أود ان أوجه بضع كلمات للمخربين من حماس وحفار الانفاق، لا تبذلوا الكثير من الجهد سعياً لتدميرنا. فالمستوطنون المتطرفون يحفرون بأنفسهم الانفاق من تحت وجودنا الوطني. ففي ظل حملة التخويف من الحرب الاهلية، والتهديد بالمواجهة بالقوة مع القوات التي ستقوم باخلائهم وبفتاوى رجال الدين التي تسمح لجنود الجيش برفض اوامر الاخلاء يسعون الى احباط القرار الشرعي للحكومة والذي تم اقراره في الكنيست. هم، القلة يريدون ان يفرضوا على الكثرة ان يعيشوا الى الابد على الحراب. يقول عضو الكنيست تسفي هندل انه آسف ان يكون رئيس الوزراء قد ارتبط بأولئك الذين يجرون نزعاً للشرعية عن «الطلائع المخلصين للدولة». ومثل كل حججهم الكاذبة، فإن هذه ايضاً كذبة تصرخ نحو السماء. فرئيس الوزراء لم يرتبط بأحد. فالارتباط هو بأسره مبادرة ارئيل شارون، والمستوطنون ليسوا طلائع، بل متوطنون، تلقوا الرعاية على مدى 37 سنة بالاراضي وبالاموال. بنوا من اجلهم بنى تحتية من المياه والكهرباء، وألوية وفرقا حمت امنهم، افضل الابناء اصيبوا وقتلوا لحماية سياسة مر زمنها وجعلتنا محتلين وحشيين في نظر انفسنا وفي نظر العالم كله. شارون فهم ذلك، والمستوطنون فهموا بأن هذه المرة ليست هذه خدعة، لقد قرر شارون الشروع في خلق البنية التحتية لاقامة دولتين. لا يقول ان هذا سهل على المستوطنين الانتقال الى شقة اخرى بعد 37 سنة من الحياة في ارض محتلة. ولكن من هو في حالتهم. المتدينين في معظمهم، عليهم ان يعرفوا ان حكم المملكة هو حكم. ولا سيما انهم خلافاً لمن لا يملك السكن في قلب البلاد، ستتحسن اوضاعهم بالكثير من المال. ولكن حتى بدون هذا فأي نوع من الحياة هي تلك، العيش في قلب سكان عرب معادين والتواجد كعقبة امام التسوية السلمية مع الفلسطينيين؟. قادة المستوطنين يهددون بالتمرد. اقلية متزمتة حيال اغلبية الشعب، يستعدون لمقاومة عنيفة. ليست حياة شارون وحده مهددة، بل ان محافل تحت الارض تستعد لعملية كبرى في الاقصى، ترمي الى اضرام نار حرب دموية اقليمية على ألا يتحرك من مكانهم المستوطنون. لقد شهدت الدولة محاولتي تمرد. سفينة السلاح التلينا في 1949، والتي فسرت كمحاولة سيطرة من المنظمة العسكرية الوطنية «ايتسل» على السلطة. وتمرد حيروت ضد تلقي التعويضات من المانيا، والذي وصل ذروته في العام 1951 في مظاهرة الهجوم على الكنيست. الحكومة برئاسة ديفيد بن غوريون عالجت الحالتين بالقوة. فإغراق التلينا ثبت مبدأ جيش واحد وصلاحية واحدة. اما قمع المقاومة للتعويضات فقد منح إسرائيل الوسائل الهائلة لاعادة البناء ولاستيعاب الهجرة الجماعية. فك الارتباط هو خطوة فيها كل العناصر التي يمكن تصورها، الديمغرافي، المادي، التاريخي، الديني، الاسطوري، النفسي كلها مع هذه الخطوة الاولى للعودة الى حدود 1967 حسب خريطة الطريق لبوش. لا احد يدعي ان هذه الخطوة سهلة، ولكن الدولة ملزمة بالدفاع عن ديمقراطيتها وصلاحيتها. التهديد بالعنف، وتوقيع الجنود على الرفض، والتحريض ضد السلطة المركزية المنتخبة، ارتفع الى الذروة مع حركة «الرقعة الصفراء» (التي كان اعداء اليهود يجبرون كل يهودي على الصاقها على صدر ردائه في اوروبا في القرون الوسطى وابان الحكم النازي للاساءة اليهم). وتشبيه إسرائيل بالنازية ليس مجرد عار بل وبرهان على فقدان الصواب ومؤشر على خطوات اليأس. إنهم يفهمون بأن مصيرهم قد تقرر. ولكن مؤسفة حقيقة ان قادة الاذرع التنفيذية الرسمية يبثون عدم ثقة بالنفس. المفتش العام يبث ضعفاً. رئيس الاركان يعلن انه قلق. المخابرات تبث سيناريوهات رعب. اما بنيامين نتنياهو، العاري كعادته وأب شعارهم (خائفون)، فيقترح استفتاء شعبياً كي يحقق تأجيلاً يقضي على الاخلاء ويرفعه الى رئاسة الوزراء. للدولة كل القوة للتصدي للمستوطنين. حبس رجال الدين، وضع قيد الاعتقال الاداري او التقديم الى المحاكمة قادة المتمردين والمحرضين. تقليص كل البنى التحتية التي بنيت من اموال الدولة، اذا رفضوا الاخلاء. ليست هذه اللحظة التي يمكن للسلطة فيها ان تظهر الضعف والتردد. صلاحية الدولة ومصلحتها لها الاولوية. فلا تهددونا بالحرب الاهلية. نحن اقوى واحق. نحن لسنا خائفين. ٭ صحيفة هآرتس