عدّ مُؤتمر مجموعة العشرين الذي عُقد مُؤخراً (11-12 نوفمبر 2010م)، في عاصمة كوريا الجنوبية (سيؤول)، مشكلة توظيف اليد العاملة بين أهم مُشكلات العالم. وفي إطار هذه المُشكلة، أورد المُؤتمر في الفقرة الخامسة من بيانه الختامي، وبصيغة المُتكلم باسم الدول العشرين، التي تعدّ نفسها في موقع قيادة العالم، ما نصه التالي: «نحن عازمون على وضع قضية إيجاد وظائف مناسبة في قلب مسألة التطوير المأمول، والإسهام في تفعيل النمو الاقتصادي، وتأمين الحماية الاجتماعية». وقد ألقى الرئيس الأمريكي أوباما في ختام هذا المُؤتمر كلمة ركز فيها فقط في قضية (توظيف اليد العاملة)، من دون مشاكل العالم الأخرى، حيث قال إن للشركات الكبرى أثراً كبيراً ومهمًا في التنمية، لكن حل مُشكلة توظيف اليد العاملة يأتي بصورة رئيسة من المُؤسسات الصغرى والمُؤسسات متوسطة الحجم. وكثير من مثل هذه المُؤسسات تتسم بالطابع المعرفي، أي تستند إلى المعرفة المُتقدمة والتقنيات الحديثة التي تُقدمها. يحتاج إنشاء مُؤسسات ناجحة، صغيرة أو متوسطة الحجم، تُسهم في تفعيل النمو الاقتصادي وتأمين الحماية الاجتماعية، إلى مصدرين رئيسين: تأهيل يُقدم مهارات بشرية قادرة من ناحية؛ ورأسمال يسعى إلى الاستثمار من ناحية ثانية. وإضافة إلى هذين المصدرين، يبرز عاملين ينبغي أخذهما في الحسبان: أولهما عامل ثقافة المعرفة وريادة الأعمال؛ وثانيهما عامل بيئة العمل والحوكمة التي تخضع هذه المُؤسسات لها، وعلى ذلك، فإن هذين العاملين مع المصدرين السابقين، تمثل مُتطلبات التعامل مع قضية توظيف اليد العاملة، والإسهام في تفعيل النمو الاقتصادي، وتأمين الحماية الاجتماعية، ويرتبط أي إسهام دولي أو محلي، في إنشاء المُؤسسات المطلوبة، بهذه المتطلبات، ونطرح هذا الأمر فيما يأتي: على المستوى الدولي، تُمثل مجموعة العشرين القوة الاقتصادية الرئيسة في العالم التي تستطيع التأثير ليس فقط في إطار دولها، بل على مستوى العالم بأسره. وتتكون مجموعة العشرين من (تسع عشرة دولة)، إضافة إلى الاتحاد الأوروبي. ومن بين الدول الأعضاء: دول أوربية هي: بريطانيا، وفرنسا، وألمانيا وإيطاليا، إضافة إلى روسيا وتركيا اللتين تقعان في كُل من أوربا وآسيا؛ وبينها دول آسيوية هي: اليابان، وكوريا الجنوبية، والصين، والهند، وإندونيسيا، والمملكة العربية السعودية، إضافة إلى استراليا التي تقع جنوب قارة آسيا؛ وبينها أيضاً دول أمريكية تشمل: الولاياتالمتحدة، وكندا، والمكسيك، والبرازيل، والأرجنتين؛ ثُم بينها دولة جنوب أفريقيا من القارة الأفريقية. إن الدور الدولي المأمول لمجموعة العشرين يحتاج إلى أكثر من الكلام الذي يُكتب أو يُقال. ويذكرني هذا الأمر بالمثل الصيني الذي يقول: «إن الكلام لا يكفي لسلق بيضة». ولا يبدو أن لدى هذه الدول ما يكفي من الإرادة لقيادة العالم نحو حل مُشكلة التوظيف، خصوصاً وأن بعضاً من أبرزها يعاني من مشاكل اقتصادية محلية؛ وليس أدل على ذلك من مشاكل الدولار المُزمنة، ومشاكل اليورو الحالية، وارتفاع تكاليف التعليم الجامعي في بريطانيا، وغير ذلك مما تنقل إلينا وسائل الإعلام كُل يوم. إن الرهان على حل مُشكلة توظيف اليد العاملة في بلدنا، وإنشاء مُؤسسات واعدة، صغيرة ومتوسطة الحجم، تُعزز النمو الاقتصادي وتدعم الحماية الاجتماعية، يكمن في الإمكانات والقدرات الذاتية. إذا نظرنا إليها، من مُنطلق المتطلبات سابقة الذكر، نجد أن لدينا التأهيل والمُؤهلين، وأن لدينا رأس المال، لكن ما نحتاج إليه هو تفعيل ثقافة ريادة الأعمال التي تُحرك المُؤهلين ورأس المال معاً؛ وهو أيضاً تعزيز لبيئة الحوكمة التي تجعل من هذا التفعيل مُزهراً بالعطاء المنشود، بإذن الله.