تسعى الولاياتالمتحدة الى احتواء التبعات المحتملة لنشر ملايين الوثائق الدبلوماسية السرية من قبل موقع ويكيليكس، محذرة الحكومات في العالم من المعلومات المربكة التي قد تكشف. وتوجه الدبلوماسيون الاميركيون الى وزارات الخارجية على امل امتصاص الغضب الذي قد ينجم عن نشر هذه الوثائق وهي مذكرات داخلية تفتقد الى اللياقة التي يتسم بها الدبلوماسيون في العلن. ويمكن ان تؤثر الوثائق التي تشكل ثالث دفعة يكشفها الموقع منذ نشره 77 ألف ملف اميركي سري حول النزاع في افغانستان في يوليو الماضي على علاقات حساسة تقيمها الولاياتالمتحدة مع دول بينها روسيا واسرائيل وتركيا. وقال رئيس هيئة اركان الجيوش الاميركية الادميرال مايكل مولن في مقابلة تبثها شبكة سي ان ان الاميركية اليوم الأحد ان تحركات موقع ويكيليكس "خطيرة للغاية" خصوصا على امن الجنود الاميركيين. ودعا مولن في المقابلة التي نشر نصها أمس الأول وحصلت وكالة فرانس برس على نسخة منه، المسؤولين عن الموقع الى الامتناع عن عملية النشر هذه. من جهته، قال الناطق باسم الخارجية الاميركية فيليب كراولي "نستعد جميعا لما يمكن ان يأتي وندين ويكيليكس لكشفه مواد سرية". واضاف ان هذه الخطوة "ستعرض حياة اشخاص ومصالح للخطر وتشكل عملا غير مسؤول"، مؤكدا ان الولاياتالمتحدة "تستعد لاسوأ سيناريو". وتابع ان "كبار المسؤولين في وزارة الخارجية يجرون اتصالات بالدول لتحذيرها من احتمال نشر الوثائق". وقال السفير الاميركي في بغداد جيمس جيفري للصحافيين "من الواضح انهم غير مرتاحين. كل شخص يجري محادثات سرية تجد في النهاية طريقها الى الاعلام سيشعر بالاستياء". واضاف "لا افهم دوافع نشر هذه الوثائق لانها تلحق ضررا بقدرتنا على اداء عملنا هنا"، مؤكدا ان كشف هذه الوثائق "يشكل عائقا كبيرا للغاية لعملي الذي يتطلب مناقشات تتميز بالثقة مع الناس". وفي موسكو اكدت صحيفة كومرسانت ان هذه التسريبات تتضمن توصيفات "مزعجة" عن الوضع السياسي والقادة الروس قد تسيء الى موسكو. وكتبت الصحيفة ان كشف المعلومات "يمكن ان يتسبب بتوتر بين الولاياتالمتحدةوروسيا" وكذلك مع نصف بلدان العالم. واكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ان مكتبه لم يبلغ رسميا من قبل واشنطن بشأن كشف هذه الملفات الذي رأى انه عمل يقوم به "لصوص صغار على الانترنت". وقال لوكالة الانباء الروسية انترفاكس "انهم يسرقون وثائق هناك لكن لا يحصل الامر نفسه هنا، او على الاقل ليس بهذا الحجم". ولم يكشف ويكيليكس ما تتضمنه الوثائق لكنه قال انها "اكبر بسبع مرات" من تلك التي كانت تتعلق بالحرب في العراق والتي بلغ عددها 400 الف وثيقة. وقال كراولي ان بين الدول التي اتصلت بها وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون بشأن هذه الوثائق المانيا وبريطانيا وفرنسا وافغانستان بالإضافة لبعض دول الخليج العربي. وقال دبلوماسي تركي رفيع المستوى لوكالة فرانس برس طالبا عدم كشف هويته ان واشنطن اتصلت بسلطات انقرة "لاعطائنا معلومات في هذا الشأن كما ابلغت دولا اخرى تماما". وذكرت وسائل الاعلام التركية ان التسريبات الجديدة تشمل وثائق تقول ان تركيا قدمت مساعدة الى مقاتلي القاعدة في العراق وان الولاياتالمتحدة ساعدت انفصاليين اكرادا متمركزين بالعراق في محاربة تركيا. وصرح وزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو ان تركيا لا تعرف ما نوع الوثائق التي يضمها الملف. من جهتها، قالت كندا ان سفارتها في واشنطن "تعالج هذه المسألة مع وزارة الخارجية" الاميركية. واكدت وزارة الخارجية الاسترالية ان استراليا دانت كشف الوثائق، موضحة ان الولاياتالمتحدة اتصلت بها في هذا الشأن. وقالت ان "التهور في نشر ويكيليكس لوثائق سرية بهذا الحجم يمكن ان يعرض للخطر اشخاصا مذكورين بالاسم في هذه الوثائق ويضر بالمصالح الامنية للولايات المتحدة وشركائها".