جاءتني رسالة إلكترونية ربما وصلت أغلب الناس بعنوان (طريقة ناجحة في تجنب تصوير كاميرات ساهر لسيارتك) وادعى صاحبها أنها مجربة100%. فلماذا ينشغل الكثير من الناس في البحث عن أيسر السبل وأكثرها مهارة في التحايل على نظام ساهر والتملص من كاميراته؟، ولماذا لم نسأل أنفسنا: كيف نتعامل مع ساهر؟. لقد أصبح نظام (ساهر) واقعا لابد من النظر إليه بإيجابية، ونتعامل معه ونجعله جزءًا من حياتنا وثقافة المرور لدينا. بالطبع ينزعج كل من يفاجئه (فلاش)كاميرا ساهر، ويلوم الكثير النظام وعدم مناسبته ويتضجرون ويمتعضون، والقلة القليلة من الناس الذين يلومون أنفسهم بتعدي السرعة المحددة حتى لو لم يقتنعوا بمناسبتها لهذا الشارع أو ذاك. ويحاول بعضهم التحايل على ساهر بإخفاء لوحة السيارة أو التلاعب بها، ويعتمد آخرون على معرفتهم بمواقع كاميرات وسيارات ساهر، ومن ثم يقومون بخفض السرعة عند الاقتراب منها فالانطلاق بسرعة أعلى عند تجاوزها، ويستخدم البعض أدوات الملاحة الإلكترونية على الجوالات التي تعطي إشارة تحذير(ليست دقيقة) عند الاقتراب من مكامن ساهر. ويقوم بعضهم بالتركيز على جوانب الطريق أمامه فما أن يرى الفلاشات تصطاد من هم أمامه يقوم بكبح سيارته وبشكل سريع دون أية أهمية لمن هم خلفه، ومن الناس من يتعامل مع ساهر بالتي هي (أعبط) فيعتدي على الكاميرات، وآخرون يفكرون بطرق إبداعية لتفادي ساهر أو التحايل عليه. وما يقوله بعضهم أن الناس يحتاجون توعية بالنظام وآلياته، ففي اعتقادي أن عموم الناس الآن يعرفون النظام جيدا، ويعرفون أن السرعة خطرة وأن الذي يتخطى حدود السرعة سوف يحصل على قسيمة، وأن الذي يلتزم بالسرعات الموضوعة لن يخسر ولا ريالا واحدا. وما يذكر من بعض السلبيات على النظام يجب ألا يؤدي ذلك إلى الرجوع للفوضى المرورية والتهور واللامبالاة بالآخرين والتهاون بحقوقهم. فالأدوات التقنية هي الأنسب لتحقيق العدالة، وفرض الأنظمة، والحفاظ على الأرواح في ظل تكاثر الناس وتزايد الأخطار المرورية. لقد تعرضت شخصيا لحادث مروري في أحد الخطوط السريعة في الرياض، وتسبب في ذلك شاب منطلق بسرعة أعلى بكثير من سرعة السيارات من حوله، ويتنقل بين مسارات الطريق وكأنه يلعب (بلي ستيشن)، وتعرض شقيق لي لحادث مروري مروع الأسبوع الماضي وكان السبب أحد المستهترين بالأنظمة متجاوزا الإشارة الحمراء. نحن وبكل صراحة بطيؤون في كل شيء إلا عندما نقود السيارات، فتجد سرعاتنا قياسية، حتى أننا حطمنا -وللأسف- الأرقام العالمية في السرعة في الشوارع وكثرة الحوادث، وحصد الأرواح البريئة. وتقاس نسبة الوفيات بنسبتها إلى كل مئة ألف من السكان؛ حيث بلغت هذه النسبة في المملكة (49) وفاة لكل مئة ألف من السكان، أي يموت في المملكة تقريبا شخص كل ساعة بسبب الحوادث، وشوارعنا أصبحت مخيفة جدا، والإحصاءات حول هذا الأمر مريعة ومتزايدة بشكل ملحوظ. ولست بحاجة لعرضها في هذا السياق، ويمكن للقارئ الكريم البحث في يوتيوب عن (إرهاب الشوارع). مع الأخذ بالحسبان أن نسبة كبيرة من حوادث المرور في الدول الأخرى يكون سببها القيادة تحت تأثير الكحول الأمر الذي لا يكاد يذكر في المملكة. لماذا لا نتعامل مع ساهر بإيجابية، فنغير نمط قيادتنا للسيارات ونقود طبقا للسرعات المقررة، حتى لو كان لنا وجهة نظر أخرى فيها، فالقيادة بسرعة عادة وليست إدمان. والأنظمة يتم وضعها لتطبق وتفرض، ولا مانع من مناقشتها وتحسينها. وهذا ما نفعله كلنا عندما نقود السيارات في الدول المتقدمة، أو حتى في بعض دول الخليج القريبة منا. بالطبع هناك أسباب أخرى تتسبب في الحوادث بالإضافة إلى السرعة وقطع الإشارة، منها: عدم التركيز في القيادة كعدم إعطاء السائق أهمية لمن هم حوله، أو الانشغال بالجوال، أو المحافظة على المسافات المناسبة بين السيارات، وغيرها من الأسباب الأخرى التي تتعلق بسائقي السيارات. كما أن هناك أسباباً أخرى تتعلق بالشوارع نفسها وأرصفتها، وما بها أحيانا من حفر خطيرة، ومنعطفات حادة دون وجود تنبيهات كافية، وعدم توفر الإشارات المرورية اللازمة، فمثلا يندر أن تجد إشارة (توقف) عند خروجك من شارع فرعي إلى شارع رئيس. ولعلي أقترح على إدارات المرور في المناطق المختلفة وضع مواقع إلكترونية تمكن الناس من إضافة صور لبعض المواقع الطرقية التي تشكل خطرا مروريا بالصور، والشرح ليكون المواطن هو (رجل المرور الأول)، ويتم التعامل مع المواقع التي تحتاج إلى ذلك، ولابأس بمكافأة أكثر أو أفضل المشاركين. وأختم بنصيحة صديقنا المنشغل بتعمية كاميرات ساهر، وخلاصة تجربته المضمونة100%، وهي... لا تسرع! ودمتم سالمين.