدينة الرياض، دخلت "أم فهد" مبنى القسم النسائي في لجنة رعاية السجناء "تراحم"، بأنفاس منهكة وجسد متعب تمسك بيد طفلها الذي لا يتجاوز سبعة أعوام، و"لهاثها" غير المنتظم يكشف عن مرض "الربو" الذي استهلك من قواها الشيء الكثير. "الرياض" كانت في انتظارها مع رئيسة لجنة تراحم "بسمة السليم"؛ للاطلاع على أحوال أسر السجناء وتلمس احتياجاتهم، حيث إن زوج "أم فهد" سجين منذ عام بقضية تعاطي المخدرات، ولديها أربعة ذكور وبنت، يبلغ أكبرهم 18 عاماً. صدقات المحسنين تقول "أم فهد": تزوجت فوجدت نفسي بعد عدة سنوات مسؤولة عن خمسة أطفال، لا يعمل والدهم ولا يشغل باله أدنى أمور العناية بهم ورعايتهم، مضيفةً أنهم يعيشون على صدقات المحسنين، وكانت الطامة الكبرى حين وقع والد صغارها بتعاطي المخدرات، التي لا تعلم من أين يأتي بثمنها؟، حيث لا يعمل إلاّ بضعة أيام سائقا بأجر مقطوع، وكان يغيب عن المنزل لعدة شهور، حتى علموا فجأة أنه في السجن، وأنها لا تعلم تفاصيل الموضوع رغم أنها زوجته، مشيرةً إلى أن أهل زوجها يعلمون بقصته كاملة، ولكنهم أخفوا عنها ذلك، وكأنها غريبة، ولا تعرف غير أنه سجين بتهمة التعاطي أكثر من مرة، وله الآن سنة كاملة. النفسيات تعيسة وأضافت أنها عرفت عن أنشطة ومهام لجنة رعاية السجناء من أحاديث السيدات، ثم سألت عن رقم اللجنة من "السنترال"، حيث تحصل شهرياً من اللجنة على 300 ريال مصاريف غذائية، وحصلت في عيد رمضان على ألفي ريال، وتعيش مع أبنائها الخمسة في جنوبالرياض، حيث إن إيجار المنزل 13 ألف ريال، مضيفةً: "نفسيات الأبناء تعيسة جداً خاصة الكبار منهم، والذين عرفوا أسباب اختفاء والدهم، لقد أخطأ في حق نفسه ومجتمعه، وأخطأ في حقنا نحن أسرته، وها نحن ندفع ثمن سلوكياته الخاطئة، وأكثر ما نعانيه هو الفقر والقلق النفسي، خاصةً الإيجار الذي كثيراً ما نطلب من صاحب البيت إمهالنا للدفع". مقر جمعية «تراحم» في الرياض حيث يجري العمل على مساعدة أسر سجناء المخدرات وغيرهم موظفات السجن أما "أم مؤيد" فزوجها سجين بقضية ترويج مخدرات أيضاً، ولا يزال سجينا منذ عامين، ولديها طفل رضيع تنفق عليه من الضمان الاجتماعي 1200 ريال، تعيش مع أسرة زوجها المكونة من أكثر من 10 أشخاص على الضمان الاجتماعي أيضاً، مؤكدةً أنها تعاني من سوء معاملة موظفات السجن مع زوجات السجناء عند زيارة أزواجهم. لجنة خيرية السطور السابقة لنموذجين فقط من نماذج أسر السجناء، ولكن الحالة نفسها تتكرر لدى الغالبية العظمى من نفس الألم وبنفس المعاناة، غير أن الحجم واللون قد يبدو مختلفا؛ لذلك كان لوجود لجنة وطنية ترعى السجناء وأسرهم والمفرج عنهم، أهمية كبيرة في مجتمع كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له باقي الجسد بالسهر والحمى، "تراحم" لجنة خيرية تعتمد في إنفاذ برامجها على ما يرد إليها من "زكوات" و"هبات" و"تبرعات" من فاعلي الخير، نشأت في شهر محرم عام 1424ه في منطقة الرياض، وتعمل على تطوير البرامج داخل المؤسسات الإصلاحية والسجون، إلى جانب إجراء كافة الوسائل الكفيلة برعاية السجناء ونزلاء الإصلاحيات وأسرهم والمفرج عنهم، بما يحول دون عودتهم إلى الجريمة، وكذلك إجراء الدراسات العلمية المتخصصة في الفئة المعنية. مساعدات نقدية وتساهم اللجنة في السداد عن بعض السجناء الغارمين المعسرين، ودعم الأنشطة الثقافية والرياضية والتدريب المهني والفني داخل السجون، أما البرامج الموجهة للأسر بشكل خاص، فأهمها المساهمة في دفع إيجارات المنازل، وتكاليف رسوم الخدمات العامة، وتقديم بعض المساعدات النقدية والغذائية، كما تنفذ اللجنة برامج الرعاية اللاحقة للمتعاطين السابقين للمخدرات، بالتنسيق مع اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات، والإنفاق على دار إيواء لهم ممن لا يجدون المأوى. قسم نسائي ويضم القسم النسائي للجنة عدداً من الناشطات في المجالات الخيرية والإنسانية؛ للقيام برعاية نزيلات السجن النسائي، ومؤسسة رعاية الفتيات وأسر السجناء في مدينة الرياض والمحافظات التابعة لها، أما فيما يخص الجهات الممثلة في اللجنة فهم في أمارة منطقة الرياض ووزارة الشئون الإجتماعية وإدارة السجون، بالإضافة إلى الضمان الاجتماعي ومكتب العمل وفرع وزارة الثقافة والإعلام، إلى جانب الشئون الصحية وإدارة التربية والتعليم والغرفة التجارية الصناعية وجمعية البر الخيرية.