يحلّ الكاتب الزميل فهد عامر الأحمدي في الساعة الثانية من ظهر اليوم الجمعة ضيفاً على برنامج "إضاءات" الذي يقدمه الزميل تركي الدخيل في قناة العربية. ليتحدث عن الهموم الذاتية والاجتماعية التي تشغله ككاتب موسوعي يسعى إلى إشاعة المعرفة بين شريحة كبيرة من القراء السعوديين. ومن المعلوم أن مقالات الأحمدي تحظى بشريحة قراء واسعة، وتمتاز بالنسبة الكبرى من التعليقات على موقع صحيفة الرياض على الإنترنت. وينفي الأحمدي في لقائه مع "إضاءات" أن تكون الشبكة العنكبوتية مصدر مقالاته (بدليل صدور زاويته قبل ظهور الإنترنت بعشرة أعوام)، وأكد أن المهم هو وجود فكرة جديدة يتم دعمها وتوثيقها بالمعلومة أيا كان مصدرها، وهذه ميزة ترتقي بالمقال ذاته وتبتعد به عن مقالات الرأي والتنظير.. ورغم عالمية مواضيعه قال إنه كان يعمد دائماً إلى تخصيص مقالة أسبوعية على الأقل في الشأن المحلي، ولكنه في السنة الأخيرة جعل للشأن المحلي حصة أكبر من مقالاته. وفي حديثه لتركي الدخيل قال الأحمدي إن كثيراً من الغيبيات في الماضي هي حقائق علمية اليوم، وأنه حتى مع تقدم العلم والكشوفات الكونية فسيبقى دائماً هناك جوانب غيبية لا نعلمها، مشيراً إلى أن انشقاق القمر والطير الأبابيل اللذين جاء ذكرهما في القرآن معروفان في تراث الأمم السابقة مثل الصينين والرومان، وأن كشف هذا الجانب يساعد في زيادة الإيمان وليس في زعزعته كما قد يتصور بعضهم. وقال الأحمدي إن (بعضاً) من رجال الدين في وسائل الإعلام يقومون ببيع النصوص والفتاوى، واختاروا لأنفسهم وظيفة تشبه بيع البابوات لصكوك الجنة، ولكن بطريقة إليكترونية. تركي الدخيل ولد الأحمدي في حي العطن بالمدينةالمنورة عام 1966، وساعده الاحتكاك في طفولته بعشرات الجنسيات من الحجاج والمعتمرين الذين يفدون إلى المدينة في التعرف إلى الثقافات والتحدث بعدة لغات، وقد بدأ الكتابة اليومية في جريدة المدينة عام 1991، ومنذ 1999 أصبح كاتباً يومياً متفرغاً في جريدة الرياض السعودية. وحسب قوله إنه يشكو من عزلة في الواقع بينما يتمتع بعلاقات واسعة في العالم الافتراضي حيث تنشر مقالاته في أكثر من 100 ألف موقع (بدليل الشيخ جوجل) ويتمتع بصداقة تسعة آلاف إنسان مسجلين في صفحته على الفيس بوك ومع هذا لا يعرف جيرانه. وقال إن هذه العزلة هي سمة للجيل الجديد، مشيراً إلى أنه يرى نفسه محظوظاً لكونه مصابا بالببلومانيا (عشق الكتب والقراءة) الأمر الذي يفسر دراسته في خمس جامعات سعودية وأمريكية من دون أن يحصل على شهادتها النهائية. وتحدث الأحمدي في اللقاء عن مأزق التطرف الذي أصاب الأمة الإسلامية مؤكداً أن الحيرة والإحباط دفعا بعضاً من أبناء المسلمين إلى الارتداد عن الإسلام، وإن الجزائر وأندونيسيا كمثال تشهدان ارتفاعاً في أعداد من يعتنقون المسيحية من أبناء المسلمين. وقال إن مقالته التحذيرية التي تحدثت عن هذه القضية منعت حينها من النشر خشية ردة الفعل. وقال إن بعض الأديان مع تراكم الزمن وبفعل أتباعها تتحول إلى التشدد الذي يتسبب في نفرة الاجيال الجديدة إثر التشوه الذي يعلق بها. وأكد الأحمدي أن العرب المسلمين هم المثال الذي يتطلع إليه المسلمون في أنحاء العالم ولكنه في الواقع مثال لا يشجع غير المسلمين على اعتناق الدين. وقال الأحمدي أن نسبة كبيرة من مقالاته لا تنشر، أو يختار هو عدم نشرها قبل إرسالها إلى الصحيفة بفعل الرقابة الذاتية. وحول ما نقل على لسانه في حوار صحفي سابق أن 90% من مشاكل المرأة السعودية نابعة من النقاب، قال إن انتقاب المرأة حق شخصي (رغم اختلاف العلماء) ولكنه كظاهرة اجتماعية تسبب من دون شك في عزلها عن ممارسة حقوقها وأصبحت بالتالي بحاجة إلى من يعرِّفها ويؤكد هويتها حتى في البنوك، وقال إن وجه الإنسان هو هويته، وحينما تلغي وجه المرأة تلغي هويتها بشكل تلقائي وتصبح بحاجة إلى من يعرفها ويرعى شؤونها. ويرى الأحمدي أن الأحداث الحالية أثبتت أن الصحوة الدينية في السعودية كانت تشدداً في الظاهر وخواءً في الداخل، وأن الثقافة الدينية ترسخ مفهوماً مشوهاً للدين يجعل التشدد أمارة للتقوى. وقال إن المجتمع يعيش حالة حيرة ويحكمه تياران غير نزيهين، ولهذا اختار ألا يكتب في قيادة المرأة السيارة ولا السينما، والموقف من هيئة الأمر بالمعروف، لأنها في حقيقتها لا تسعى إلى الإصلاح بل مجرد موضات لتصارع غير نزيه يحكمه من يرفع صوته أكثر. وقدم الأحمدي اعتذاره عن مقالة نشرها في جريدة "الرياض" انتقد فيها سقف الحريات المرتفع في هولندا، وكانت سبباً في احتجاج السفير الهولندي في الرياض، وقال الأحمدي رغم قناعتي بما كتبت إلا إنها تظل اعتداء على ثقافة الآخر.