دوت صيحات الفرح وبدأ حشد من الناس بالاحتفال بشكل لافت للنظر بالقرب من مبنى المحكمة الكبرى في تشيلي فور سماعهم قرار المحكمة التي أعلنت أن الديكتاتور السابق أوغوستو بينوشيه بات في حال صحية تسمح له المثول للمحاكمة للدفاع عن نفسه وللاستماع للتهم الموجهة إليه والتي تشمل عدداً من جرائم الخطف والقتل والتعذيب. فحين كان الجنرال بينوشيه حاكماً للبلاد قبل سنوات، كان مجرد ذكر أسمه لأي شخص كفيل بأن يجعله يرتعد خوفاً والتف حوله عدد من المعجبين بسطوته وتقربوا له للاستفادة منه. ولكنه اليوم أصبح كهلاً في التاسعة والثمانين من عمره وأصبح مجرد ذكرى يحاول التشيليون نسيانها لذا تجدهم يتفادون كل ما يتطرق لذكر ذلك الديكتاتور وهذا يشمل كل فعاليات محاكمته. ومضت 15 سنه منذ أن تخلى بينوشيه عن الحكم وظهر جيل جديد لا يهمه الماضي القاسي لمن سبقهم. وحتى الذين عاصروا فترة حكمه يبدون حريصين على تناسي تلك الحقبة تاركين أمر زواله من الذاكرة لعامل الزمن. والأمر يختلف بالنسبة للمدافعين عن حقوق الإنسان، فهؤلاء يرون أن السنوات السبع عشرة التي كان بينوشيه خلالها زعيماً للبلاد مليئة بجرائم لا يجرؤ أحد على تجاهلها. وبناء عليه، يجب أن تتم محاكمة الجنرال العجوز مهما كلف الأمر. ولكن المشكلة في الرأي العام الذي مازال يجبر نفسه على تخطي تلك المرحلة بعد أن سنحت له الفرصة للبدء من جديد بعيداً عن الديكتاتورية والتسلط. يقول خوزيه ميغيل فيفانكو مدير منظمة حقوق الإنسان في أمريكا الجنوبية الجيل الجديد يكاد لا يأبه بالجنرال بينوشيه. ولكن العالم يربط تشيلي بالزعيم أوغوستو بينوشيه وهذا أمر يحرج التشيليين كثيراً حين يختلطون بغيرهم في دول أخرى. فالجميع يريد أن يمحو تلك الصورة السيئة عن البلاد والكل يعمل جاهداً لهذا الهدف بالذات منذ أن تنحى الجنرال أوغوستو عن الحكم. هذا الشعور بات يخالط تلك النسبة الضئيلة التي كانت تؤيد بينوشيه ومازالت تدعمه. خاصة وأنهم مضطرون لكتم دعمهم خوفاً من العقاب فالحكومة صادرت أموال بعض مؤيدي بينوشيه وهو أمر قد يستمر وقد يطول الجميع لذا يبدو أن السكوت أفضل من الفقر. (نيويورك تايمز) خاص ب «الرياض»